توصية مجلس الأمن المخيبة للآمال الشعب الصحراوي ، و الضاغطة على القيادة الصحراوية بخصوص قضية الانسحاب من منطقة الكركرات.
هذا القرار الأممي لم يفاجئني و تنبأت بحدوثه منذ أن أعلنت القيادة الصحراوية رفضها الانسحاب من المنطقة، و قلت حينها بأن أي قرار يجب أن تعززه تدابير وقائية للحيلولة دون نسفه سياسيا، و لكن يبدو بأن الزعيم الجديد "ابراهيم غالي" كان مشغولا فقط بإحداث فرقعة إعلامية للتبجح و تكريس صورته كقائد همام للتنظيم السياسي، و هو ما أكده إصراره على التقاط صورته على شاطئ البحر غير بعيد عن لكويرة ببزته العسكرية منتشياً كالطاووس وهو محاط بأهل الثقة من كراكيزه البهلوانية.
خلال الشهرين و نصف الماضيين روجت القيادة الصحراوية و معها إعلامها بأن مسألة عدم الانسحاب هو قرار سيادي لا رجعة فيه ، و قال حينها ممثلنا بفرنسا "ابي بشرايا البشير" لقناة "فرانس24" بأن: "انسحاب المحتل من المنطقة يعتبر لاحدث"، أتساءل اليوم كيف ستبرر القيادة موقفها بعد انسحابها؟ ...فإذا كان انسحاب المغرب قبل شهرين يعتبر "لا حدث"، فإن انسحاب قواتنا بهذه الطريقة المهينة دون تسجيل أي نقاط معنوية هو الحدث بعينه.
الفرق بين أسلوب المغرب الدكي وبكل دهاء و أسلوب القيادة الصحراوية في تدبير أزمة الكركرات، هو الفرق بين التفكير السياسي والعسكري، فالأصل أن تكون لكل قوة عسكرية خلفية سياسية تستعين بها وتعمل وفق مخططها ومنهجها، والسياسيون بنظرتهم الواسعة والشاملة هم الذين يرسمون سياسة الحرب، فهم الذين يقدرون الظروف والأحوال ويقررون إن كانت هناك مصلحة في العودة إلى السلاح ومتى وبأي سرعة.
نظام المغرب استعان بالسياسيين لتدبير أزمة الكركرات، بحيث افتعل قضية تعبيد الطريق للسماح لقواته بدخول المنطقة و أوجد أسباب الخروج منها دون انتكاسات معنوية، نزولا عند مطلب الأمين العام، للأسف القيادة الصحراوية دبرت الأزمة منذ بدايتها بفكر عسكري مستعد للحرب، و هذا الفكر الرافض للهزيمة هو الذي جعلها تتعنت و ترفض الخروج رغم علمها بأنها ستصطدم بالأمم المتحدة.
فالزعيم "إبراهيم غالي" كرجل عسكري غبي ينقصه البعد السياسي في شخصيته ولا يمكنه الأخذ بجميع الاحتياطات الداخلية والخارجية، فهو لا يستوعب تأثير الأعمال السياسية على القضية الوطنية، وكل تفكيره محصور بالحرب وتوابعها من فنون القتال وأدواته وكلها أشياء مادية يمكن قياسها ولمس نتائجها من نصر أو هزيمة، تقدم أو تقهقر، فتح أو انحسار، و القيادة السياسية وهي تقدر مكانة العسكري العالية فإنها تستشيره ويعطي رأيه غير الملزم فهو ليس من باب الشورى، ونصيحته إذا أُخِذت كانت قيّمة في موضوعها فقط، فلا يُسمَح بأن تسيطر اعتباراته العسكرية على رؤية القيادة السياسية وقراراتها وسيرها في السياسة الخارجية أنه الغباء بعينيه ورجليه.
غ.و.م.ح