لماذا لا ينضم نشطاء حَراك الريف إلى شبيبات الأحزاب، ويناضلوا من داخلها لتحقيق مطالبهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، ويصلوا – حتى- إلى مراكز السلطة؟ هذا ما طرحه البعض كسؤال، فيما اعتبره البعض الآخر مدخلا وحيدا للتعبير السياسي والاجتماعي، مثل إدريس لشكر الذي قال، عقب اجتماع الأغلبية البئيس، إن “المطالب والاحتجاجات تنظمها وسائط وضعها البناء المؤسساتي للبلاد”، وهو يقصد بأن الزفزافي ورفاقه من شباب الحراك أخطؤوا العنوان عندما حملوا مطالبهم إلى الشارع بدل مقرات الأحزاب.
لنتأمل وضعية شبيبة حزبين تاريخيين، هما الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، لنرى حجم الأمراض التي عششت فيهما ودمرت جهاز مناعتهما. والتشخيص الذي سنقوم به لهاتين الشبيبتين يجري، بتفاوت، على أغلب الشبيبات الحزبية التي لم تعد تغري أحدا، وأصبحت أشبه بروض للأطفال، يعهد إليه قياديو الأحزاب لأبنائهم والموالين لهم، حتى يتفرغوا هم للاجتماعات التي تصدر عنها قرارات مصرية، بما فيه ذلك القرارات التي تهم شبيبة الحزب نفسها.
في شتنبر 2016، اعترض حمدي ولد الرشيد، على ترشيح عمر العباسي، الكاتب الوطني للشبيبة الاستقلالية، وكيلا للائحة شباب الحزب في انتخابات 7 أكتوبر، بمبرر أن العباسي “حرطاني”، وحسب ما نشرته الصحافة، حينها، ولم ينفه ولد الرشيد، فإن هذا الأخير قال لقيادة الحزب: “إذا وضعنا عباسي على رأس لائحة الشباب، فإن سكان الصحراء لن يصوتوا لحزب الاستقلال”.
وبدلا من أن تتم إقالة ولد الرشيد من الحزب بسبب هذا التصريح العنصري، أو يقدم، على الأقل، اعتذارا عنه، رضخ شباط لمطلبه ووضع صهره الشيخ ميارة على رأس اللائحة الوطنية للشباب الاستقلالي. وها هم أغلب قياديي حزب الاستقلال الذي كانوا، بالأمس القريب يهتفون باسم شباط، يزفّون ولد الرشيد كمنقذ للحزب وزعيم للحركة الإصلاحية.
بعد حوالي شهر من وصف ولد الرشيد للعباسي بالحرطاني، سيمنع إدريس لشكر الكاتب العام للشبيبة الاتحادية، عبدالله الصيباري، من دخول مكتبه بمقر البرلمان حيث كان يشتغل بالعقدة مع فريق الحزب بمجلس النواب، عقابا له على استقالته “المعلقة” من الشبيبة، قبل أن يطوح به في ترتيب متقهقر باللائحة الوطنية للشباب لانتخابات 7 أكتوبر لم يسمح له بالوصول إلى البرلمان. ومع ذلك بقي خليفة الساسي وحفيظ وحسن طارق.. على رأس الشبيبة الاتحادية، يصفق لإدريس لشكر ويبارك خطواته ويدافع عنه ضد معارضيه، ليس بالجدل والتحليل المعروف عن الاشتراكيين، بل بترديد عبارة: “إدريس لشكر ما عندو زهر” مع من يعارضونه (هكذا كتب يقول).
كيف يطلب لشكر من الشبيبة المغربية أن تحمل معه “الوردة التي توبخ العالم”، بتعبير الشاعر أحمد بركات، وهو الذي لم يسمح للبرلمانية ضمن لائحة الشباب، حنان رحاب، حتى بالتعبير، في صفحتها الخاصة بالفايسبوك، عن رفضها للانقلاب الفاشل في تركيا، بمبرر أن النظام المغربي لم يعلن عن موقفه بعد؟! فانضبطت.
إن وضع شبيبة الأحزاب “الديمقراطية”، مع ما وصلته من إفساد وتدجين لقياداتها، شبيه بـ”العبودية المختارة”، كما عبر عنها Étienne de La Boétie في كتابه الشهير: “مقالة في العبودية المختارة”. شباب فقدوا أصواتهم وتحولوا إلى مجرد صدى لصوت الزعيم.