بقلم : يونس حسنائي
في حقيقة الامر اذا ما كنا نود ايجاد حلول ناجعة و ناجحة لمجتمعنا المنحرف الزوايا و التائه في حلقته المفرغة فاننا و لا بد من ان نقوم بتقييم حقيقي و واقعي لسيكولوجية و ممارسات المواطن المغربي اليومية بعيدا عن اي عواطف او اي شوائب قد تدمر هذا التقييم و تخرجه عن مساره الواقعي.
فالمواطن المغربي تائه بين ما هو ديني و ما هو محافظ و ما هو مرغوب لكونه ممنوع و ما هو عرقي انتمائي و بين كل هذه المصطلحات الفضفاضة تتيه سيكولوجيته و تاخذ بعدا غير موازي للمنطق و العقل، بل ليست هناك اي نقطة تلاقي بين كل هذا.
فمن ممارساته اليومية و التي في حقيقة الامر تاخذك الى عوالم السخرية و الاستغراب كونه يتظاهر بالانسان المحافظ العفيف الكريم المدافع عن القيم و الاخلاق لكنه في نفس الوقت يقدس الممنوع و يجعل منه هدفا اسمى في حياته لكنه بقناع التقوى و الصلاح، كونه يلعن المؤخرات نهارا لكنه يلعق هاته المؤخرات نفسها ليلا، و كونه يعارض و بشدة عرض برنامج تلفزيوني يناقش ثقافة جنسية لكنه مستعد ان يجلس امام الحاسوب ليشاهد فيلما بورنوغرافيا لا قيمة له ، كونه يجعل من حلم الهجرة الى بلد اوروبي علماني هاجسا له بحثا عن قيمته كانسان في هذا العالم و لظمان حقه في الحياة و العيش عيشة كريمة لكنه يدعو في وطنه الى نبذ العلمانية و القضاء عليها لانها كما يعتقد ستحطم الاخلاق و القيم، و كونه يسعى الى الدفاع باستماته عن التقاليد و الاعراف و القيم و الاصالة لكنه يشتهي المعاصرة و التقدم التكنولوجي و الاجتماعي ، و من ممارساته السيكوزفرينية اليومية كذلك و خاصة الرجل كونه يريدها زوجة عفيفة خلوقة لكنه في نفس الوقت يريدها عاهرة لعوب ، ايضا من مظاهر تعارض الفعل بالقول في ممارسته اليومية كونه يجعل من الخمر رفيقا له ليلا و من ممتهنات الدعارة خليلات و جواري لديه لكن ما ان تشرق شمس الصباح حتى يلبس لباس التقوى و الصلاح و تنطلق من بين شفتيه التي لا تزالان تتزينان باحمر شفاه اخر خليلة له سلسلة المواعظ و دروس الاخلاق و القيم.
من الممارسات السكيزوفرينية ايضا و التي لها صلة بممارساته المواطنة كونه يريد وطنا خاليا من الرشوة و المحسوبية و الزبونية و ضمان حق المواطن لكنه في نفس الوقت هو اول من يؤمن بان الرشوة سبيل لقضاء الحوائج و ان وثيقة باحدى المحاكم تتطلب معرفة بالمحكمة و ان الفتنة نائمة لعن الله من ايقضها
فان تناقش في الدين فهو ممنوع ، و ان تناقش في الجنس فهو ايضا ممنوع ، و ان تناقش في السياسة فهو سواد و خراب، فان تعبر عن مطالبك فانت تريد الفتنة ، و ان تعارض سياسة حكومة فانت من حزب اخر ، و ان تناقش الثقافة الجنسية فانت تريد الدمار و الانحلال الاخلاقي للمجتمع، و ان تحادث الناس في امور الدين و تناقش فلسفته الاسلامية فانت رويبضة و ملحد، فان انت لست معي فانت ضدي
مجتمع من العقد و الامراض النفسية و بعيد كل البعد عن خط الانطلاقة نحو التقدم و الرقي بالمجتمع ، فالتكفير بالنسبة لنا اسهل من شرب الماء و احكام القيمة جاهزة و هو ارخص شيئ يباع ، المواطن المغربي ينتظر الجاهز ليتبناه كفكر ليهاجم به كل من ضد هواه او تلك الفكرة دون ادنى او ابسط تحليل ذاتي
جميعنا نريد الخير لهذا الوطن و لابنائه ..لكن لن يكون ذلك دون مواجهة انفسنا بحقيقة امرها و هي اننا مجتمع متخلف اجتماعيا و مريض نفسيا و معقد و يحتاج لعلاج عاجل، فلابأس ان نجعل من الثالوث المحرم حلالا لنا و نناقشه بكل جراة و اريحية بعيدا عن اي حرج او خوف
فالمجتمع المغربي ليس مجتمعا متدنيا و ربما خيل الى العديد ذلك و لكنه مجتمع يتظاهر بالمحافظة عن جهل لا اقل و لا اكثر، و امام هذه المحافظة المزيفة تتصارع قوى التظاهر بالاخلاق و الرغبة في ممارسة الممنوع لنصل الى نتيجة نهائية و هو ما يصطلح عليه بالنفاق الاجتماعي