الأكيد أنه رغم كل التصريحات التي حاولت القيادة الصحراوية جاهدة تمريرها حول إعادة انتشار قواتنا بمنطقة الكركرات للتخفيف من موضوع الانسحاب، هناك حالة من الغضب العام تسود داخل أطياف الشعب الصحراوي بسبب فشل القيادة في تدبير الأزمة و اضطرارها إلى سحب القوات في آخر لحظة لتفادي صدور توصية من مجلس الأمن تجبرها على فعل ذلك، و كذلك بسبب تصريحاتها الحماسية السابقة للقيادة بخصوص الموضوع و التي جعلتنا نعتقد بأن قواتنا الباسلة لن تنسحب إلا بعد إغلاق المعبر البري.
حالة الغضب العام لم تسلم منها حتى القيادة الصحراوية نفسها، حيث تحول الاجتماع الذي عقده مكتب الأمانة الوطنية مؤخرا بالرابوني، لوضع خطة طريق لتجاوز الصفعة و تدبير التوصية الأخيرة لمجلس الأمن، إلى جلسة لمحاكمة المتسببين في هذه النكسة حيث تبادل الأعضاء الاتهامات فيما بينهم دون الوصول إلى نتيجة، بحيث الجميع كان متفقا على أنه تم ارتكاب خطأ استراتيجي جسيم يوم لم ننسحب من المنطقة كما فعل المغرب.
و ترأس "ابراهيم الرحماني" و لأول مرة اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة محاكمة معتقلي اكديم ازيك، حضره "امحمد خداد"، المنسق مع المينورصو، و "محمد الوالي اعكيك"، وزير الجاليات، و "أبا الحيسن" رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، وبعض المستشارين بالرئاسة.
هذا الاجتماع خصص لموضوع الجولة الجديدة من محاكمة اكديم ازيك و التي ستنطلق يوم 08 ماي 2017 و لتدارس الأساليب التي من شأنها جعل هذه لمحاكمة تشد انتباه الرأي العام الصحراوي و تنسيه في نكسة الكركرات.
و في هذا الإطار تم إعطاء تعليمات صارمة لوزير الخارجية الصحراوية "محمد سالم ولد السالك" من أجل بدل اقصى الجهود للرفع من عدد المراقبين الأجانب الذين سيحضرون المحاكمة، كما تم حث مدير التلفزيون الصحراوي على التركيز على الموضوع بشكل كبير و تم اعتماد دعم مالي لمراسلي التلفزيون وصل في الأيام الأخيرة لحثهم على التكثير من الريبورتاجات الإعلامية لهذه المحاكمة و كذلك محاكمة الطلبة الصحراويين بمراكش.
من جهتها تحاول وزارة الأرض المحتلة ضمان مشاركة كبيرة خلال هذه المحاكمة سواء من جنوب المغرب و المواقع الجامعية، أعطت وعودا بتمكين الراغبين في المشاركة من مبالغ مالية لتغطية مصاريف تنقلهم و إقامتهم بمدينة سلا.
للأسف، القيادة الصحراوية بدل أن تعمل على رفع أداءها الدبلوماسي خارجيا لتجاوز انتكاساتها الأخيرة بالقارة الافريقية، كان آخرها سحب دولة مالاوي لاعترافها، تصر على التركيز على مواضيع جانبية لا تخدم بشكل مباشر القضية الوطنية، كاستغلال معاناة معتقلي اكديم ازيك و عائلاتهم و تحويلهم إلى مجرد ورقة سياسية لتصريف أزمة ظرفية.
وقد نبهنا غير ما مرة أن طريق التسييس في هذا الملف سيعطي لا محالة نتائج عكسية، بحيث أن إكراه المعتقلين على الدخول في سجالات سياسية دون محاولة تبرئة أنفسهم قانونيا، سيعطى الانطباع لدى المراقبين الدوليين بأن هؤلاء المعتقلين يحاولون الهروب إلى الأمام .
غ.و.م.ح