لم نكن، في هذه الصحيفة، مخدوعين بشعارات العدالة والتنمية، وخصوصا مزاعم عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب بالتمديد المتعلقة بدوره في الحفاظ على الاستقرار، وتصدينا ذات زمن لوحدنا لهذه الادعاءات واعتبرناها مجرد خديعة، وكنا نبدو متآمرين على حزب ديمقراطي، لكن التحق أغلب من كان ينتقدنا بنقدنا وكثيرون تبنوه كأنه ملك لهم، وتساءلنا ذات يوم عن أطروحة الاستقرار التي يزعمها الحزب وافترضنا عدم وجوده وخلصنا إلى أن الاستقرار كان قبل وأثناء وحتى بعد البيجيدي.
سقنا هذا الكلام بعد أن قرأنا حوارا للمسؤول الجهوي عن حزب العدالة والتنمية وبرلماني بالغرفة الثانية مع إحدى الأسبوعيات، حيث قال إن هناك جهات عليا طلبت منه الوساطة من أجل حل أزمة التوتر بالريف، غير أنه رفض أن يكون وسيطا، واشترط الكثير من الأمور ليقوم بهذا الدور "التاريخي"، وكانت اشتراطاته أكثر من مطالب أصحاب الحراك.
أولا لماذا ستقوم الدولة أو هذه الجهات بتوسيط شخص شروطه أكبر من مطالب الحراك نفسه؟ لماذا لا تقوم بالاستجابة لهذه المطالب التعجيزية دونه؟
ثانيا، وهنا مربط ومربض الفرس، هو أين هي أطروحة الحزب الذي يزعم أنه عنصر أساسي في استقرار المغرب؟ لو عول عليكم المغرب لقدتموه إلى الهاوية. مسؤول الحزب بموقع الحراك يرفض أن يتوسط في الخير من أجل حل المشاكل ويزعم أنه يريد الاستقرار.
إن صحت فكرة طلب الوساطة فإن رفضها واشتراط ما لا يشترط في الحوار هو دعم للفوضى وليس الاستقرار، ونحن نعرف أنه ليس صادقا بتاتا في مسعاه، خصوصا من خلال تتبع تدخلاته بالقنوات الأجنبية والعربية حيث يصب الزيت على النار بدل الدعوة للهدوء، ولم يكن في يوم من الأيام موضوعيا لأن غرضه ليس الوصول إلى حلول ولكن مزيدا من الأتباع الجدد الذين ينفعون يوم الاقتراع.
حزب يدعي أنه عنوان للاستقرار في المغرب لم يقدم أية مبادرة مهما كانت لنزع فتيل التوتر بالريف، بل يساهم في تلغيم الأرض وزرع الفتائل القابلة للاشتعال.
ما وقع في الحسيمة يعري بكل تأكيد مزاعم الحزب الإسلامي، ويؤكد بالملموس أنه لم يكن في يوم من الأيام عنصر استقرار، وما منعه من فعل غير ما فعل هو نقصان شجاعة متأصلة، ولو وجد الفرصة سانحة لضرب بشعاراته عرض الحائط وتبنى خيارات أخرى.
الحزب الذي يزعم دعمه للاستقرار هو الذي قاد الحكومة منذ 2011، قدم فقط خدمات لنفسه ونسي أو تناسى مشاكل المجتمع، مسؤول مباشرة عما يقع حاليا. لقد اهتم بنكيران بالخطاب ولم يول اعتبارا ليوم الحساب، الذي قد يأتي بعد انتهاء التحقيق من تحديد المسؤوليات بخصوص المسؤولين عن تعطيل تنفيذ المشاريع.
رئيس الحكومة تقع تحت مسؤوليته مراقبة تنفيذ المشاريع لكن الزعيم الإسلامي قال لهم "فين جات الحسيمة". لو قامت حكومة البيجيدي بمهامها على أحسن وجه لما وصلنا إلى هذه المواصل.
إذن قادة البيجيدي لا يصلحون للوساطة ولكن كثير منهم ينبغي أن يحاسبوا على التفريط في المسؤوليات وترتيب النتائج والعقوبات حتى لو كانت السجن.