استمر حراك الريف لمدة تتجاوز السبعة أشهر، إذ منذ الوفاة المأساوية لمحسن فكري، بائع السمك بالحسيمة، والساكنة تخرج رافعة لشعارات ذات مضمون اجتماعي، وتبقى المطالب التي يرفعونها معقولة ومقبولة، لكن هذا لا يعفي قادة الحراك من المسؤوليات عن التخريب الذي وقع أكثر من مرة في الحسيمة ونواحيها، والتعنيف الذي تعرض له رجال الأمن، بل إن معقولية المطالب لا تنفي تورط بعض العناصر في "اللعبة" التي أساسها نشر الفوضى في المنطقة.
شخصيات سياسية ومدنية ومنذ سنوات تدعي انتماءها للريف، ولن ننفي عنها انتماءها بحكم الولادة، لكن مع مرور الأيام تبين أنه لا أحد من هؤلاء استطاع أن يخرق ثقبا في جدار عدم الثقة، فبعد أن أصبح الحراك رافضا للحكومة وأي حوار معها، لم تتدخل شخصية من عالم السياسة والعمل المدني والثقافة من أجل أن تكون وسيطا في الملف.
إذا كانت هذه الشخصيات تزعم منذ سنين طويلة أنها تمثل الريف فلماذا لم يسمع لها أهل الريف ولماذا لم تتدخل أصلا؟ وهنا نخلص إلى نتيجة مفادها إما أن هؤلاء لديهم امتداد شعبي ولا يريدون حل المشاكل، أي أنهم منخرطون في مشروع الفوضى، أو أن الساكنة لا تعرفهم وليست لهم علاقة بها.
تتوفر كافة الأحزاب السياسية على فروع بالمنطقة، ومنها الأحزاب الممثلة في البرلمان، بعض هذه الأحزاب تصب الزيت على النار مثلما يفعل نبيل الأندلوسي برلماني حزب العدالة والتنمية، والبعض يتفرج منتظرا انتصار الشارع وتحقيق الفوضى.
حزب الأصالة والمعاصرة يترأس من خلال أمينه العام جهة طنجة تطوان الحسيمة ويترأس عددا كبيرا من الجماعات المحلية، ومع ذلك لم يتدخل لربط قنوات التواصل ووضع حد لحالة التوتر التي تعيشها المنطقة.
حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي من الأحزاب العريقة كان المفروض تحريك تمثيلياتها هناك، خصوصا وأن رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية نورد الدين مضيان من الريف.
لكن لا شيء من هذا حصل، وتبين أن الأحزاب تلهف المال العام في غياب دفتر للتحملات والجمعيات تحصل فقط على الدعم لكن العمل على أرض الواقع غير موجود.