تعود الجذور الموضوعية والنوعية لحزب العدالة والتنمية المغربي إلى تنظيم الشبيبة الإسلامية، الذي أسسه عبد الكريم مطيع سنة 1969، باعتباره تعبير عن تجربة الإسلام السياسي الإخواني الناشئ آنذاك. وقد حصل هذا التنظيم على الترخيص القانوني سنة 1972، وذلك في سياق رد فعل النظام الملكي على المد الماركسي اللينيني، الذي بدأ ينتشر في النخب الشبابية والنقابات، من جهة وكذلك على التجربة الناصرية التي تلقفتها بعض النخب السياسية والعسكرية، من جهة ثانية.
لكن التنظيم السالف الذكر، سيعرف أزمة حادة بعد اتهام أعضائه وقيادته باغتيال الزعيم اليساري عمر بنجلون سنة 1975، ليتم حله سنة 1976. مما أدى إلى تفككه وانفصال مجموعة من أعضائه عنه، ليؤسسوا إطار عمل جديد سيعرف فيما بعد باسم “الجماعة الإسلامية”، التي قادها كل من عبد الإله بنكيران، محمد يتيم، عبد الله بها، سعد الدين العثماني، ومحمد عز الدين توفيق.
مراجعات في طريق الاندماج:
منذ سنة 1981 بدأت الجماعة الإسلامية بعملية مراجعة شاملة، همت أسلوبها في العمل ومواقفها واختياراتها، ومن ذلك الاعتراف بالملك كأمير للمؤمنين وبأن الدولة الإسلامية قائمة دستوريا في المغرب.
وقد عبرت هذه الجماعة منذ مراحلها الأولى، على استعدادها لتحقيق توافق مع السلطة، وترجيحها للنظرة الإصلاحية، التي تعتقد بإمكانية التغيير من داخل النسق المؤسساتي للدولة، وفق منهج يضمن التعايش والعمل العلني، في إطار جمعوي لا يمس بصلاحيات المؤسسة الملكية.
وذلك ما عبر عنه محمد يتيم – خلال تقييمه لعمل الجماعة سنة 1985- قائلا: إنه من غير المعقول التمادي في سلوك أعمى مناهض للنظام، لأن المغرب أساسا دولة أصولية، وأشار إلى أن الوضع في المغرب يتطلب مقاربة خاصة لأن الإسلام في المملكة ليس مشكل نظام.
هذه النظرة تجاه النظام السياسي، توافقت- على الأقل آنذاك- مع تصريحات الراحل الحسن الثاني، الذي أكد أكثر من مرة “أن المغرب في منأى عن موجة التطرف التي عرفتها دول إسلامية أخرى، وأن المغرب بلد أصولي ” وأنا نفسي شخصيا وكأمير للمؤمنين أول الأصوليين” يقول الحسن الثاني. وذلك في الحقيقة من منطلق تجميعه لعدد هائل من المشروعيات؛ فهو الذي يحكم ويراقب، وهو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين، من خلال ترأسه للجنة القدس، وهو شريف بحكم انتمائه إلى البيت النبوي.
لذلك ظل النظام الملكي المغربي، طيلة فترة الحسن الثاني ولا يزال حتى في عهد محمد السادس، يجمع بين”الإسلام”و”الوطنية”و”الحداثة” في شخص الملك/ الإمام/ أمير المؤمنين، كوسيلة لاحتواء المكونات السياسية المناهضة لاحتكاره السلطة السياسية.
وقد سبق لإدريس البصري الرجل القوي، في نظام الراحل الحسن الثاني، أن صرح قائلا: إن الهدف من الترخيص للإسلاميين هو ترويضهم بشكل أفضل بدل إقفال الباب في وجههم وتركهم يتطرفون أكثر وبالتالي يصبحون خارج المراقبة.
