من أسباب فشل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعفى من تشكيلها، تضخم الإحساس لديه بأنه يتزعم حزبا هو الأقوى في المغرب، وبالتالي فإن رقم 125 مقعدا تخوله تشكيل الحكومة كما يشاء وهو الذي يختار الأحزاب، التي تشارك في الأغلبية لكن دون أن يكون لها شرط واحد، ودون أن تتدخل في صفة الأغلبية وصيغتها، ويختار الوزراء ويقدمهم للملك، واعتبر أن كل هذه حقوق له، رغم أن كل نصوص الدستور وحتى الأعراف تقول عكس ذلك.
منهجية بنكيران كانت خاطئة ونبهناه كثيرا، ومرارا ذكرناه بأن منهجية المفاوضات مهمة جدا في تذليل الصعاب غير أنه ركب رأسه، فتم الاستغناء عنه، واليوم بعد أن تم تعيين سعد الدين العثماني، رئيسا للحكومة مكلفا، لم يستسلم بنكيران لقدره ولكنه أخرج آلته الجهنمية في الحروب القذرة، وبدأ المعركة ضد رئيس المجلس الوطني للحزب في محاولة لإفشال مسيرته في تكوين الحكومة بعد التغلب على مرحلة تشكيل الأغلبية.
منهجية بنكيران التي فشلت في تشكيل الأغلبية وكانت وراء إعفائه من التكليف هي التي حاول اليوم نقلها إلى رئيس الحكومة المعين من طريق آخر. أولا عبر استصدار قرار من المجلس الوطني للحزب يمنح الأمانة العامة الإشراف على المفاوضات، أي الأمين العام، وثانيا من خلال التدخل في تشكيلة الحكومة.
يُحسب للعدالة والتنمية أنه وضع مسطرة لاختيار المرشحين للوزارات والمناصب السامية، لكن ما نسيه الحزب أن مسطرة الاختيار لا يمكن إعمالها فيما هو تقني. فهل سنصوت على هذا النوع من الأكل هل هو جيد أم لا أم نعتمد رأي خبير في التغذية؟ فهل نعتمد مسطرة اختيار الأطر الكفأة القادرة على تحمل المسؤولية أم نعتمد ترتيب هيئة اختيار الوزراء حتى لو اختارت لنا عناصر لا تعرف معنى للوزارة؟
تعيين العثماني ليس تعيينا تقنيا ولكن مشروط بالتزام سياسي. بنكيران لم يف باختيارات المغرب وبتوجيهات جلالة الملك في خطاب دكار، الذي دعا فيه إلى تكوين حكومة قوية ومنسجمة، ولا يمكن أن تكون الحكومة بهذه المواصفات دون وزراء في مستوى التحديات وليس وزراء الترضيات الحزبية.
طبعا الضغط لا يتعرض له العثماني فقط من حزب العدالة والتنمية، وإن كان هو الضغط الأوفى لأنه ينطلق من نقطة الانتقام ومحاولة إفشال تشكيل الحكومة، لأن عديدا من قادة الحزب تبنوا موقف الرميد، الذي سمى بديل بنكيران ببنعرفة الحزب.
غير أن العثماني يتعرض للضغط من قبل أحزاب أخرى هي بدورها لم تعر الخطاب الملكي أهمية، وبدأت في تسريب أسماء يصعب دخولها الوزارة إذا كان العثماني يريدها حكومة بمواصفات خطاب دكار، أما إذا كان الغرض هو إرضاء أطراف في الأحزاب السياسية فإن الحكومة ليست غنيمة ولكن مسؤولية.
نعرف أن العثماني في وضع لا يحسد عليه ولكن عليه أن يقاوم من أجل السير بنفس المنهجية التي ظهرت أكثر سلاسة.
صاحب المقال : Annahar almaghribiya