أسمع محتجون كثر أصواتهم أمس في الرباط، وقالوا مايريدون قوله عما يجري في الحسيمة منذ شهر أكتوبر الماضي.
الآن الكرة في ملعب الحكومة.
يجب أن يصل رد ما على مطالب الناس. يجب أن تكون الحكومة، وهي المسلحة بدستور 2011، قادرة على أن تجيب الناس، وأن تقول لهم إن هذا المطلب عادل ومشروع سننفذه، وأن المطلب الآخر غير ممكن التحقيق ولن ننفذه.
يجب أن تقول الحكومة للناس هذا الكلام معززا بالأدلة، ومرفوقا بالبراهين، ومستندا على وقائع.
الذي يقع في الحسيمة منذ شهر أكتوبر الماضي هو أن لا جهة أرادت تقديم إجابة اجتماعية على مطالب اجتماعية، الجهة الوحيدة المخول لها تقديم هذا الجواب الاجتماعي هي الحكومة، وهي لم تستطع لا في عهد ابن كيران الذي كان يصرف الأعمال، ولا في عهد العثماني الذي تولى بعده هذا «التصريف» أن تقدم هذا الجواب.
سؤال الوساطة الذي طرح بقوة منذ أكتوبر سؤال وجيه، يجب على الحكومة أولا وعلى أحزابنا ثانيا وعلى جمعياتنا ثالثا أن ترد عليه.
دعوكم من النقاش الأمني أو الحقوقي الآن.
الأمنيون يقومون بمهمتهم وهي ضبط النظام العام.
الحقوقيون يقومون بمهمتهم أي التنديد بكل الخروقات والتجاوزات.
الآن النقاش اجتماعي محض، وهو الأهم: الناس تريد شغلا وتطبيبا وتعليما وحاجيات بسيطة أولية.
على الحكومة أن تقدم جوابا على هاته الأمور، وحكاية أن نهرب جميعا من الجواب إلى الإنشاء وتدبيج البيانات التضامنية التي تريد فقط ذر الرماد في الأعين هي حكاية غير سليمة بالمرة.
حكاية أن نتفرج عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مايقع، وأن نعتبر أن الطرف الآخر هو المخطئ، حكاية غير سوية.
حكاية أن نعتبر كل ما يأتي من الحسيمة خطأ حكاية غير عاقلة، وأيضا حكاية أن نعتبر كل مايأتي من الحسيمة صوابا حكاية غير عاقلة.
الصواب اليوم هو أن يقوم كل طرف بمهمته، أن يملأ منصبه أو أن يترك لآخرين القيام بهاته المهمة.
دور الحزبي المغربي ليس أن يتباكى في الفايس بوك ولا أن يتظاهر في المسيرات ولا أن يقلد الشباب في «الهاشتاغات». دور الحزبي المغربي أن يملأ دور الوساطة هذا ملأ كاملا، بعيدا عن المزايدات، بعيدا عن تصفية حسابات الانتخابات العالقة، بعيدا عن التوتر اللحظي المرتبط بإزالة أو عزل أو إعفاء أو ماشابه.
وطبعا هناك الراكبون على كل شيء، ولا أحد استغرب أن تركب العدل والإحسان على مسيرة الرباط وأن تقودها وأن تنظمها. لا أحد استغرب دخول قنوات تلفزيونية أجنبية على الخط وإحياءها لتوتر لاتريد له أن ينطفئ. لا أحد استغرب أن يكون أعداء المغرب من البوليساريو وغيره في مقدمة الداعمين في أوروبا لكل مايجري الآن. لماذا؟
لأننا لم نتوقع من خصوم هذا البلد ومن متصيدي الفرص له الهدايا أبدا. فدور هؤلاء هو أن يركبوا، لأننا جميعا منحناهم فرصة الركوب هاته.
جميعا، نقصد كلنا: سواء كنا من الدافعين بالشعارات إلى حد فقدان معناها العدمي، أو كنا من أصحاب نصرة «الزرواطة» وليكن مايكون.
منذ البدء، أي منذ شهر أكتوبر من السنة الفارطة، ونحن ندعوا فقط لإعمال العقل ولا أحد أراد الإنصات لنا. الكل متشبث بحمقه في هاته الجهة أو في الأخرى، والآن نحن أمام السؤال الكبير المطروح علينا ولابد من إجابة عنه.
لابد من العثور على جهة قادرة على هاته الإجابة، ولابد من تقديم الإجابة مرفوقة بما يعززها واقعيا.
كلام الإنشاء والهروب والاختفاء، وإيقادها من الأسفل بغية تقديم الذات بديلا لم يعد له أي محل من الإعراب المغربي اليوم.
هناك سؤال مطروح، ولابد له من جواب. ابتدأ الكلام.
AHDATH.INFO