تقوم عدة قنوات جزائرية بتكذيب ما أثبته المغربُ بالدلائل والحجج على أن المهاجرين السوريين يمرَّرون خلسة وبطريقة غير شرعية إلى المغرب.. وتقوم قنوات أخرى بتقديم برامجَ مفبركة تبيِّن مدى الاهتمام والمساعدة والرعاية التي ينعم بها الأفارقة المهاجرون في الجزائر.. وتقوم قناة أخرى بتقديم برنامج عنوانُه: [اِعْملوا الخير]؛ وهذه كلها صوَرُ كذبٍ، وبهتان؛ فما عُرفت السلطاتُ الجزائرية يوما بالخير، أو بالمعروف، أو بمساندة الأخ الجار المسلم.. أليست هي التي سلبت المغاربةَ أملاكهم، وأمتِعتَهم، وفرقت بين الأزواج، وطردتْهم من ترابها الوطني في أواخر السبعينيات؟ أليست هي من حشدت جموعا من المرتزقة، وأطلقت عليهم اسم [بوليساريو] لينادوا بالانفصال عن المغرب، وإحداث كيان مصطنع في صحرائه المسترجعة مثلما حصل في فلسطين السليبة؟ أليست الجزائر هي من ساندت إسبانيا بعد اجتياحها للشواطئ المغربية المتوسطية بسبب جزيرة [ليلى]، وهو ما لم تفعله أيةُ دولة غير مسلمة؟ فعن أي إسلام يتحدثون، وعن أي عروبة يسْهلون، وبأي جوار يتشدّقون، وهم الأصل في تعطيل بناء المغرب العربي الكبير، بسبب مشاكلَ افتعلوها، وخصومة أثاروها، وعداوة اجتهدوا في إذكاء نارها، واشتداد أُوّارها إلى ما شاء الله تعالى؟
دعْنا من إسلام الأوهام، ودين الكلام، وعقيدة النظام.. دعْنا من إسلام المؤامرة، واللعب في الخفاء، مع الكذب وعدم الوفاء.. يقول الفيلسوف الأمريكي [هنري ديڤيدْثورو]: [الكذب الذي خلْفنا، والكذب الذي أمامنا، لن يكون بذي أهمّية، إذا ما قُورِن بالكذب الذي يُعَشْعِش في صدورنا]؛ لهذه الأسباب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [عليكم بالصدق، فإنه بابٌ من أبواب الجنة]؛ ولـمّا آثروا الكذبَ والخديعة، فُتِحت أبوابُ الجحيم، فاعتبروها كفاحا، ووقوفا إلى جانب حقّ ابتدعوه؛ وإسلامٍ بالأقوال ادّعوه، وباطلٍ افتروه، وأخ مسلم كانوا عليه أشدَّ من ألدِّ الأعداء..
قد يقول قائل إن هذا كلام مبالغٌ فيه.. على رِسْلِك يا لائمي؛ فوالله ما هو بكلام مبالغ فيه.. قد يقال لي: وهل لك دليل يَسْنُد هذا التحليل؟ الجواب: نعم؛ كيف ذلك، متّع الله بك، وجعلك من الفائزين برحمته؛ آمين؟ يقول [جعفر الصادق] رضي الله عنه، وهو من أحفاد النبي عليه السلام: [ما من مؤمن إلاّ وَوُكِّل عليه: كافرٌ يريد اغتيالَه؛ ومنافق يتتبّع عثراتِه؛ وشيطان يريد إضلاله؛ ومؤمن يحسده، وهو أشدهم عليه].. أوَليْستِ الجزائرُ المسلمة هي أشدّ الناس علينا وأكثرهم حسدًا، وبغضًا للمغرب من غير المسلمين؟ ألا ترى المسلم يفعل بأخيه المسلم ما لم يفعله به الكافرُ، والملحد، والزّنديق عبر التاريخ الدموي الطويل؟ ألا تعلم أن [أبا جَهْم بن حُذَيْفة]، وهو مسلم، صار يَحْتَبِش أي (يرقص) عندما بلغه خبرُ موت عُمَر رضي الله عنه؟ اُنْظر كتاب [تاريخ الإسلام] للذهبي إن كنتَ لا تصدّق.. ألا تعلم أن [ابن حطّان] وهو مسلم، رقص طربا لاغتيال سيدنا [عليٍّ] كرّم الله وجهه، وقال شعرا يمتدح فيه [ابنَ مُلْجم] قاتل الإمام رضي الله عنه؟ إن كنتَ لا تصدّق، فانْظر [موسوعة تاريخ الإسلام] الجزء: 02؛ الفتنة الكبرى..
فلا يغُرنّك كلام، وأفلام حول الإسلام، وأذان، ووعْظ، وإرشاد، ونقْل على الهواء للصلاة؛ فكلّ ذلك هو من أجل الدعاية، والاستغباء، والاستِحْمار ليس إلاّ، ما دامت الأفعالُ، لا الأقوال، هي التي تبيّن حقيقةَ ما يستبطنه الإنسان، وما يعتقده حقيقة.. فالجزائر هي كذلك مالكية، وتعتمد المصحفَ نفْسَه، وتشاركنا اللغةَ نفْسَها، وتتوجّه نحو القِبلة نفْسِها، ولكنّ أفعالها وبُغْضَها للمغرب يدلّل على أن الإسلام ليس لها منه إلا اسمه؛ والكتاب ليس لها منه إلا حرفه؛ وهي تتآمر مع غير المسلمين، وتكدّ في ذلك، لخلْق كيانٍ مصطنع في صحرائه؛ وقد كان أولى بها أن تكون في مقدمة المساندين، أوليس المؤمنُ للمؤمن كالبنيان المرصوص؟ أوليس المسلمُ أخ المسلم؟ الإسلام كما قال أحد المفكّرين لم يأت ليعلّمنا أخلاقَ الصوامع؛ بل ليعلّمنا أخلاقَ المدينة يعني الحضارة.. فهل عداوة الجزائر تعبّر عن أخلاقها الإسلامية تجاه إخوانها المغاربة المسلمين؟ قال الشاعر مخاطبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوه ما تعانيه أمّةُ المسلمين:
يا عيد مَوْلدِه كَمْ ذا تُواتينا * تشدو فَتُبْهِجُنا، تَشْجو فتُبْكينا
قُلْ للرسول إذا ما جئتَ روْضتَه * أدْرِكْ شعوبَك قد حار الـمُداوُونا..