كانت منطقة الريف المغربي على موعد مساء الأحد الموافق لتاسع من أبريل 2017 مع بدعة احتجاجية أسالت الكثير من مداد التعاليق والتحليل، والتي على كثرتها لم تخرج عن اعتبار اختيار نشطاء الحراك الاجتماعي، المتأجج في منطقة الشمال بشكل أساسي منذ مقتل محسن فكري، أن يعلنوا التظاهر بحمل الأكفان على امتداد مسيرتهم الاحتجاجية نوعا من البدع وسقوطا مدويا في طقس غير مألوف في السياق الاحتجاجي المغربي، وذلك لاعتبارين اثنين:
1- رمزية الموت التي تحملها الأكفان، والتي تناقض في العمق قيم الديمقراطية ونشاط المجتمعات التي يفترض أن تعكس تعبير المواطن عن مطالبه الاجتماعية الصرفة؛
2- ارتباط الاحتجاج بالموت والأكفان بثقافة العنف، فالكفن كان دوما رمز احتجاج التنظيمات التي تتبنى قتل النفس كوسيلة للاحتجاج.
والحالة هنا أننا أمام وضع يصبح فيه طقس الاحتجاج بالكفن هو الملاذ الوحيدة والأخير الذي تبقى للمحتجين، وتصبح الأكفان مرتبطة بنزعات الموت التي تشكل جزءا من العقيدة الأصولية في المشرق، على غرار مسيرات الأكفان التي تسيرها التنظيمات الفلسطينية تعبيرا منها على اختيار الموت والاستشهاء ولو حتى بقتل النفس.
ومن هذا المنطلق، لا يمكن للمتتبع إلى أن يطرح سؤالا منهجيا حول دواعي تبني هذه السلوك النضالي ذي الحمولة المتطرفة من قبل محتجين مغاربة يصدح لسان حالهم بالتعبير عن حصر مطالبهم في الشقين الاجتماعي والاقتصادي.
وإذ تبرز ضرورة أخذ مسافة كافية اتجاه خلفيات اعتماد سلوك «أصولي» في الاحتجاج، لا علاقة له بالتعبير الديموقراطي عن المطالبة وفق ما هو متعارف عليه في المجتمعات الحديثة، فهذا لا يمنع من أن التأكيد على مشروعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية لسكان هذا الجزء من المملكة، وفي مقدمة هذه المطالب ضرورة وضع أسس تنمية حقيقية وشاملة لمنطقة الريف، تستهدف الإنسان وتضمن فرص فعلية للشغل والكرامة.