لم تجد وزارة الداخلية بدًا من فتح جلسات استماع عمومية لكسر احتكار «سماسرة الغضب» في الريف، إذ أسقط الوزير الجديد عبد الوافي لفتيت وساطة تنسيقيات تريد فرض الوصاية على سكان الحسيمة والناظور لاستغلال مطالب اجتماعية عادية لتحقيق طموحات شخصية.
وأطلق لفتيت، فور وصوله إلى المنطقة، مرفوقًا بنور الدين بوطيب، الوزير المنتدب في الداخلية، سلسلة من الجلسات المفتوحة في وجه العموم، للإطلاع على طبيعة المطالب المرفوعة من قبل السكان وممثليهم، وكشفت مصادر من الداخلية، أن الوزير بدأ مهمته في الريف باجتماع حضره رجال الإدارة الترابية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، خاصة أولئك الذين سطت شبكات الوساطة على احتجاجات سكان دوائرهم.
وكشفت المصادر ذاتها أن الداخلية حاولت إشراك تنسيقيات يزعم أصحابها أنهم يؤطرون بعض الفئات الغاضبة، لكنها لم تر نفعًا في ذلك بعدما اتضح أن الأمر يتعلق بأناس يريدون المزايدة والابتزاز بذريعة أن لهم صفة الناطق الرسمي باسم أهل الريف، وأنهم لا يعترفون بالأحزاب والمنتخبين.
ولم يتقبل أصحاب التنسيقيات التواصل المباشر بين السكان وممثلي الدولة ، وذلك خوفًا من انكشاف حساباتهم، التي تحركها معادلات إقليمية وفق أجندات خاصة، تستعمل قنوات ملتوية لإيصال الدعم المالي واللوجستيكي للوسطاء شريطة تعبئة أكبر عدد من الخارجين إلى الشارع، وتوثيق ذلك في أشرطة مسجلة.
وكشفت المطالب الأولى المتوصل بها، أن الأمر يتعلق بإكراهات اجتماعية عادية، شبيهة بتلك المسجلة في عدد من المناطق والجهات من تراب المملكة، من قبل الشغل المضمون والسكن اللائق، في حين يجتهد أصحاب التنسيقيات في تقديمها في حلة مطالب سياسية انفصالية تحرص جهات مجهولة على نشرها في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تمامًا كما كان الحال بالنسبة إلى تسجيلات مصورة بثت قبيل وصول الوفد الحكومي على أنها مسيرة بالأكفان نظمت تحت شعار «مستعدون للتضحية من أجل الريف».
واستغربت المصادر المذكورة حجم الدعم المادي المقدم لأصحاب التنسيقيات ، على اعتبار أنه كان يمكن استعمال تلك التمويلات في الاستجابة للمطالب الحقيقية للسكان عوض استعمالهم حطبًا في ليل الباحثين عن حسابات بنكية بالدولار والأورو.
وفي الوقت، الذي يتولى فيه القضاء فك خيوط ملف مقتل محسن فكري مازال الوسطاء يتاجرون في نعشه ، إذ لم يترددوا في مهاجمة الدولة بشعارات بعيدة عن انشغالات المواطنين من قبيل «محسن مات مقتول والمخزن هو المسؤول»، «هذا الريف وحنا ناسو والمخزن يجمع راسو»، و«باراكا باراكا من الرشوة ومن الفساد».