مقدمات نحو المشاركة السياسية:
ظلا هاجس طمأنة السلطة وتأكيد التشبث بالخيار السلمي، مهيمنان على الخط السياسي لهذا التنظيم الإخواني، وعلى الخطاب المروج من قبله. وفي هذا السياق عمل على تغيير اسمه من “الجماعة الإسلامية” إلى حركة “الإصلاح والتجديد”، بحثا عن الشرعية. وفي سنة 1994 ستعرف الجماعة تغييرا على مستوى قيادتها، تمثل في استبدال زعيمها السياسي عبد الإله بنكيران بمنظرها الإيديولوجي محمد يتيم، صاحب كتاب “منهج الاختيار الحضاري”،الذي حدد فيه الخطوط العامة لمنهجية عمل “الجماعة”، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
– نبذ العنف بكل أشكاله؛
– نهج الحوار والدعوة السلمية؛
– فك حالة الاشتباك مع السلطة السياسية العليا، والاعتراف بشرعيتها الدينية والدستورية؛
– الاعتراف بالرأي والرأي الآخر وبتعددية الحقيقة الفكرية والسياسية ونسبيتها.
وقد تكلل كل هذا بحدثين أساسيين:
أولهما: انضمام جل قيادتها وأطرها إلى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بزعامة رجل “المخزن “الراحل عبد الكريم الخطيب في يونيو 1996 – بعد مؤتمر استثنائي- بعد أن أقر الضيوف الجدد الالتزام بنبذ العنف والعمل تحت سقف إمارة المؤمنين؛
ثانيهما: توحيد حركة الإصلاح والتجديد مع رابطة المستقبل الإسلامي في غشت 1996، التي كان يتزعمها أحمد الريسوني، تحت اسم “التوحيد والإصلاح”. (للاستزادة يراجع الدكتور محمد الشيخ بانن: الدولة في فكر الجماعات الإسلامية في المغرب: دراسة حالات، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراه، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2016).
الإخوان في البرلمان:
نتيجة لما تقدم شارك الحزب – الذي تم تفعيله بالأعضاء الجدد في الانتخابات التشريعية، بعد أن دأب على مقاطعتها منذ حالة الاستثناء سنة 1965- في الانتخابات التشريعية لسنة 1997 وحصل على 14 مقعدا. وفي سنة 1998 قرر مجلسه الوطني تغيير اسمه، ليحمل اسم حزب العدالة والتنمية. حيث نص نظامه الأساسي على أنه “حزب سياسي وطني يسعى، انطلاقا من المرجعية الإسلامية وثوابت الأمة الجامعة، في إطار نظام المملكة القائم على الملكية الدستورية الديموقراطية البرلمانية الاجتماعية وفي نطاق مؤسساتها الدستورية، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث وديموقراطي، ومزدهر ومتكافل، مغرب معتز بأصالته التاريخية ومسهم ايجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية.( …) كما يعتمد الحزب الديموقراطية الداخلية في اتخاذ القرارات والتكليف بالمسؤوليات ووضع الرؤى والبرامج، وفي التداول على المسؤولية على أساس التعاقد بين المسئولين والهيئات التنفيذية والهيئات ذات الاختصاص الرقابي، كما يعمل على تعزيز موقع المرأة والشباب داخل الأجهزة الرقابية والتنفيذية للحزب” .
إذا كانت المشاركة الرسمية الأولى لهذا “الفرع الإخواني” في سنة 1997، تعتبر أهم ما ميز تلك الانتخابات، فإن النتائج التي حصل عليها حزبهم الحديث: العدالة والتنمية، شكلت المفاجأة الرئيسية لانتخابات 2002، حيث حصل على 42 مقعدا، 37 منها فاز بها أعضاء من حركة التوحيد والإصلاح، ما يزكي القول بأن الحزب امتداد موضوعي ونوعي لحركة التوحيد والإصلاح، بل هو المعبر السياسي عن مشروعها الاجتماعي، ولاشك أن هذا الوضع قد تكرس بعد تأسيس حزب النهضة والفضيلة الذي لم يتأثر حزب العدالة والتنمية بانشقاقه عنه، حيث حصل على 47 مقعدا في الانتخابات التشريعية سنة 2007، بينما لم يحصل الحزب المنشق سوى على مقعد واحد. أما في الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر 2011 فقد حصلت العدالة والتنمية على 107 مقعدا، محتلة بذلك الرتبة الأولى، مما أهلها لقيادة الحكومة المنبثقة عنها.
