محمد انفي
في شخصنة أسباب أزمة الاتحاد الاشتراكي بالتركيز على شخص الكاتب الأول للحزب، الأخ إدريس لشكر، إساءة كبيرة وإهانة بليغة لكل المؤسسات الحزبية التقريرية منها والتنفيذية والوظيفية أو التنظيمية، بدءا من المؤتمر الوطني التاسع إلى الأجهزة المتفرعة عنه (اللجنة الإدارية الوطنية، المجلس الوطني، الكتابة الأولى، المكتب السياسي) وصولا إلى الأجهزة الجهوية والإقليمية والمحلية.
وتعتبر هذه الشخصنة تحقيرا لذكاء الاتحاديات والاتحاديين، من المناضلين الذين شاركوا في انتخاب المؤتمرين واختاروا من يمثلهم في المؤتمر الوطني التاسع إلى الذين تم اختارهم في الجهازين التقريرين للاتحاد(اللجنة الإدارية الوطنية والمجلس الوطني).
وفي هذه الشخصنة مغالطة كبيرة لكون التركيز على شخص الكاتب الأول وجعله سببا رئيسيا في هذه الأزمة (وهو طرح روج له بعض الفاشلين منذ مدة، حين لم يستطيعوا مسايرة الدينامية التي خلقها تنفيذ شعار استعادة المبادرة) يقفز على كثير من الوقائع ويطمس الكثير من الحقائق. والهدف من هذا التشخيص واضح؛ فهو يرمي، من جهة،إلى النيل من الكاتب الأول، ومن جهة أخرى، يقصد تغليط وتضليل الرأي العام الاتحادي والوطني من خلال ترويج فكرة وجود حل الأزمة في رحيل إدريس لشكر عن قيادة الاتحاد الاشتراكي.
ورغم ما في هذا الطرح من خبث، فهو يفتقد إلى الذكاء؛ ذلك أنه يوحي بأن الأزمة وليدة اليوم وأن سببها هو لشكر؛ والحال أن الاتحاديات والاتحاديين الأصلاء يعرفون أصل الأزمة وامتداداتها. ويتجلى غياب الذكاء في التطورات التي عرفها بلاغ الدار البيضاء (لقاء كلميم ووقفة الرباط) التي تختزل المشكل في لشكر وكأن كل الاتحاديات والاتحاديين في جهة والكاتب الأول في جهة أخرى.
بالإضافة إلى كل ما سبق، تشكل شخصنة الأزمة انقلابا على كل الشرعيات (شرعية الكاتب الأول واللجنة الإدارية المنتخبين من المؤتمر وشرعية المجلس الوطني المنصوص على تشكيلته في القانون الأساسي للحزب) وعلى كل القرارات المتخذة من قبل المؤسسات ذات الصلة والصفة.
وتعطي وقفة الرباط أمام مقر ألحزب بأكدال وجها آخر للبؤس السياسي الذي جسده، فكرا وممارسة، لقاء كلميم الذي كشف الخلفيات الحقيقية لما سمي باللقاء الأخوي بالدار البيضاء.
ويكفي أن تظهر بعض الوجوه (ومنها من قاموا بالحملة المضادة لحزبهم في الانتخابات الأخيرة أو كانوا في لجان الدعاية لأحزاب أخرى؛ ومنها بعض من ألفوا أن يأخذوا من الحزب دون أن يقدموا له أية خدمة ودون أن يكون لوجودهم في الحزب أية قيمة مضافة)، سواء في الوقفة البئيسة أمام مقر الحزب بأكدال أو في بعض المواقع الإليكترونية، ليدرك المناضلون والمناضلات حقيقة الزوبعة المفتعلة للتشويش، من جهة، على الإنجاز السياسي الكبير الذي حققته القيادة الحالية رغم ضعف تمثيلية الحزب بالبرلمان(فحصل التهافت على الاستوزار)؛ ومن جهة أخرى، التشويش على المؤتمر العاشر الذي قطع أشواطا بعيدة في التحضير بعد مصادقة اللجنة الإدارية والمجلس الوطني على عمل اللجنة التحضيرية المتمثل في مشروعي المقرر التوجيهي والمقرر التنظيمي (الذين يناقشان حاليا على مستوى الأقاليم والفروع) وكذا الإجراءات المصاحبة للقرار؛ وذلك بحضور وموافقة أعضاء المكتب السياسي الموقعين على البلاغ الصادر عن “اللقاء الأخوي”(كذا) بالدار البيضاء.
وفي انتظار أن يفتح باب الترشيح للكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي لمعرفة المتنافسين و”بروفايلاتهم”، أذكِّر بأن الاتحاديين الحقيقيين في المؤتمر التاسع، لما أصبح التنافس محصورا، في الدور الثاني، بين الأخ إدريس لشكر والمرحوم الأخ أحمد الزايدي، لم يترددوا في الاختيار؛ وذلك اعتبارا لمسار الأخوين المتنافسين (لشكر ابن المدرسة الاتحادية والمرحوم الزايدي القادم من المؤسسات المنتخبة).
فواهم من يعتقد بأن بإمكانه أن يسطو على الاتحاد الاشتراكي. فالاتحاد كيان لحمه مر؛ ومن يتخذه مطية لتحقيق مصالحه الشخصية، فليحذر من الوقعة المدوية حين ينكشف أمره؛ فالتاريخ لا يرحم.
أما ما يقال عن تغيير مفاتيح المقرات، فيكفي أن يعرف المناضلون والمناضلات (وكذا الرأي العام) بأن الأخ لشكر هو من استرجع ممتلكات الاتحاد الاشتراكي وسجلها في اسم الحزب بعد أن كانت في أسماء أشخاص ذاتيين (ومنهم من حاول الاستيلاء على ما كان في عهدته). ويحق له (باسم المسؤولية التي يتحملها) وللإدارة الحزبية، أن يحميا ممتلكات الحزب من المحتلين المحتملين. ولنا في تاريخ الاتحاد نماذج من محاولات الاستيلاء على المقرات. ومن الحزم سوء الظن !!!!!! و”للي عضو الحنش من الحبل يخاف” !!!!!!!