وأخيرا خرجت الحكومة إلى الوجود بعد مشاورات طويلة وتجاذبات وتشنجات أحيانا، أدت إلى إعفاء عبد الإله بنكيران من رئاسة للحكومة لأسباب معروفة، وتعيين خلفه سعد الدين العثماني، من الحزب نفسه، الذي نجح في مهمته بعد عدد من التنازلات التي اقتضتها عوامل سياسية، موضوعية وذاتية، مستحضرا مصلحة الوطن والأزمة السياسية التي أصبحت تلوح في الأفق، والركود الاقتصادي الذي ظهرت بوادره.
ولولا التدخل الملكي لفك "البلوكاج" والخروج من نفق أزمة سياسية عمرت منذ اقتراع السابع من أكتوبر الماضي، بإعمال مقتضيات الدستور وتعيين رئيس حكومة جديد، لظلت المشاورات مستمرة إلى أجل غير مسمى.
وتم تعيين الحكومة الجديدة يوم الأربعاء 05 أبريل الجاري، بعد صلاة العصر بالقصر الملكي بالرباط. ومن الاستنتاجات التي خلصنا إليها من خلال قراءة أولية:
أولا: أكثر من 50 في المائة من وزراء حكومة العثماني كانوا وزراء سابقين في حكومة بنكيران، وتم الاحتفاظ بهم لأسباب سياسية بالدرجة الأولى وللثقة الملكية.
ثانيا: 10 من الوزراء السابقين في حكومة بنكيران يشرفون في الحكومة الحالية على قطاعات استراتيجية.
ثالثا: تمت ترقية بعض الوزراء السابقين في مواقعهم الحكومية وتقليص وضعية آخرين. والمتضررون هنا هم وزراء من العدالة والتنمية. وباستثناء مصطفى الرميد، فإن جل وزراء هذا الحزب السابقين كانت تجربتهم متواضعة في التدبير.
رابعا: الحزب المستفيد بالدرجة الأولى من التعيينات في المناصب المهمة والاستراتيجية هو حزب التجمع الوطني للأحرار، لكن بأطر وازنة مشهود لها بالكفاءة، أمثال محمد أوجار.
خامسا: الحزب الخاسر في الائتلاف الحكومي الحالي هو حزب العدالة والتنمية، رغم حصوله على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية.
سادسا: الحزب القوي حاليا في الحكومة هو حزب التجمع الوطني للأحرار، كحزب محوري قد يستطيع خلق التوازنات داخل الحكومة وفرض أجندته.
سابعا: وضعية المرأة في الحكومة الحالية لا ترقى إلى المستوى المنشود، رغم وجود 9 وجوه نسائية، لسببين؛ الأول أن عدد النساء المستوزرات غير كاف مقارنة بالرجال المستوزرين، ما يتعارض مع مبدأ المناصفة، والسبب الثاني أن الحقائب الوزارية الممنوحة للنساء جلها كتابات دولة.
ثامنا: تنزيل الرؤية الملكية لإصلاح الإدارة عبر إرساء منهجية الحكامة الجيدة في التدبير الحكومي، والحيلولة دون شتات القطاعات الوزارة، بخلق أقطاب وزارية كبيرة.
تاسعا: وزارات السيادة لم يطرأ عليها أي تغيير؛ إذ منحت كالعادة للتكنوقراط، وتم فصل قطاع العدل عن قطاع الحريات (حقوق الإنسان)؛ بحيث توجد الآن وزارة للعدل ووزارة دولة لحقوق الإنسان.
عاشرا: ظهور وجوه جديدة في الحكومة الحالية، سواء من السياسيين أو من التكنوقراط، يمكن أن تعطي دفعة قوية للحكومة الجديدة.