نخلص مما سبق، إلى أن السر من وراء اندماج حزب العدالة والتنمية، كامتداد ” لحركة التوحيد والإصلاح”، في المنظومة السياسية الرسمية، هو تخليه عن الراديكالية السياسية لتنظيم الشبيبة الإسلامية ومراجعته لخطه الأيديولوجي، بما يتلاءم والمبادئ التي يرتكز عليها النظام الملكي القائم في المغرب.
الحكومة في يد الإخوان:
مكن التعديل الدستوري لفاتح يوليوز 2011، من خلال الفصل 47، حزب العدالة والتنمية من قيادة الحكومة المغربية، المنبثقة عن اقتراع 25 نونبر 2011، بعدما تصدر نتائجها. وقد تشكلت الحكومة السالفة الذكر من خليط حزبي هجين؛ تفاعل فيه الإسلام السياسي وبعض الشيوعيين التقليديين واليمين المحافظ وجزء من أحزاب الإدارة، كل ذلك في خضم الانتفاضات ذات “المثل الثورية”، التي شهدها المغرب، شأنه شأن باقي أقطار شمال افريقيا والشرق الأوسط. والتي تم حرفها، في المحصلة، عن أهدافها في تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، وجعلها أداة لخدمة أجندة أجنبية لتفكيك الأوطان، عبر إذكاء التطرف والاقتتال الداخلي، على أسس طائفية واثنية قذرة.
لكن ما ميز حكومة الإخوان في المغرب، أثناء إدارتها للشأن العام، هي تلك الإجراءات القاسية، التي اتخذتها ضد الشرائح الوسطى والفقيرة. ومنها رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية: مثل المحروقات، رغم الانخفاض الذي عرفته على المستوى الدولي. والرفع من سن التقاعد وإصلاح صندوق المقاصة الذي كانت له تداعيات سلبية على قوت المواطنين، والاقتطاع من أجور المضربين، خارج الأطر القانونية، وتهميش النقابات واذلالها سياسيا وقمع الحريات وتنامي الفساد داخل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وعدم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
كل ما تقدم، تناغم اقتصاديا مع توصيات المؤسسات الدولية وعبر سياسيا عن صراع ناعم بين أطراف الحكم، كان من تجلياته:
أولا: انحدار الخطاب السياسي، من خلال تلك المصطلحات الساقطة في بعض الأحيان، التي وظفها رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، بعنجهية مفرطة، ضد كل من خالفه الرأي، بشكل أثار انتباه الجميع. ومن ذلك اتهامه لجهات معلومة/ مجهولة بالتحكم وعرقلة عمليات الإصلاح التي تقودها حكومته!!.
ومن بين هذه الجهات؛ بعض مستشاري الملك، وبعض رجال السياسة: الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، حليفه في حكومته الأولى والأمين العام للاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة الياس العماري وبعض النساء البرلمانيات …إلخ.
مقابل هذا، استمر بن كيران في توظيف الخطاب الديني، بطريقة متواترة، إلى جانب تمجيد الملك والتزلف له، بل تنازل عن بعض صلاحياته الدستورية لصالحه. والهدف ها هنا، هو كسب ثقته ومحاولة “عزله” عن محيطه، حسب بعض المتتبعين.
