يعيش الجسم الإعلامي الوطني، منذ يوم الأربعاء، حالة غليان قصوى، بعد تسرب أخبار مثيرة، عن استفادة موقع إلكتروني مغمور، موالي لأطراف مشبوهة داخل حزب العدالة والتنمية، من هبة مالية قدرها 100 مليون سنتيم، سنويا، أي بمعدل ثمانية ملايين سنتيم، و3000 درهم، شهريا، من دولة قطر.
الموقع المشبوه الذي يديره أحد بيادق البيجيدي المسعورة، والذي هبط على الرباط بالأمس القريب فقط، لا يخفى على أحد الدور الذي بات يلعبه في خدمة الأجندات الخارجية المشبوهة والمساهمة في التشويش على المسار التقدمي الذي يعرفه المغرب على جميع المستويات.
ورغم أن عددا من هذه المواقع التي تحتج، هي نفسها تستحوذ على أكبر حصص الدعم المالي من وزارة الاتصال، وتستفيد من عقود إشهارية سخية من وزارات وشركات وإدارات عمومية كبرى في إطار "باك صاحبي"، فإن حصول هذا الموقع الموالي للبيجيدي من منحة سخية من غلاف ضخم مرصود لدعم الإخوان المسلمين في العالم، وبيادقهم الإعلامية، لأهداف ومخططات مرتبطة بأطماع إستراتيجية يجهلها حتى الإخوان أنفسهم، يثير الكثير من الغموض.
وبالرجوع إلى أرشيف هذا الموقع المستفيد من هذه الصفقة المشبوهة والمثيرة للجدل، يتأكد أن ما يناهز 85 في المائة من مواده الإعلامية، لا يمكن إدراج حدتها وعدائيتها تجاه دولة المؤسسات، إلا في خانة سوء النية، ولذلك نجد أنفسنا مضطرين إلى مساءلة المشرفين على هذا الموقع ومن يقفون وراءهم، عن سر إضرابهم عن الكلام تجاه ما يقع في بعض البلدان الشقيقة، خصوصا دولة قطر، التي يقضون فيها من أيام الله، أكثر مما يقضونه في أحضان زوجاتهم.. وفي رواية أخرى، عشيقاتهم، لأسباب لم تعد خافية اليوم على أحد.
أما بخصوص إمارة قطر، التي فتحت أبوابها لاحتضان تنظيمات إرهابية تسببت في واحدة من أسوأ الحوادث الأليمة في العصر الحديث، وتوفر ملاذات آمنة لزعماء التطرف، ومنظري الإرهاب العالمي الذي هز نيويورك، مدريد، بالي، لندن، وعواصم عالمية أخرى، فالسؤال المطروح اليوم على حكامها، هو ماذا يريدون اليوم من هذا الموقع الإلكتروني المغمور، والمشبوه؟ وما الذي يمكن أن يقدمه لهم من خدمات؟
لقد كسرت هذه الدولة التي تدار من غرفة نوم الشيخة موزة بنت المسند، كافة قواعد فهم سياسات الدول، وحيرت عقول محللي السياسة، بعد أن تحولت إلى عراب لكل المشاريع المشبوهة لهز استقرار الدول، وممارسة ابتزاز سياسي مستعملة سيولة مالية ضخمة، وأذرعا إعلامية داخلية وخارجية تنفق عليها بسخاء لتطويع خصومها.
وفي ظل هذه الضبابية التي باتت تحيط بتحركات هذه الدولة الصغيرة وكل من يشتغل لحسابها، فإن الطموح الشخصي لآل ثاني، يفسر لحد كبير هذا التناقض بين ادعاء قطر خدمة القضايا العربية، وتورطها في تأزيم أوضاع بعض البلدان لحسابات خصوم الأمة العربية، خاصة أن تحرك بعض قادتها وفي مقدمتهم الشيخة موزة بنت المسند التي لا تشغل أي منصب رسمي يعرضها للمحاسبة في بلد يفتقر إلى مؤسسات دستورية، ينطوي على مخاطر كبيرة، خاصة في ظل توفر عنصر المال الذي تستطيع قطر من خلاله شراء مواقف سياسية أو شراء صمت بعض القوى الدولية، لكن إلى متى يستمر هذا الوضع، خاصة في ظل إجماع عدد من المراقبين على أن دولة قطر كسرت كل الأعراف من اجل أهداف غير واضحة، مما يستدعي أخذ ما يكفي من الحيطة والحذر من خفافيش الإعلام الموالين للبيجيدي، ولدولة لم تتوقف منذ عقدين من الزمن عن اللعب بالنار.
محمد البودالي