سكينة ناصح
كشف تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن مؤشرات انهيار الحضارة الغربية وكيف سيخبرنا التاريخ بذلك، استنادا إلى تحليل الكاتبة “راتشيل نوير”.
وحسب ما ذكره التقرير الذي نقله موقع “ساسة بوست”، فإن عددا كبيرا من العوامل ستتسبب في انهيار الحضارة الغربية وأبرزها عاملين أساسيين وهما الضغط البيئي والطبقية الاقتصادية، فالعامل الأول يتعلق باستنزاف الموارد الطبيعية مثل المياه الجوفية، والتربة، ومصايد الأسماك والغابات، وكلها عوامل يمكن أن تسوء بفعل التغير المناخي.
أما الطبقية الاقتصادية فتعد هي الأخرى عاملا للانهيار، حيث أن النخبة تعمل على جمع الثروات تاركة القليل أو لا شيء للناس العاديين، وتدعمها في المقابل بالعمل، وهو ما سيؤدي إلى انهيارها لأن نسبة الثروة المتاحة للطبقة العاملة غير كافية.
وتوقع خبراء انهيارا حتميا للحضارة الغربية بسبب مشكل المناخ حيث قال يورجن راندرز، الأستاذ المتقاعد لإستراتيجية المناخ بجامعة بي النرويجية للتجارة ومؤلف كتاب: ” 2025 توقع عالمي للأربعين سنة القادمة“: ” لن يكون العالم على قدر الموقف ولن يسعى لحل مشكلة المناخ خلال القرن الجاري، وذلك بكل بساطة لأنَّ حل المشكلة أكثر كلفة بكثير من مواصلة التصرف كالمعتاد. سوف تسوء مشكلة المناخ أكثر فأكثر لأننا لسنا قادرين على الوفاء بالتعهدات التي قطعناها على أنفسنا في اتفاقية باريس واتفاقيات أخرى”.
ونقل التقرير عن هومر ديكسون، رئيس الأنظمة العالمية بكلية بالسيلي للشؤون الدولية في ووترلو كندا، ومؤلف كتابThe Upside of Down قوله: ” فإنَّ من العلامات الأخرى على دخولنا منطقة الخطر زيادة معدل حدوث ما يسميه الخبراء بالنظام اللاخطي، أو التغيرات المفاجئة غير المتوقعة في نظام العالم، مثل الأزمة الاقتصادية التي وقعت عام 2008، أو صعود داعش، أو بريكسيت أو فوز دونالد ترامب في الانتخابات”.
ولفت التقرير أيضا إلى أن الماضي بإمكانه أن يقدم لنا إشارات عن المستقبل، فالرومان بعد انتشارهم عبر البحر المتوسط، شعروا بالقوة التي دفعتهم للتوسع إلى حدود جديدة يصلون إليها برًا، فكانت المواصلات البرية بطيئة ومكلفة، إلا أن الإمبراطورية الرومانية بدأت تتهاوى بعدما وصل التضخم إلى أعلى معدلاته عندما خفضت الحكومة قيمة عملتها الفضية في محاولة منها لتغطية نفقاتها المتزايد.
ويقول هومر ديكسون: ” انهيار المجتمعات الأوروبية سوف يكون مسبوقًا بانسحاب للناس والموارد إلى أوطانهم الأصلية. ذلك أنَّ الدول الأفقر سوف تستمر في التحلل بسبب الصراعات والكوارث الطبيعية، ما سوف ينتج عنه موجات ضخمة من المهاجرين بعيدًا عن هذه المناطق الفاشلة، سعيًا وراء ملاذ آمن في دول أكثر استقرارًا”.
ويضيف: ” ستم تكثيف الإجراءات الأمنية، وستطبق المزيد من السلطوية، وأنماط الحكم الشعبوية”.
وقال راندرز: “بحلول عام 2050، سوف تتطور الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتصبح مجتمعات ثنائية الطبقات حيث تعيش طبقة صغيرة حياة جيدة في الوقت الذي تتراجع فيه رفاهية الأغلبية. إنَّ ما سوف ينهار على الحقيقة هو العدل”.
واعتبر التقرير أن أوروبا سوف تكون أول من يشعر بهذا الضغط، نظرا لقربها من إفريقيا، ولكونها معبرا إلى الشرق الأوسط، ناهيك عن الاضطرابات السياسية في الشرق، أما الولايات المتحدة فمن المرجح أن تصمد وقتا أطول، نظرا لإحاطة المحيط بها.