ثانيا: فهمت المؤسسة الملكية، حسب البعض، التكتيك الإخواني الجارف نحو “التمكين”، فرد الملك بخطابات نارية؛ كان أبرزها ذاك الذي تساءل من خلاله عن الثروة، وإصلاح الإدارة…إلخ، مجددا دعوة الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة الأوضاع المتردية. إضافة إلى الهيمنة المستمرة على المشهد الداخلي والخارجي، بل وصل الأمر إلى درجة أن رد الملك بشكل غير مباشر على بن كيران، من خلال دعوة جميع الأحزاب إلى الثقة في المؤسسات الدستورية وأنه ملك جميع المغاربة وفوق كل الأحزاب وأن مستشاريه لا يتحركون إلا بإمرته.
وقد تكلل ما سبق، بتكليف، بن كيران بتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما تصدر حزبه انتخابات مجلس النواب ليوم 07 أكتوبر 2016، ب 125 مقعدا.
عندها تنفس الإخوان الصعداء، لكنهم أخفقوا في تشكيل هذه الحكومة، بعد مشاورات وتصريحات واتهامات – خاصة عندما قال بن كيران: ” لا يمكن أن يفرج الملك كروب شعوب إفريقيا وشعب المغرب في المقابل يهان”- دامت لأكثر من خمسة أشهر. ليتدخل الملك، مؤولا الدستور الذي لم يتحدث عن هذه الواقعة، من خلال الصلاحيات التي منحها له الفصل 42، وينهي تكليف بن كيران ويكلف الرجل الثاني سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، بتشكيلها من جديد.
استنتاجات في سياق المرحلة:
أولا: الفصل 47 من دستور فاتح يوليوز 2011 لم يتحدث عن فترة تشكيل الحكومة وحيثيات ذلك، وإنما تحدث عن ضرورة تعيين الملك لرئيسها من الحزب السياسي الذي تصدر نتائج انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها وتعيين باقي أعضائها باقتراح من رئيسها. والتعيين بطبيعة الحال، يأتي بعد التكليف، أي بعد نجاح عملية تشكيل الحكومة من طرف من كلف بذلك. بمعنى أن التعيين يترتب عنه عرض البرنامج الحكومي من طرف رئيسها أمام انظار مجلسي البرلمان، ليتم تنصيبها بعد حصولها على ثقة مجلس النواب (الفصل 88 من الدستور).
تكليف بن كيران لم يفض إلى تعيينه، لأنه لم ينجح في تشكيل أغلبية حكومية. لذلك لجأ الملك، بناء على الفصل 42، وانسجاما مع الفصل 47 إلى تكليف سعد الدين العثماني، وبقي بذلك ضمن المحددات الدستورية القائمة، والتي شكلت وستشكل عائق حقيقي ما لم يتم تعديلها، لأنها لم تتطرق إلى الآجال التي يجب أن تشكل فيها الحكومة، من ناحية كما لم تقدم بدائل أخرى في حالة اخفاق الحزب الذي تصدر الانتخابات في تشكيلها، من ناحية ثانية.
ثانيا: المنظومة الرسمية تعرف جيدا أن حزب العدالة والتنمية اذا تقوى سيرفع من سقف مطالبه، وتعرف أيضا أنه القوة السياسية المنظمة التي تعمل من داخل الشرعية وتوظف الدين بطرق ناعمة؛ ولها جمعياتها المدنية الخاصة بها وذراعها الحركي المهيمن؛ التوحيد والإصلاح وكذلك ذراعها النقابي الوازن؛ الاتحاد الوطني للشغل، وذراعها الطلابي؛ منظمة التجديد الطلابي. خاصة وأن الحزب أثناء قيادته للحكومة السابقة، استمر في التغلغل داخل مفاصل الدولة بل استمر في تسويق خطاب سياسي راديكالي وكأنه في المعارضة. وهذا ما جعل العديد من المتتبعين يتساءلون عن من يحكم في المغرب ؟؟!!، بعد أن أكثر أعضاء الحزب من استعمال مفهوم التحكم!!، وما ترتب عن ذلك من ردود من طرف الملك؛ منها أين الثروة وأنه فوق الأحزاب السياسية وملك جميع المغاربة!!.
