محمد بابا حيدة.
تربط المغاربة علاقة وجدانية وطيدة بـ”القالب”، فالمملكة السعيدة هي البلد الوحيد في العالم الذي يُباع فيه السكّر على شكل قَوَالِب، ولا يمكن للعريس أن يدخل على بيت أهل العروسة لطلب يدها، إلا إذا كان مُحمّلاً بعدد من “القوالب”، فتأسيس أسرة يقتضي أن تكون “القوالب” حاضرة منذ البادية، وحتى في الجنازة يهدي المغاربة قوالب إلى أسرة الميت، وبمناسبة أو بغيرها يكون القالب دائماً حاضراً في الزيارات المتبادلة بين المغاربة، حتى أنه أصبح جزءاً من الهوية المغربية لا يمكن التفريط فيه.
جاء رئيس حكومة سعد الدين العثماني، ودون أن يرفّ له جفن، ولا راعى مشاعر المغاربة، وهو يعلم أنهم لا يمكنهم العيش بدون “قوالب”، وأعلن أن حكومته ستعمل على “مواصلة إصلاح صندوق المقاصة من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المتبقية”، بمعنى أن الدكتور مُصمّم على أن يرفع الدعم عن القالب لأنه واحد من “المواد المتبقية” التي جاءت في كلامه أمام “المُمثّلين” عن الأمة بالبرلمان.
لا أدري صراحة ما علاقة العثماني هو الآخر بـ”القالب”، ولن نسيء الظن معاذ الله ونشك أنه وحكومته كان أكبر “قالب” مُرّ بيع للمغاربة باسم احترام الدستور، وأن ذلك ما دفعه للتخلّص من عُقدة القالب برفع الدعم عنه، حتى يجعلنا جميعاً نشعر بعذاب الجيب الذي يسببه القالب كلما ذهبنا إلى “السوسي”.
كان بإمكان العثماني أن يبدأ بأي شيء آخر، كأن يفرض ضريبة على الكلام على المغاربة، ما دام أنه مدمن على الصمت لمداراة “القالب”، أو أن يُفكر مثلاً في إيجاد حلول لحالة الانفصام الحادة التي يعيشها السياسيون في هذا البلد، حتى وإن تطلب الأمر وصفة علاجية بـ”القويلبات”، بحكم تخصصه في الطب النفسي، أو أي قرار مهما كانت قسوته يمكن أن يتقبله المغاربة إلا القالب