أثار بحث جامعي في تونس، بسبب تبنيه للتفسير السلفي لبعض المشايخ في الخليج الذي ينكر كروية الأرض، جدلا كبيرا، حيث عبر العديد من الجامعيين التونسيين عن سخطهم من قبول جامعة العلوم بصفاقس مشروع أطروحة دكتوراه تؤكد على أن الأرض مسطحة الشكل، وأن ما أكده العشرات من العلماء على غرار نيوتن وأنشتاين هو أمر خاطئ.
وخرج الأستاذ المشرف على البحث عن صمته، ودافع عن الأطروحة، مشيرا، في تدوينة له على "فيسبوك"، إلى أن الطالبة شجعها على ذلك باحثون من أمريكا بعثوا لها بمجموعة من الدراسات التي تؤيد الفرضية موضوع البحث، بينها منشورات لوكالة الفضاء "ناسا".
وأفاد موقع "نسمة" التونسي بأن "وزير التعليم العالي أذن للجهات الرقابية في الوزارة بفتح تحقيق إداري بخصوص ما تم تسريبه مؤخرا حول وجود بحث جامعي للتأطير بإحدى الجامعات العمومية بولاية صفاقس يؤكد على أن كوكب الأرض لا يخضع للدوران، وفق ما تؤمن به تيارات سلفية، وبناء على حجج دينية بعيدة عن العلم يرى فيها البعض تبنيّا للفكر السلفي".
وأشار الموقع التونسي إلى أن الباحثة المثيرة للجدل استندت في مشروعها "إلى فقهاء في الدين الإسلامي؛ أبرزهم الشيخ السعودي ابن باز، الذي قال إن الأرض كروية عند أهل العلم، وقد قال ابن حزم وجماعة آخرون بإجماع أهل العلم على أنها كروية، يعني أنها منضمٌ بعضها إلى بعض "مدرمحة" كالكرة، لكن الله بسط أعلاها لنا فجعل فيها الجبال الرواسي، وجعل فيها الحيوانات والبحار رحمة بنا، ولهذا قال: وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) (سورة الغاشية)، فهي مسطوحة الظاهر لنا ليعيش عليها الناس ويطمئنوا، فكونها كروية لا يمنع تسطيح ظاهرها؛ لأن الشيء الكبير العظيم إذا سُطح صار له ظهرٌ واسع".
ونقل الموقع ذاته عن الأستاذة الجامعية رجاء بن سلامة قولها إن الأطروحة هي "فضيحة"، مضيفة: "ليتحمّل كلّ مسؤوليّته، أطروحة في العلوم يبدو أنّ صاحبها يدافع عن نظريّات كذّبها العلم الحديث منذ قرون، ومفادها أنّ الأرض مسطّحة، وأنّها في وسط الكون، أين مسؤوليّة الأستاذ المشرف؟ وكيف يسمح بإيداع أطروحة هذيانيّة؟ أين مسؤوليّة الأستاذين المقرّرين اللذين بإمكانهما تقديم تقرير سلبيّ، ومنع مناقشة الأطروحة؟ وأين مسؤوليّة لجنة الأطروحات والتّأهيل؟.. إلى أن نصل إلى مسؤوليّة السيّد وزير التّعليم العالي والبحث العالي، أهمّ ما ينقصنا في تونس: تحمّل كلّ مواطن وكلّ مسؤول مسؤوليّاته. هذا كلّ ما في الأمر. وشخصيّا، إن ثبت صحّة الخبر، ونوقشت هذه الأطروحة، وأصبح صاحبها دكتورا، فإنّني لن أصمت، ولن أكف يديّ".
فيما قال الأستاذ الجامعي "شكري المامغلي" إنه يخجل من نفسه أن يكون اليوم جامعيا تونسيا وهو يشاهد ما يحصل في جامعة تونسية مرموقة، وأن تقدم أطروحة دكتوراه تدحض كل ما توصل إليه العلم حول الأرض بأقوال وأدلة لا علاقة لها بالعلم.
بالمقابل، قال المشرف على الأطروحة، الأستاذ جمال طوير، في تدوينة له على صفحته بـ"فيسبوك"، إنه يتعرض لحملة مغرضة تمس سمعته وكفاءته العلمية، لافتا إلى أن الطالبة التي يشرف على تأطيرها أرادت إعادة النظر في نظرية دوران الأرض حول الشمس، محاولة تقديم "فرضية" أن الشمس هي التي تدور حول الأرض وليس العكس.
وأكد "طوير" أن الطالبة "شجعها على ذلك باحثون من أمريكا بعثوا لها بعديد النشرات التي تؤيد الفرضية موضوع البحث (مراجعة لنظرية دوران الأرض حول الشمس)، ومن بينها تقارير لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)".
وكشف عن أن النتائج الأولية للبحث سبق أن نشرت في مجلة علمية دولية، مؤكدا أن رسالة الدكتوراه "لا تتحدث أبدا عن "سطحية الأرض" كما يروج ذلك أصحاب هذه الحملة".
وأوضح الأستاذ الجامعي أنه "لا وجود لأي رسالة دكتوراه وقع تقديمها في هذا الشأن، فنتائج البحوث ما زالت في صيغتها الأولية لدى لجنة الدكتوراه؛ لتقيّمها، وبالتالي لم تعط رأيها في الموضوع بعد"، مؤكدا أن للجنة العلمية "كامل الصلاحية لقبول الدراسة أو رفضها برمتها".
وشدد على أن "القانون والأخلاق يمنعان تسريب ونشر عمل علمي ما زال تحت الدراسة والتقييم، ولم يقدم للعموم بعد".
وتأسف الأستاذ الجامعي عن تحوير النقاش، وقال: "كنت أود أن يقع تناول الموضوع كموضوع نقد ونقاش وإثراء علمي، وليس كموضوع سب وشتم وكلام بذيء".