أحسن سعد الدين العثماني، وهو الجامع بين رئاسة الحكومة ورئاسة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية والطب النفسي، اختيار عناصر مرافعته أمام أعضاء من شبيبة حزبه، حين استشهد أكثر من مرة بطريقة سلفه في رئاسة الحكومة، عبد الإله ابن كيران، في تدبير تفاصيل الجهاز التنفيذي.
ومما تسرب عن هذا اللقاء المغلق أن العثماني، حين ووجه مثلا بما اعتبر رضوخا وقبولا بعبد الوالي الفتيت وزيرا للداخلية في حكومته، رغم ما عرف عنه من “عداوة” للبيجيدي حين كان واليا على جهة الرباط، رد بما يفيد بأن ابن كيران نفسه قبل بمحمد حصاد وزيرا للداخلية حتى والأخير كان وراء “منع” نشاط حزبي للأمين العام للبيجيدي نفسه وهو حينها “مجرد” رئيس للحكومة، فيما حصاد “مجرد” وال على جهة طنجة.
ولأنه يوجد وسط الحزب من لم يستوعب بعد أن تدبير الحكومة لا علاقة له بتدبير فرع حزب أو شبيبة حزب أو جمعية حزب، وينتظر من رئيس الحكومة أن “يتكونيكطا” على الفايس بوك كلما جد جديد ويشرع في كتابة التدوينات ووضع الجيمات على التعليقات، (لأنه يوجد هذا الصنف) فإنه حين ساءله ولامه البعض على تكتمه حول الكثير من تفاصيل مشاورات تشكيل الحكومة استشهد بما سبق أن قاله ابن كيران: “ليس كل شيء يقال”.
هذه الطريقة الجديدة في الدفاع، المبنية على قاعدة “من لحيتو لقم ليه” و”علاش حرام على سعد الدين وحلال على عبد الإله”، مفيدة في “سد الأفواه المشرعة”، ومن الطبيعي جدا أن يلجأ إليها العثماني في مواجهة من يتهمه بالخيانة ويصفه برئيس “حكومة المهانة”، إنما هي طريقة محفوفة بالمخاطر لأنها ترسخ “أسطورة” يزعم أصحابها أن الوحيد الصالح ليرأس الحكومة في المغرب هو ابن كيران، وأن كل من يحل محله، حتى وإن كان “الأخ سعد”، مجرد “نسخة سيئة” لأصل لا يستنسخ يسمى “السي عبد الإله”.
منذ خروجه الضعيف على قناة ميدي 1 تيفي، بدا أن العثماني استدرج إلى ساحة التبرير، وعوض أن يسوق لنفسه صورة الشخصية المستقلة القوية حشر نفسه في الزاوية الضيقة وظهر كمن يشعر يوخز ضمير، وقد جعله إخوته فعلا يشعر بالذنب بعدما “رموه” في غياهب الحزب.
هو يحاول امتصاص الضربات “الأخوية” القاسية التي يتلقاها منذ “قبل” تعويض ابن كيران في تشكيل الحكومة، ووجد نفسه مجبرا على العيش في جلباب الأمين العام للحزب. ولأنه سقط فعلا في هذا الفخ، عوض أن يختار “قتل الأب” (“قتل” الأمين العام في هذه الحالة)، فلا أحد من أبناء حزبه يحاسبه، حاليا على الأقل، على ما يفعل إلا بالإحالة دائما على ابن كيران، والمؤسف أنه يجاري أصحاب هذا الطرح بشكل غريب. حتى بعدما استهلكت حكاية “حكومة الإهانة”، أو كادت تصير كذلك، ظهر “جيل جديد” من النقاشات، عموده “فين غادي يسكن سعد الدين” و”علاش بدل الطباسل”، كأنما العمل الحكومي هو مجرد إرضاء لنزوات البعض نحو التقشف الزائف.
عيب البيجيديين أنهم يعتقدون أن الحكومة شأن حزبي فقط، وأن دور من تبقى من المغاربة محصور في أن يصفقوا لها إن هم رضوا عنها وأن يغضبوا عليها إن هم غضبوا عليها، فيما الكثير منهم يتلذذ بالزبدة ويسيل لعابه على ثمنها أيضا. وقد كان حريا بمن يلوم الرجل على اختياره الإقامة في البيت الوظيفي، عكس ابن كيران الذي اختار الاستمرار في بيت زوجته، أن يطلب من أصحاب “الأفواه المشرعة” أن يزهدوا قليلا في المكاسب التي تأتيهم من مؤسسات يطعنون فيها بشكل غير مباشر، وهي مكاسب لا يستحقونها أحيانا، لأنهم يقضون وقتهم في تصريف نزواتهم السياسية في تدوينات على الفايس بوك.
رضوان الرمضاني
#مجرد_تدوينة