أثار نقاش حول المساواة في الإرث ورأي الباحث في الدراسات الاسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي، كان أبداه في الموضوع خلال برنامج تلفزيوني قبل أيام، جدلا كبيرا، إلى حد واجه معه الكثير من الانتقادات التي تتهمه بمحاولة تغيير نصوص مقدسة أتت صريحة في القرآن الكريم. كما واجه “أبو حفص” رد فعل أول من رابطة علماء المغرب العربي التي أصدرت بيانا تعلن فيه “إقالة وإبعاد الأخ أبو حفص لتجاوزاته المنهجية والخلل الفكري الذي اتصف به”.
ومحمد عبد الوهاب رفيقي يعمل، من خلال مركز الميزان للوساطة والدراسات والإعلام الذي يترأسه، على إحياء الفكر التنويري، والتعريف بأعلام السلفية الوطنية ذات الفكر المنفتح المناهض للتطرف.
في هذا الحوار، يقدم رأيه في قرار الإقالة، وكذا توضيحه بشأن ما أدلى به حول المساواة في الإرث، الذي قال أنه موضوع قابل للنقاش والتمحيص بالنظر إلى المتغيرات التي يجب أن تخضع لها بعض النصوص.
- كيف تلقيتم خبر قرار إبعادكم من رابطة علماء المغرب العربي؟ وما هي القيمة العلمية لهذه الرابطة في العالم العربي؟
توقعت مثل هذا الأمر لسببين. الأول، هو أنني منذ مدة طويلة قد أخذت مسافة بيني وبين هذه الرابطة، لما تبين لي أنها منزعجة من الكثير من الآراء التي أبديها، والمواقف التي أتخذها، ووجدت عندهم عدم تقبل الاختلاف ورأي الآخر، في إطار الحوار.
ثانيا، إن هذه الهيئة هي رابطة شكلية لا وجود لها على الواقع، بل موجودة فقط على الأنترنت، وليس لها أي نشاط يذكر منذ تأسيسها إلى اليوم، ولا لها أي برامج. وبالتالي فوجودها كعدمه، والخروج أو الدخول إليها سواء، ولا يشكل لي الانتماء إليها أي نقص أو تأثير معين على مسيرتي لا العلمية ولا الفقهية.
- أنتم تتحدثون عن فتح نقاش حول موضوع المساواة في الإرث، فيما يتهمكم البعض بمحاولتكم تغيير نصوص قرآنية والمس بجوهر الدين. كيف يمكنكم كعالم ديني ومثقف إزالة اللبس، وتقديم فكرة واضحة ومقنعة للرأي العام؟
أنا بالفعل، دعوت إلى فتح نقاش حول الموضوع، رغم وجود نصوص قرآنية وهذا ليس بإشكال أبدا، لأن النصوص القرآنية المتعلقة بالتشريع، وخصوصا ما يتعلق بتشريع المعاملات البشرية والعلاقات الاجتماعية بين الناس، هي مرتبطة بسياقاتها وظروفها الخاصة، كما هو الأمر مع آيات القتال وآيات الجهاد وآيات الجزية والآيات التي تتحدث عن وجوب مقاتلة الكافر، والتي تتحدث عن الهجرة… وغيرها من النصوص التي لا يعمل بها اليوم، رغم أنها نصوص قطعية في الدين، لكنها نزلت لأسباب خاصة وفي ظروف وسياقات معينة، او بعض النصوص التي لا يعمل بها اليوم، أيضا، بحجة أن العلة التي بنيت عليها قد تغيرت. وهذا هو ما طالبت به بالضبط، أي النظر إلى النصوص المتعلقة بالإرث بعين المقاصد والعلل. والنظر إن كانت هذه العلل قد تم تجاوزها أم لا.
- البعض يتهمكم أيضا أن تصريحكم الأخير حول الموضوع ما هو إلا من باب الإثارة والبحث عن بعض الظهور الإعلامي في قضايا حساسة. ما رأيكم؟
أنا لست جديدا على الإعلام حتى أحتاج الشهرة من خلال هذا الجدل، وآرائي وأفكاري معروفة لدى المغاربة.. وكنت وجها إعلاميا معروفا، كما اشتغلت بوسائل الإعلام لمدة طويلة، وبالتالي لا أحتاج إلى كل هذا، ولم يكن لي من غرض إلا إثارة النقاش حول موضوع اعتبره حيويا، ولا يمكن اعتباره حدثا بحكم أنه مثله مثل قضايا اجتماعية كثيرة وقع فيها جدل مجتمعي، كالإجهاض والحرية وغيرها من القضايا التي يجب أن تكون لنا الجرأة في مناقشتها. كما أنني لست أول من يطرح الموضوع، بل أذكر أنه سبقني إلى ذلك بعض فعاليات المجتمع المدني، ولأن متغيرات اجتماعية واقتصادية كثيرة تفرض اليوم فتح نقاشات من هذا النوع لأنها السبيل إلى تحقيق الكثير من العدالة الاجتماعية.
- بفتح باب نقاش “النصوص النصية “، هل يمكن ان نفهم ان كل التشريعات السماوية بما فيها القرآن الكريم قابلة للنقاش؟
لا أبدا، ليست كل التشريعات قابلة للنقاش، ولهذا أنا أكدت أن الأمر يخص فقط التشريعات التي تؤطر العلاقات البشرية… والعلاقات البشرية سمتها التغيير. فمثلا لا يمكن الحديث عن التشريعات المتعلقة بالعبادة، ولا يمكن الحديث عن القيم ولا عن المعتقد أو الأخلاق… فهذه نصوص خالدة ومتعالية عن الزمان والمكان. وحتى النصوص التي تؤطر العلاقات البشرية فهي غير ملزمة بجزئياتها، بل من حيث استخدام المنهجية وتوجيه القرآن نحو المنهجية العامة التي يجب أن يتم التعامل بها مع هذه الأحكام، من تدرج ومن مراعاة التغيرات.