محمد نجيب بوليف وزير في حكومة سعد الدين العثماني وكان وزيرا في حكومة بنكيران، ولا نعرف له صفة أخرى غير أنه قيادي في حزب العدالة والتنمية حاصل على دكتوراه (على قد الحال) في الاقتصاد من جامعة فرنسية غير مصنفة، ولم نكن نعرف أنه رجل دين يفتي فيما يجوز وما لا يجوز في السلوك البشري. هذا الوزير ترك كل أوزار القطاع الذي يسيره واهتم بقضية مي عيشة "مولات البوطو"، المرأة التي تسلقت لاقطا هوائيا تابعا لإحدى شركات الاتصال، بل إنه عاب على الصحفيين والمتتبعين الاهتمام بهذه القضية وعدم الاهتمام بالإسراء والمعراج. لم نكن على دراية، رغم أننا سلكنا كل دروب الصحافة ومسالكها الوعرة، أن من بين اهتمامات الصحفي قضية الإسراء والمعراج. قد يهتم بها الصحفي من باب "السوسيولوجية" أي كيف يهتم بها المواطن في كل مكان، لكن كقضية دينية لا نعتقد أن الصحفي قادر على طرح موضوع من أعقد المواضيع في علم الكلام الإسلامي، ونعتقد جازمين أن الوزير بوليف لا دراية له بالموضوع نهائيا. لا يهمنا إن كان الوزير الملتحي قد صلى صلاة الجمعة الأسبوع الماضي أم لا؟ فهذا شأنه الخاص بينه وبين الله ولا دخل لنا فيه. لكن لو صلى لعلم أن خطباء المساجد قاطبة تحدثوا عن الذكرى وعن مغازيها الكبرى، والمساجد تلعب دورا كبيرا في التأطير والإخبار. كما أن قناة محمد السادس وإذاعة القرآن الكريم خصصتا حيزا مهما لهذا الأمر. ولا ندري كيف غاب ذلك عن الوزير؟ نعم كان على الوزير أن يتحدث عن الإسراء والمعراج بطريقته. ليس من باب قضية في علم الكلام، ولكن أن يتحدث عن أن أحسن ما يمكن أن تقدمه لصاحب الرسالة العظيم صلى الله عليه وسلم هو القيام بشؤون الناس بدل الضحك عليهم. الاهتمام بأمي عيشة هو الاهتمام بالإسراء والمعراج. من أوصلها لهاته الحالة حتى صعدت إلى لاقط هوائي مدافعة عن حقها؟ بوليف كان عليه فقط أن يعود إلى الخطاب الشعبوي لرئيس الحكومة السابق والأمين العام للعدالة والتنمية الحالم بعودة الربيع العربي، الذي قال في التلفزيون إنه سيخصص مرتبات للهجالات والأرامل لكنه لم يفعل. الوزير الملتحي وبدل أن يتحدث عن الإسراء والمعراج، وهو بالمناسبة ليس فقيها ولا باحثا في العقائد، كان عليه أن يخرج من مكتبه الوثير ليعرج (ليس من المعراج) على أقرب مكتب تابع لوزارته وخصوصا مكاتب تسجيل السيارات ليرى كيف تتعامل الإدارة مع المرتفق. كان عليه أن يخرج من مكتبه ليرى بأم عينيه الاختلالات التي تعرفها وزارته التي أصبحت وزرا على كل من يملك وسيلة نقل في هذا البلد السعيد. كان عليه أن يسري باكرا ليرى مشاكل المغاربة مع النقل وهو القطاع المسؤول عنه، وليس ملزما بالبحث كيف انتقلت مي عيشة من ضواحي القنيطرة إلى العاصمة الرباط.
Annahar almaghribiya