قالت العرب قديما "وعاد وبال البغي على صاحبه"، ويقول المغاربة "اللي حفر شي حفرة يطيح فيها". لقد توغلت دولة قطر الصغيرة في البغي على جيرانها وحتى على الدول البعيدة منها، ولم توقر قريبا ولا بعيدا ولا رعت للقواسم المشتركة إلا وذمة، وإنما اعتمدت على ذخائر النفط والغاز وأسست منظومة للشر قوامها الإعلام وأركانها دعم التنظيمات القادرة على زعزعة الاستقرار في الدول وتأليب المعارضات المصنوعة في أروقة الفنادق الكبرى.
لقد تغولت قطر كثيرا، حتى أصبحت تهدد دولا كبرى، غير آبهة بالمثل القائل "عاش من عرف قدره"، لكنها ظنت أن الدنيا مجرد قناة فضائية واسعة الانتشار ومثقفين يروجون لأطروحاتها وتنظيمات تقوم بما تطلب منها، ناسية أن الجغرافية السياسية تتبدل مع مرور الوقت، وأن الدولة القطرية الصغيرة أو المجهرية ستكتشف أنها لم تكن بتاتا لاعبا إقليميا وإنما توهمت ذلك في غفلة من الزمن السياسي بالمنطقة العربية حيث تم تكليفها برعاية الربيع العربي فاجتهدت كثيرا من جرابها واليوم أصبحت مثل مناديل الورق.
رغم أنها ليست لاعبا إقليميا لكن بحكم كونها أداة وظيفية حاولت تجاوز الدول الإقليمية المهمة، ولعبت أدوارا "شيطانية" من قبيل دعم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي تسبب في زعزعة الاستقرار في العديد من الدول وأساسا مصر، وحاول مع دول أخرى ومنها دول الخليج التي يرتبط معها بميثاق دفاع مشترك.
لقد كان للمغرب نصيب من التحرش القطري، وكانت تريد أن تكون انطلاقة الربيع العربي من المغرب عندما زعم مراسل الجزيرة بالمغرب أن تحرير بوابة ميناء سيدي إفني كلفت سبعة قتلى بينما لم يكن هناك أي شيء من هذا القبيل، وكان الغرض هو إخراج المواطن المغربي للشارع بأية وسيلة كانت.
لقد تخصصت الجزيرة قبيل الربيع العربي في نقل تشوهات المجتمع المغربي، التي توجد لها نظائر في كل بلدان العالم، كأن تقوم بإنجاز روبورتاج عن رجل يقطن بمرحاض وآخر جنب السكة. لكن المغرب تفطن للعبة الكبيرة فأغلق أبواب قناة الشر.
لقد أوجدت قطر لها في المغرب قاعدة من الأتباع، حيث اشترت كثيرا من المثقفين والإعلاميين، الذين لبسوا ثياب الثورة نيابة عن راعيها، كما تبنت الدفاع عن حزب سياسي باعتبارها راعية لأمه.
هذه القناة تخصصت في كل البلدان العربية وغير العربية، باستثناء قطر طبعا، التي لم نكن نشاهد لها خبرا في قناة الجزيرة، وسبحان مبدل الأحوال، أصبحت الفضائية اليوم متخصصة فقط في الدفاع عن قطر، التي وضعها أشقاؤها في المربع الضيق جدا، حيث أصبحت معزولة عن العالم.
اليوم وقد ضاق الحال بهذا البلد، فهو رسالة لمن يطغى على الآخرين فقط لأنه كان في وقت من الأوقات أداة وظيفية، وهو رسالة للأحزاب المرتبطة بالإخوان المسلمين، ولحركة التوحيد والإصلاح، التي تعتبر يوسف القرضاوي "إماما للزمن وفقيها للأمة بلا منازع" وهو مجرد مفتي الفتن والتخريب والقتل، وذلك قصد تغيير الوجهة والقطع مع الأممية الإسلامية لفائدة الوطن.
Annahar