بوحدو التودغي
كيف تغير الموقف الروسي من المغرب بسرعة بعدما انقشعت غيوم الحرب الباردة؟، على أي أساس اعتبرت روسيا الاتحادية أن مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء المغربية غير متوازن بخصوص البوليساريو؟، هل الخطأ في روسيا أم فينا؟، ألم نحقق اختراقا لهذا البلد الذي يصنع اليوم خارطة الجغرافية السياسية دوليا؟.
من السذاجة أن نحمل روسيا مسؤولية ما وقع، فالدول لا تبني إستراتيجيتها وفق المبادئ والعواطف ولكن وفق المصالح، فروسيا الاتحادية العائدة إلى الجغرافية السياسية من باب المواجهة الدولية، تبحث عن مصالحها الكبرى بشمال إفريقيا ومناكفة أمريكا بالأكتاف، وبالتالي فمواقفها مبنية على مصالحها مثلها مثل باقي الدول.
لقد ورثت روسيا الاتحادية موقف الاتحاد السوفياتي من قضية الصحراء المغربية، حيث كانت الأنظمة الاشتراكية في صف البوليساريو ربيبة الجزائر، التي كانت تقدم نفسها على أنها نظاما تقدميا، وهي مجرد معسكر كبير يتم فيه احتجاز المواطن مقابل خدمات رديئة والباقي تسرقه الطغمة العسكرية الحاكمة، والتي تقدم للمجتمع رئيسا مدنيا عبارة عن دمية.
هذا الموقف الموروث عن الحقبة الشيوعية لم يكن عصيا على الاختراق من قبل الدبلوماسية الملكية، حيث قام جلالة الملك محمد السادس بزيارة لروسيا الاتحادية ووقع اتفاقيات إستراتيجية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت بداية مشجعة، حيث أشادت روسيا بحركة الاستثمار والتمدن في الأقاليم المغربية الجنوبية، لكن مع هذا الموقف الأخير نكون قد عدنا إلى المربع الأول. فلماذا؟
لا تستطيع الدول البعيدة التمييز بين مستويات الحكم في المغرب، وبالتالي كانت لتصريحات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعزول، حول روسيا أثرها السلبي على موقف هذه الدولة، حيث هدم ما بناه جلالة الملك، إذ قال ذات تضامن إخواني مع الإرهابيين في سوريا، عن روسيا تقوم بتخريب سوريا. بنكيران لديه أصدقاء وشركاء في المعركة. فهو جزء من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي يتوفر على جناح مسلح تحت مسمى أحرار الشام.
عندما كان بنكيران يتحدث عن روسيا ودورها في سوريا لم يستحضر موقعه كرئيس للحكومة، ولم يستحضر الاتفاقيات الاستراتيجية التي وقعها جلالة الملك مع بوتين وانتزاع إشادة بالعمل والجهد المغربي في صحرائه، ولم يستحضر أن المغرب الرسمي تعامل مع القضية السورية وفق مقررات الأمم المتحدة تاركا للمجتمع حرية التموقف، لكنه استحضر انتماءه الإخواني ومن هنا حكم على نفسه بأنه سقط في امتحان التحول من رئيس حكومة إلى رجل دولة.