يسكت الديمقراطيون عندما يتعلق الأمر بالغرب ويسكتون عندما يتعلق الأمر بنا. هذا ما اكتشفناه ونحن نشاهد تفريق المتظاهرين ضد قمة العشرين بهامبورغ الألمانية. تفريقهم بخراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع ورذاذ الفلفل الحار وكل الوسائل المتاحة والممكنة. وذلك في ظرف ثلاثة أيام لم تصبر فيها الشرطة الألمانية، بينما صبر الأمن في المغرب مدة ثمانية أشهر من الحراك الاجتماعي بالريف، ولم يتدخل إلا عندما تم تحوير مساره وتدخلت جهات أخرى لاستغلاله سياسيا.
في ألمانيا يحدث ما لا يتحدث عنه الذين تعلموا الديمقراطية في خمسة أيام. الديمقراطية نقيض للفوضى. بل هي أداة من أدوات الاستقرار السياسي والاجتماعي، لكن حين يحاول أي واحد أن يحولها إلى فوضى تتدخل الدولة بما هي سلطة وقوة لردع المخالفين للقانون. في ألمانيا انتشرت أشرطة فيديو تجسد الطريقة التي تصدى بها عناصر الأمن بمدينة هامبورج الألمانية للآلاف المتظاهرين، الذين جاؤوا من كل أنحاء أوروبا للاحتجاج ضد قمة العشرين، وحسب وكالات الأنباء فقد خاضت قوات الأمن الألمانية معارك كر وفر مع آلاف من أنصار أقصى اليسار الذين حاولوا، اقتحام منطقة حظر التظاهر وسط مدينة هامبورغ التي تستضيف أعمال قمة مجموعة العشرين.
قوات حفظ النظام تستعمل وسائل ردع، ولا توزع الحليب والتمر على المحتجين، الذين يتجاوزون القوانين الناظمة، حيث استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين كما استعملت رذاذ الفلفل الحارق في أحيان أخرى.
وفي المغرب حيث تتواصل الاحتجاجات ليس لبضع ساعات وإنما منذ ثمانية أشهر، لم يتدخل الأمن إلا مرات قليلة حفاظا على الممتلكات العامة وعلى أمن المواطنين، قامت الدنيا ولم تقعد، رغم أن عشرات الأشرطة والصور تبين استعمال المتظاهرين للعنف سواء ضد القوات العمومية أو ضد المواطنين أنفسهم.
ووصلت الوقاحة بالمحتجين إلى استعمال الأطفال، حيث تم توظيف طفل لا يتجاوز عمره عشر سنوات في تسجيل فيديوهات خطيرة وتم استدعاء والده الذي قال إنهم استغلوه فقط بعشرة دراهم.
فما الفرق بين هامبورج والحسيمة؟ إنها فقط الحكرة الناتجة عن الانتماء الجغرافي. وكما توجد كتب لتعليم اللغات في خمسة أيام توجد تيارات لتعليم الديمقراطية في خمسة أيام. وكما أن تعلم اللغة بتلك الطريقة يخرج لسانا مشوها فكذلك تعليم الديمقراطية بهذه الطريقة يخرج مناضلا مشوها.
في كل بلاد الدنيا، حتى الدول المعدودة مهدا للديمقراطية، يقوم الأمن برعاية المصالح العامة والخاصة، ويقوم بالضرب على يد كل واحد يريد أن يعبث بأمن الوطن والمواطنين، ولا تختلف دولة عن أخرى في هذا المجال مهما اختلف منسوب الحريات، لكن ليس من باب التحرر أن يقوم المتظاهرون بتخريب الممتلكات العمومية ورشق عناصر الأمن بالحجارة وإرسال بعضهم للمستشفيات.
الديمقراطية هي أداة للتداول على تدبير الشأن العام، وبموازاتها تأتي الحقوق مرفوقة بالواجبات ويأتي احترام القانون كأولوية، ويمكن التضحية بكل شيء مقابل الاستقرار والأمن.