قد يقول قائل ما دخلكم أنتم في قضية داخلية لحزب العدالة والتنمية، وأن الخلافات بين أعضائه تهم أبناء الحزب ولا تهم الآخرين، وأن مؤسسات الحزب وحدها القادرة بحل هذه الخلافات. لسنا نختلف في هذه النقطة، لكن عندما قررنا الحديث عن الشؤون الداخلية للحزب الإسلامي فذلك وفق أساسين يعطيان الحق في ذلك.
أولا حزب العدالة والتنمية يحصل على الدعم العمومي، بل يحصل على حصة الأسد من هذا الدعم المستخلص من جيوب دافعي الضرائب أي المواطنين ونحن منهم، ومن حقنا انتقاد حزب هذا شأنه ومراقبة ما يجري داخله.
ثانيا لأن حزب العدالة والتنمية يقود الحكومة، والرجل الثاني في الحزب هو الذي يترأسها والحكومة شأن عام، وبالتالي لا يمكن للحزب أن يستمر في اللعب خارج القواعد الدستورية. فالحزب قرر التفاعل الإيجابي مع بلاغ الديوان الملكي القاضي بتعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة والمجلس الوطني اتخذ قرارا في الاتجاه نفسه.
فلماذا اليوم هذا الانقلاب الموسوم بسعار خبيث؟
لم يتقبل عبد الإله بنكيران أن يتم تعيين شخص ثانٍ من الحزب رئيسا للحكومة، وكان يعول على كلام مصطفى الرميد، الذي قال إنه لن يكون بنعرفة البيجيدي، ظنا منه ألا أحد سيحتل موقعه، ناسيا أن الدولة لا يمكن أن تخضع لنزواته وتنتظر استيقاظه من الاستيهامات الخطيرة التي يعيش عليها.
بنكيران لم يكن شيئا يذكر لكن الماكينة الحزبية اشتغلت على الإطاحة بالعثماني سنة 2008، ونظرا للفراغ الذي كانت تعيشه الساحة السياسية انتفخ الزعيم الإسلامي، الذي لم يعرف عنه أنه كان يوما مناضلا جذريا ولا حتى إصلاحيا، وإنما داعية يستعطف إدريس البصري كي يمنحه الفرصة لضرب اليسار الذي بنظره يحارب الله ورسوله.
لقد ساهمت عوامل كثيرة في صعود نجم بنكيران، وعرف هو أيضا كيف يستغل الظروف لصناعة الزعامة. عندما هلت رياح الربيع العربي كان بنكيران هو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مما جعله يركب الموجة بطريقته الخاصة كي يصنع بروفايلا خاصا، متميزا بشعبوية خطيرة.
واستغل وجوده في الحكومة للمساهمة في حفر زعامته. ذهب إلى حيث احتجاجات العاطلين ووزع عليهم بطاقات زيارة لكن لم يشغلهم. ووعد الهجالات بتعويضات مهمة. ووعد برواتب للمطرودين من العمل ولكن ظل كل ذلك مجرد وهم.
الزعيم الإسلامي الذي لم يكن مناضلا وكانت تنقصه الشجاعة لفكر كثير من الأشياء، استمرأ صفة الزعيم، وفرضها في قيادة الحزب، ولم يعد هناك من يناقشه بل يأتون للتصفيق للزعيم، وفق مسرحية عادل إمام تماما دون مبالغة. لكن بنكيران نسي أن زعامته لم يتم بناؤها وسط الكادحين وبالتالي فهو صورة لزعيم أو زعيم من الكارتون.
اليوم مطلوب من الحزب التخلص من الزعيم الوحيد وتحديد موقف صارم من الحكومة التي يقودها. ليس هناك منزلة بين المنزلتين. لأن الذين قرروا الدخول للحكومة هم هيئات الحزب والذين يشاركون في الحكومة، مثل رباح مثلا هو أو كاتب عام للشبيبة بعد الاندماج في حزب الخطيب وساهم في صعود بنكيران للأمانة العامة، ومصطفى الرميد محامٍ معروف ووزير للعدل والحريات ويمثل توجها، وهكذا دواليك.
الحزب اليوم عليه أن يقطع مع الماضي ويساند الحكومة وإلا سيجد نفسه خارجها.
Annahar almaghribiya