بقلم: خالد قادري: مهتم بالشأن السياسي بالمغرب
واهم من يعتقد أن بمقدوره أن يكبح أو يعرقل مسلسل البناء الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب منذ ما ينيف عن 12 سنة حتى أصبح مرجعية يحتدى بها في الفضائين العربي والإفريقي، خصوصا مع ما تمر به المنطقة من تحولات جذرية أنتجها الربيع العربي الذي بدأ في المغرب منذ اعتلاء الملك محمد السادس للعرش.
فاستعمال أساليب منافية لأدبيات المهنة، مهنة الصحافي الشريف الذي ينقل الخبر الصحيح والتحليل المتزن لن تنجح في إقناع الرأي العام.
فالتصريحات التي أدلى بها “الصحافي” علي المرابط لجريدة “الخبر” الجزائرية ما هو إلا نوع من هذه الأساليب. فعلي المرابط نسي أو بالأحرى تناسى أن الإصلاحات التي دشنها المغرب لم تنطلق من الصفر وأن رصيده في هذا المجال نموذجي في محيطه العربي الإفريقي. أليس المغرب بالبلد الوحيد الذي حرم الحزب الوحيد في دستوره قبل حوالي نصف قرن وكان السباق إلى إرساء التعددية الحزبية والنقابية؟
الإصلاحات التي ابتدرها العاهل المغربي منذ عشر سنوات من إنشاء لهيئة الإنصاف والمصالحة ومرورا بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الاقتصادي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وانتهاء بإقرار دستور جديد يتخلى بموجبه الملك عن صلاحيات عريضة لصالح الحكومة القادمة. كل هذه الإصلاحات هي ما جنبت بلادنا الوقوع في متاهات مصر وتونس وليبيا والمستقبل القاتم الذي ينتظر كلا من سوريا واليمن.
الثورة لن تكون في المغرب لسبب بسيط جدا، هو أن ثورتنا بدأت باكرا حين لم يكن أي مراقب مهما كانت رؤيته الثاقبة يتوقع ما حصل ويحصل الآن في العالم العربي وحتى دوليا. فذكاء الملك محمد السادس ونظرته المستقبلية لمآل الأمور جعلته يفطن أن التغيير المنشود يبدأ منذ البداية عكس بعض القادة العرب الذين أمضوا في الحكم ما أمضوا دون أن يفطنوا لمسألة حتمية التغيير، فكان ما كان من هروب البعض وسجن الآخر وقتل الثالت….
فيما يخص عملية إقرار الدستور الجديد، فقد كانت بشهادة كل المراقبين الدوليين شفافة ونزيهة أظهرت مدى تشبث هذا الشعب بنظامه الملكي الذي كان ولا يزال صمام الأمان لاستمرارية هذه الدولة، وكذلك مدى تقبل جل المغاربة للتحولات التي أقرها هذا الدستور والتغييرات التي طرأت على بعض النصوص والتي لم يراهن عليها، حتى الأمس القريب، أكثر المتفائلين.
أما بالنسبة لمواقف حزب العدالة والتنمية فالكل يشهد بأنه في الآونة الأخيرة بدأت تدخل في إطار الخطاب المزدوج، تارة تؤيد الملكية والدولة وتارة تهاجمها وتتهمها بمحاربة الحزب وأطره، وبالتالي محاربة الحركة الإسلامية التي يعتبر العدالة والتنمية جزءا منها وليس ممثلها الأوحد.
وفي النهاية أقول لعلي المرابط كفاك من الاصطياد في الماء العكر والسعي وراء المس بمكتسبات الدولة التي صفق لها أكثر من مراقب داخليا وخارجيا. وكان الأجدر به الانخراط في الدينامكية الجديدة التي تعطي الحرية لكل من يريد المساهمة في المضي قدما في دعم المسلسل الديمقراطي بالمغرب ولو بالنقد شريطة أن يكون بناءا.