كلما حقق المغرب نجاحات أصبح في عين العاصفة. ولهذا لا نستغرب عندما نجد صحفيين ومثقفين مغاربة يرتمون في أحضان الأجنبي حتى العربي منه قصد تنفيذ خدمات مقابل مبالغ مالية. ولا نعتقد أن المال وحده هو من يحرك هؤلاء فقد تكون لديهم القابلية لخيانة الوطن متأصلة في جيناتهم، مثلما كانت لدى البعض القابلية للاستعمار مثلما تحدث المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي.
أصبح المغرب رقما صعبا مستصعبا في الجغرافية السياسية. فلا محيد عن أدواره في إفريقيا وفي مكافحة التطرف والإرهاب. فهو بلد محسود من قبل الأعداء وحتى بعض ممن نسميهم أصدقاء. بلد ناهض تتوجه إليه أنظار العالم للاستفادة من خبرته في مواجهة الإرهاب العالمي وتطلب دول كثيرة مساعدته مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا كما يطلب مجلس الأمن الاستماع لخبرته في المجال علها تكون دافعا لباقي الدول.
كنا في السابق نفهم لماذا يرتمي مغربي في أحضان المستعمر الفرنسي أو الإسباني. كان يسمى خائنا. والخونة كانت مقابل الفداء. كان يعمل ذلك لضعف ذاتي وللحفاظ على مكتسباته. لكن كيف نفهم أن يتحول صحفيون ومثقفون إلى عملاء.
بالأمس كان الخونة المغاربة عملاء لإمبراطورية تحتل جزءا كبيرا من العالم، لكن للأسف الشديد أن خونة اليوم عملاء لدولة مجهرية، إلى درجة أن وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف عندما خاطبه وزير خارجيتها بقلة أدب قال له أين يوجد بلدك على الخارطة.
قبل هؤلاء أن يكونوا عملاء لدولة غنية لكن تعداد سكانها يمكن أن يكون أصغر حي في مدينة الدارالبيضاء. دولة مجهرية موجودة فقط في الافتراضي وعبر قناة هي عبارة عن منظومة سياسية. دولة لا يمكن أن تخوض حروبا إلا عبر جيوش المرتزقة ولا يمكن أن تواجه الدول إلا عبر العملاء. ليس لها في الحرب لأن صاروخا واحدا يمكن أن يدمرها بأكملها، ولا تدخل حروب الجدل لأنها مكشوفة كدولة لاستعباد البشر.
العمالة اليوم أصبحت تحمل عناوين كثيرة. مفهوم أن يشتغل الصحفي المغربي مع وسائل إعلام أجنبية، وكثير من الزملاء الصحفيين دافعوا عن المغرب من خلال مواقعهم في مؤسسات أجنبية. لكن غير المفهوم هو التعامل مع مركز تابع لدولة كانت تجرب فينا أمراض الربيع العربي قبل بدايته ومعروفة بتوجهها نحو زعزعة الاستقرار في المغرب.
هناك مؤسسات معروفة بأنها ليست جمعيات خيرية، ولكن لها أجندات وأهداف بغرض تحقيق مكاسب في الجغرافية السياسية لصالح دول محددة، وهي التي تعمل وفق مخطط يسير نحو ضرب مقومات الاستقرار المغربي.
واتخذت العمالة اليوم أشكالا أخرى، فهي تتم تحت عناوين قانونية، فكثير من الجمعيات تتلقى دعما أجنبيا تحت مسمى تمويل مشاريع والغرض هو تمويل الحراك المشبوه، كما يتلقى صحفيون تعويضات من مواقع وجرائد لا يكتبون فيها حرفا واحدا، والمقابل هو خدمات مضبوطة.