تخرج من داخل حزب العدالة والتنمية أصوات تقول بضرورة أخذ مسافة من الحكومة. يعني أن الحزب لن يكون ملزما بدعم الحكومة وقد يلجأ إلى التصويت ضد التصريح الحكومي أو ضد القوانين التي ستتقدم بها إلى مجلس البرلمان. هذا معنى أخذ مسافة من الحكومة. لكن الحزب لم يتخذ مسافة من الجهات والمجالس الجماعية. غير أن الأمر الأساسي هو أن الحزب لم يتخذ مسافة يوم كان عليه أن يتخذها.
كان مفروضا في الحزب أن يتخذ مسافة من الحكومة قبل تشكيلها، ولكن على عكس ذلك ظل عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة المعفى من مهامه يناور حتى استصدر قرارات من المجلس الوطني كان الغرض منها عرقلة العمل الذي يقوم به سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الجديد، وذلك عبر تقييد حرية تصرفه في إطار المفاوضات مع باقي الأحزاب السياسية.
يوم تم تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيلها قامت القيامة، حتى والأمانة العامة تقول بالتفاعل الإيجابي جمعت المجلس الوطني لتقييد العثماني، وهي تعرف أن تلك التقييدات هي التي أطاحت ببنكيران وكان الغرض منها هو إسقاط دور العثماني في تشكيل الحكومة وعرقلة عمله في أفق فشله حتى لا يظهر بديل عن الزعيم.
لقد رفع المجلس الوطني لاءات بنكيران المعروفة التي عصفت به من على رأس الحكومة وكل ذلك لغرض واحد هو عدم ترك الفرصة للعثماني كي ينجح. واليوم عندما ناور الأمانة العامة بطريقته وتمكن في ظرف وجيز من اجتياز الامتحان، عادت المناورة لتتخذ سياقا آخر.
يوم كان العثماني يفاوض الأحزاب السياسية كانت الأمانة العامة تقول إنها هي المسؤولة عن تشكيل الحكومة بتفويض من المجلس الوطني، وبعد تشكيل الحكومة بدؤوا في الترويج لأخذ مسافة من الحكومة.
لماذا لم يتخذوا المسافة اللازمة عندما كان واجبا عليهم اتخاذها؟ ولماذا يريدون اليوم اتخاذ هذه المسافة؟
حزب العدالة والتنمية ليس أمامه سوى خيارين إن كان يريد ممارسة السياسة بقواعدها. الخيار الأول هو دعم حكومة العثماني قيادة وقواعد ما دام الحزب هو الذي يقودها والمجلس الوطني، أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر، أقر التفاعل الإيجابي مع بيان الديوان الملكي. وبالتالي فالحزب ملزم بدعم الحكومة والتصويت على تصريحها وعلى القوانين التي تأتي بها والدفاع عنها.
الخيار الثاني هو أن يجمع الحزب المجلس الوطني ويقرر الخروج للمعارضة ويكون صريحا. فليس من المنطقي الاستفادة من غلال الوزارات التي تدر خيرا كثيرا على الحزب والمرتبطين به وممارسة لغة المعارضة من جهة أخرى وهذا غير منطقي تماما.
اللعبة السياسية لها قواعد. يمكن ألا ترضي الحكومة الحالية حزب العدالة والتنمية، لكن هذا لا يمنع من أنه وافق على السير بها إلى آخر المطاف، وبالتالي يكون ملزما بالدفاع عنها ودعمها وإلا سيكون أمام انفصام خطير، حيث الحزب القائد للحكومة هو المعارض لها.
Annahar almaghribiya