جاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان (المجلس الاستشاري سابقا) من أجل تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتحول فيما بعد إلى مؤسسة دستورية، هدفها حماية حقوق الإنسان، عن طريق الاشتغال كمؤسسة بعيدا عن المزايدات السياسية والإيديولوجية، وخوله الدستور العديد من الصلاحيات والأدوات من أجل الاشتغال، وهي ما لم يتوفر لمؤسسات أخرى.
مجلس تتوفر له كل الوسائل والأدوات يمارس أيضا الإشاعة مثله مثل غيره من الجمعيات، التي تمارس السياسة أكثر من اشتغالها على الملفات الحقوقية.
يزعم المجلس أن هناك وثيقة تسربت حول التحقيق في ملف الحسيمة تقول إن رجال الأمن قاموا بتعذيب المعتقلين بالحسيمة.
المجلس يزعم أن وسائل الإعلام تناولت تقريرا بشأن مزاعم بالتعذيب قد تكون لحقت ببعض معتقلي الحركة الاحتجاجية بالحسيمة، ويتحدث عن التسريب الجزئي للوثيقة.
من سرب الوثيقة؟ أليس للمجلس الأدوات للحفاظ على تقاريره في السرية حتى يقدمها للجهات المعنية ثم للعموم؟ ماذا يريد الذي سرب الوثيقة؟
أولا وقبل كل شيء يتحمل كل من إدريس اليزمي، رئيس المجلس، ومحمد الصبار، الأمين العام للمجلس ذاته، المسؤولية كاملة عما وقع، ولم يبق أمامهما سوى تقديم استقالتهما عن خطإ فظيع وهو خطأ قد يكون مقصودا خدمة لأجندات أخرى غير أجندة الاستقرار، ويتحملان المسؤولية في نشر الإشاعة، ولا يمكن أن يبقى المجلس بعيدا عن المحاسبة، وهي لا تعني فقط مراقبة صرف المال العام ولكن أيضا المراقبة حول احترام أدوات الاشتغال.
ما حدث يفيد أن المجلس لا يتوفر على أدوات اشتغال وليس مؤسسة محترفة مهنية وموضوعية، بقدر ما هو شبيه بجمعيات تمارس الإيديولوجية وليس لهذا الغرض جاء والدليل العدد الكبير من الملتحقين بالمجلس الذين ينتمون إلى جهة جغرافية معينة ويتقاضون تعويضات خيالية.
الذي سرب الوثيقة يهدف إلى إثارة الفوضى. كيف تتسرب وثيقة دون أن تكتمل وتقف عند ويل للمصلين؟ وثيقة تتهم رجال الأمن بتعذيب المتظاهرين لم تستمع نهائيا للمعنيين بهذه التهم ولم تورد ردهم عليها، كما تضمنت تصريحات لشخصيات ذات أهداف سياسية، وبالتالي بعيدة كل البعد عن الموضوعية.
ما تم الترويج له من خلال هذا التسريب هو نفسه ما تروج له الجهات المغرضة بالداخل والخارج، وهو محاولة لتصوير المغرب أرضا للتعذيب والقمع وليس مؤسسات تقوم بدورها في حماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.
التسريب المذكور طارت به الجهات المعلومة والكتائب والذين يريدون سوءًا بالمغرب والذين لا يريدون أن ينتهي التوتر بالمنطقة، واستغلوه أسوأ استغلال، دون أن ننسى أن المنظمات الدولية، التي تتاجر في ملفات حقوق الإنسان بالمغرب، تتلقف مثل هاته الأخبار وتصنع منها حقائق تروجها في العالم.
جاء المجلس من أجل ترسيخ قيم الموضوعية في مجال البحث الحقوقي وفي مجال التحقيق في الخروقات، لكنه بصنيعه هذا سقط في الانحياز الذي يميز عمل أغلب الجمعيات، بل إن تصريحات معتقلي الحراك لم تصل إلى هذه الدرجة من التفاهة التي سقط فيها المجلس.
المطلوب اليوم وبإلحاح كبير استقالة اليزمي والصبار وفتح تحقيق عن تسريب وثيقة بشكل مغرض قصد الإساءة للمغرب.