أعلن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، بشكل صريح نهاية الصفقة مع تنظيم الإخوان المسلمين، وهي الصفقة التي اقتضت الرعاية الأمريكية لوصول الإخوان المسلمين وفروعهم للحكم والحكومات، وأن الإدارة الأمريكية لم تتخل عن أصدقائها وإنما رمت مناديل الورق التي استعملتها في تنفيذ مخططها "الشرق الأوسط الكبير" واعتمدت عليهم في التأسيس لاستراتيجيتها الجديدة لكن مع تبدل الأوضاع لم تعد الحاجة مناسبة إليهم.
الضربة للإخوان المسلمين كانت موجعة حيث استقبل عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري، وقال له إنه يؤيده في كل الخطوات التي اتخذها. نعرف أن السيسي اتخذ خطوات كثيرة لكن الخطوة التي غطت على كل شيء هو الحرب ضد الجماعة الإرهابية، المصنفة اليوم قضائيا بأنها تنظيم إرهابي، كما تم اعتبار مرشدهم والكثير من قادتهم على أنهم إرهابيون.
ويواجه الإخوان المسلمون أحكاما صعبة تصل إلى الإعدام والمؤبد. هذه القرارات اتخذها السيسي، الذي نال دعم وتأييد دونالد ترامب، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية تعلن رسميا قطع العلاقة مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي استعملته كأداة وظيفية لتخريب المنطقة، عبر وساطة دولة إقليمية راعية للإرهاب وتمويلا ودعاية.
أمريكا اعتمدت كثيرا على هذا التنظيم، مما جعل فروعه تشعر بالنشوة وبالضمانات الدولية أو الحماية الجديدة، ولهذا أظهرت طغيانا في تعاملها مع باقي الفرقاء السياسيين، ومع بدء العد التنازلي بهزيمة مدام كلينتون أصبحت الجماعة تشعر باليتم وفهم قادتها أن الدولة العظمى رمتهم في بئر سحيقة لا أمل في الصعود منها وبالتالي عليهم التعامل مع هذا الوضع، أو التفاعل الإيجابي معه.
كل هذه الأحداث تدعونا لمساءلة الإخوان في العدالة والتنمية، وهل استوعبوا الدرس أم لا؟ رغم أن التحولات العالمية تسير في اتجاه معاكس لتطلعات الإخوان المسلمين، ورغم تخلي أمريكا عن التنظيم بعد استعماله في التدمير والتخريب، ورغم التراجع الكبير لدورهم في بعض المناطق، اختار المغرب أن يكون وفيا لخياره الديمقراطي.
في المغرب شيء مختلف عن الباقي. عندما نقول إن المغرب استثناء فإنه استثناء جميل وليس في ذلك مبالغة ولا ادعاء زائف. ولكنه الحقيقة. لم يختر المغرب أن ينساق مع الشرط الدولي ولكن اختار السير في طريق بناء خاص به. باعتبار المغرب دولة يترأسها الملك ضامن الاستقرار وضامن استمرارية المؤسسات.
ليس المغرب دولة طارئة ولكن دولة عمرها قرون من الزمن ممتدة في التاريخ والحضارة. ووفق هذا المنطق يتصرف وقد تم تعزيز ذلك بالوثيقة الدستورية، التي أقرت الاختيار الديمقراطي كثابت غير ممكن التخلي عنه تحت أي ظرف، وأصبحت الديمقراطية من مقومات الوجود المغربي لا ديكورا للاستهلاك.
فرغم الأخطاء التي ارتكبها الحزب الإسلامي ورغم الكوارث التي خلفها وراءه طوال خمس سنوات، ورغم تصرفات أمينه العام خلال خمسة أشهر من المفاوضات اختار جلالة الملك استمرار تجربة حزب العدالة والتنمية، الفرع المغربي لتنظيم الإخوان المسلمين، لكن رسالة الجميع هي أن يصبح مغربيا مائة بالمائة لا منخرطا في الصفقة الكبرى.
Annahar almaghribiya