ثالثا: التداعيات السياسية لتكليف سعد الدين العثماني، ستنعكس سلبا على حزب العدالة والتنمية. على اعتبار أن بن كيران، حسب المعلن، كان ينفذ توصيات الأمانة العامة للحزب، التي كانت بدورها تنفذ توصيات المجلس الوطني. وبالتالي فنجاح العثماني، واعلانه عن تشكيل ائتلاف حكومي، من ستة أحزاب، بما يناهز 240 مقعدا من 395 مقعد، وفي ظرف وجيز يقود إلى طرح ما يلي:
لا شك أن هذه الأحداث، ستضر بمصداقية أجهزة حزب العدالة والتنمية، وستقود كذلك إلى التساؤل حول عمليات اتخاذ القرار داخلها. وبوادر ذلك، بدأت تظهر إلى العلن، من خلال التصريحات والتدوينات الصادرة عن بعض قيادييه، التي تشكك في مصداقية الحكومة القادمة، بل منهم من توقع أن تكون خادمة ” للمخزن”. لكن البعض الأخر لجأ إلى توظيف خطاب ديني راديكالي، للتغطية على ما حصل/يحصل، لخلق الاعتقاد لدى قواعده، أنه لا يزال على “الخط” المفترض؛ خط “حلف الفضول” كما قال نائب الأمين العام للحزب، رغم أنه وقع في المحظور، وكشف عن طبيعة الحزب غير المرغوب فيها !!.
رابعا: الائتلاف الحكومي المعلن عنه، سيعاني كسابقيه، من عدم الانسجام والتخبط، نتيجة وجود مكونات هجينة؛ ليس على أساس المحددات السياسية والإيديولوجية ولكن على أساس الأهداف المتناقضة.
ذلك أن العدالة والتنمية تنظيم عابر للطبقات، رغم أن العمود الفقري لهذا التنظيم هي الشرائح الوسطى المتعلمة، التي تعرضت في عهده الحكومي، لإفقار اقتصادي واذلال سياسي واقصاء ثقافي. جعل هذا التنظيم في تناقض شديد؛ كان من تجلياته، دفع جزء من قواعده في اتجاه أكثر تشددا، وهو ما اتضح خلال الفترة التي استغرقها بن كيران في تشكيل الحكومة. في المقابل هناك قطاعات من الفئات الوسطى التقليدية وبعض الذين استفادوا من مشاريع استثمارية متوسطة وصغيرة وكذلك أولئك الذين تحملوا مسؤوليات كبيرة في هرم الدولة خلال حكومته السابقة، تدفع باتجاه البحث عن حلول توافقية مع باقي الأطراف؛ المؤهلة في الأصل لهكذا توافقات!!.
كل ما تقدم، نتج عنه تذبذب عملاني وغموض سياسي، سهل التحكم في هذا التنظيم وتقليم ما بدأ من أظافره. ذلك أن عدد المشاركين في الانتخابات لم يتجاوز ستة ملايين و750 ألف، من ما يناهز15 مليونا و700 ألف مسجل في اللوائح الانتخابية، بينما النسبة الحقيقية للمغاربة الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات تقارب 26 مليون، من ما يقدر ب 34 مليون، بحكم أن كل من هو فوق سن 18 يحق لهم التصويت. فيما عدد مليون و600 ألف صوت تقريبا، التي حصل عليها العدالة والتنمية لا تخوله التأثير في مسار المنظومة القائمة؛ خاصة وأن أجنداته ذات طبيعة أخلاقية أكثر منها سياسية أو اقتصادية، رغم أنه القوة السياسية الرسمية المنظمة، التي ساعدها توظيف الدين في تكوين قاعدة متماسكة، عكس باقي الأحزاب المنافسة له، التي تفتقد إلى الخلفيات الإيديولوجية والمشاريع السياسية المؤثرة.
الدكتور محمد الشيخ بانـن