بقلم: رشيد ابوفيراسي: مدون على شبكة الانترنيت
تعالت في المدة الأخيرة أصوات، بل وأقلام، تنادي بالقطع في الانتخابات وعدم الوصل. وهذه مسألة محيرة إذ المعلوم المتعارف عليه ثبوت الوصل. وبما أن الأمر اختلط على الناس في هذا الشأن من حدة شد القطيعيين الناس إلى شكل منحرف تطبيقا لإملاء غريب غربي الريح، صار لزاما مراجعة أصحاب القواعد، فقال حكيم منهم، إن في الانتخابات همزة تستوجب الوصل وليس القطع، بحكم قانون النحو الصحيح الصائب، وإن الحكمة في الوصل كون الهمزة المقطوعة إذا ثبتت فوق الحرف، تنهار بالصوت وتقطعه فيجيء متدبدبا منكسرا ويحبس النفَس ثم يعود بقليل من الضعف. هذا فيما يتعلق بمفرد واحد، فما بالك إن قطعت همزة الانتخابات وهي الجمع الجامع للأصوات، الذي فيه خير الجماعة والفرد على السواء، سينكسر وصل الميثاق الاجتماعي القاضي أنك تلتزم بحفظه وإبقاءه موصولا داخل دائرة الإجماع.
صل الصوت في همزة الانتخابات، إذن، ولا تقطعه لكي لا تربك نفس الجماعة وتعطل حركتها التي بدأت قبلا واستمرت بفضل ثبات الناس على قواعد الصرف السليم، واعلم أن ما كان لغير الله انقطع واندثر وما كان لله دام واتصل. وأما القطيع الداعي إلى غير الوصل فأمره أمر الهمزة اللمزة جزاؤها لايخفى، واللبيب بالهمزة يفهم.
الانتخابات التشريعية الطريق نحو التغيير الحقيقي
رشيد ابوفيراسي: مدون على شبكة الانترنيت
يعيش المغرب هذه الأيام على إيقاع الانتخابات البرلمانية كخطوة هامة تشرع لمرحلة انتقالية وسمت لدى المهتمين والمتتبعين للشأن السياسي المغربي بمنعطف التغيير لأنها جاءت في سياق دستور جديد، يدعو إلى توسيع هامش الديمقراطية وتعزيز دور البرلمان ورئاسة الحكومة. ويلح على مبدأي المراقبة والمحاسبة، وتكريس النزاهة والشفافية والمصداقية أملا في أن يصنع المغاربة مستقبلهم وينعمون بغد مأمول يضمن لهم العيش في سلاسة ووئام.
يبقى الأمل معقودا على الشرائح الاجتماعية من المنتخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع من أجل تحديد ممثليهم دون ضغط أو الرضوخ لذوي المال، لاسيما وأن الدولة تجعل من أولوياتها التصدي بحزم لسماسرة الانتخابات ومفسديها والضرب على أيديهم بقوة. لهذه الغاية تراهن جميع مكونات الشعب المغربي ومعظم الفئات السياسية على القطع الفعلي والجاد مع الممارسات السياسية البالية والمتقادمة، مع الحرص على التعاطي الإيجابي مع مستلزمات هذه اللحظة التاريخية المفصلية، والانخراط في مرحلة جديدة من مراحل المسار الديمقراطي، والاستجابة لتطلعات المواطنين في العيش الكريم والحكامة الجيدة والاستقرار والتقدم بتحقيق مزيد من النماء والرخاء.
إن المقاطعة التي تدعو لها بعض التوجهات الضالة تعد محاولة يائسة للنيل من المسلسل الديمقراطي الذي انخرطت فيه بلادنا خصوصا بعد الإصلاحات الهيكلية التي شهدتها القطاعات الاقتصادية والسياسية خلال العقدين الأخيرين. لهذه الغاية، فإن مسؤولية المواطنين تتجلى في المشاركة المكتفة وفي الإقبال المتزايد لكي يتحمل كل مواطن مسؤوليته في اختيار المنتخبين على أساس البرامج الحزبية لتحقيق الانتقال الديمقراطي الضامن للإصلاح الشامل من أجل إفراز برلمان قوي وحكومة متماسكة.
يتطلب بناء صرح المجتمع الديمقراطي تغليب المصلحة العامة على المصالح الذاتية لذا ومن أجل هذا المنطلق يتعين على الكل أن يتعبأ، ومن موقعه الخاص، للإسهام في إنجاح هذه العملية الانتخابية تعزيزا للمسار الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا. فما من شك أن حضور المراقبين الدوليين للسهر على مراقبة إنجاح هذه الاستحقاقات إلا دليلا على مرحلة الانفتاح تكريسا للشفافية والمصداقية من جهة، وتجاوبا مع متطلبات المرحلة التي عنوانها العريض المزيد من الحريات إذ سيعيش المواطن في ظلها تحت حماية القانون.