-1-
مقدمة:
لم تحظ فرقة كلامية في الإسلام بالإهتمام والجدل كما حظيت بذلك فرقة المعتزلة الذين ظهروا بعد أن اكتملت أركان أصولهم أواخر العصر الأموي (حوالي 130 ه في البصرة) وازدهرت حركتهم خلال العصر العباسي خصوصا خلال ولاية المأمون. حيث لعبوا أدوارا رئيسية على كل المستويات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية مما انعكس إيجابا على الفكر والحضارة الإسلامية قبل أفول نجمهم بعد صعود المتوكل و نقضه قول المعتزلة في قضية خلق القرآن التي لم يحسن تدبيرها بعض ساستهم بعد أن تمادوا في فرض رؤيتهم على العامة والعلماء، عملا بأحد أصولهم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وقد كان من أبرز خصوصيات أتباع هذه الفرقة اعتماد العقل في تأسيس العقائد، حيث قدموه على النقل، ورفضوا الأحاديث التي تخالف العقل، وبالغوا في الاحتراز من الحديث لرواج الكذب على رسول الله (ص). كما قالوا بوجوب معرفة الله والتمييز بين الحسن والقبيح بواسطة العقل وذلك قبل أن يتكلم كانط عن العقل العملي الأخلاقي بقرون!!
وقد أنكر المعتزلة عددا من العقائد التي تسربت إلى الفكر الإسلامي من تراث بعض الديانات السابقة كعقيدة التشبيه والتجسيم عند اليهود، وقدم الكلمة عند المسيحيين1..وكذا بعض العقائد التي انتشرت بين الحشوية والعامة دون أن تجد لها سندا في القرآن كعذاب القبر وعقيدة القضاء والقدر.. كما واجهوا بصرامة سياسات الدولة الأموية التي تبنى فقهاؤها عقيدتي الجبر والإرجاء لتكريس خنوع الأمة ورضاها بممارساتهم الاستبدادية.
ورغم قلة المصادر التي تكلمت عنهم بحيادية وإنصاف، حيث لم يفلت من الملاحقة و الإضطهاد مما كتبه أئمتهم إلا النزر اليسير ككتاب "الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد" لأبي الحسن عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الملقب بالخياط، وكتاب "المنية والأمل" لابن المرتضى الزيدي. ويبقى كتابي قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني "المغني في أبواب التوحيد" و"شرح الأصول الخمسة" من أكثر المصادر التي اعتمد عليها كل من تطرق إلى الكلام عن المعتزلة من باقي الفرق2، وذلك قبل اكتشاف الكتاب الثالث للقاضي عبد الجبار "فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة" الذي لم يظهر إلا سنة 1974، فإن إشعاع المعتزلة قد أثر في عدد من المفكرين المعاصرين3، خاصة وأن المعتزلة قد سبقوا الشعار الذي رفعه رائد الفلسفة الوجودية خلال بدايات القرن العشرين جون بول سارتر بربط الحرية الإنسانية بالمسؤولية.
من جهة أخرى فقد اشتهر المعتزلة بعقد المناظرات الكلامية سواء بين أتباع المذهب أنفسهم، أو مع غيرهم من أصحاب المذاهب والمقالات الأخرى من كل الملل والنحل، بما في ذلك الملحدون. وهي نقطة تحسب لهم في إطار حرية المعتقد، حيث لم يرفعوا لواء التكفير في وجه خصومهم ولم يتورطوا في قتل مخالفيهم إلا فيما ندر من بعض الحالات التي خالف فيها بعض ساستهم خاصة في عصر المأمون كما سيأتي في إشكالية خلق القرآن مبادئ مذهبهم.
عقيدة الجبر وآباء المعتزلة
كان ملوك بنو أمية هم أول من دعوا إلى القول بالجبر وشجعوا أعراب الرواة على الكذب على رسول الله (ص) ووضع الأحاديث في ذلك. يقول الدكتور سامي النشار: "كان معاوية يعلن الجبر في الشام. ثم حدث رأي المجبرة من معاوية، لما تولى على الأمر ورآهم لا يأتمرون بأمره..فقال لم يرني ربي أني أهلا لهذا الأمر، ما تركني وإياه. ولو كره الله ما نحن فيه لغيره..إنما قاتلتكم على أن أتأمر عليكم. وقد أمرني الله عليكم"4.
وقد قتل الأمويون الكثير من المسلمين ظلما وعدوانا، ونهبوا أموالهم تحت ذريعة هذه العقيدة الفاسدة التي لم تكن سوى دعوة سياسية تم استخدامها ضد خصومهم خصوصا من العلويين. ويحكى أن معاوية لما نصب ولده يزيد خليفة على رقاب المسلمين سألته أم المؤمنين عائشة رض في ذلك فأجابها. "إن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد الخيرة من أمرهم"5 وقد نسب يزيد أيضا قتل الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه في كربلاء إلى القضاء والقدر المحتوم !!
وهكذا انبرى آباء المعتزلة للتصدي لهذا الظلم الذي تلبس باسم الدين ليكتسب شرعيته ويتم تكريسه بنصوص نبوية وتفاسير منحرفة. فظهر أولا من يدافع على حرية الإنسان واختياره لأفعاله في مقابل عقيدة الجبر التي تسلم بقضاء الله وقدره حتى في ارتكاب المعاصي وانتهاك الحرمات!! حيث برز من هؤلاء كل من عمرو المقصوص، والجعد بن درهم، وغيلان الدمشقي6، وقد واجهوا أيضا فكرة الإرجاء التي تبناها ولاة وملوك بني أمية أيضا للهروب من القصاص والمساءلة مما دفع بعضهم إلى الإنخراط في ثورات مسلحة أدوا حياتهم ثمنا لها عملا بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي سوف يتبناه المعتزلة فيما بعد في أصولهم.
وتأتي مناهضة المعتزلة فكرة الجبر التي تجرد الإنسان من حريته انسجاما مع أصل العدل لديهم، إذ يقتضي ذلك من الإنسان أن يكون مسؤولا عن كل ما يفعل، وأن مسؤوليته تقتضي أن يكون حرًا في اختيار طريقه وأفعاله ومعتقداته، وإلا فستكون محاسبته على ما لم يكن له خيار فيه، ظلم. إذ لا جدوى من الحساب إن كان الله تعالى قد أجبر عباده على إتيان أفعالهم. وصفة العدل التي وصف بها الله تعالى نفسه تقتضي أن لا يؤاخذ الفرد بجريمة اضطر لفعلها. يروي القاضي عبد الجبار عن الحسن البصري أنه قال: " إن قوما باتوا وأقلامهم تجري في دماء المسلمين وأموالهم ثم قالوا: إنما جرت أقلامنا على أقلام الله، كذبوا والله، إن أقلام الله لتجري بالبر والتقوى ولا تجري بالإثم والعدوان. أفاك على الله ! جهلة بالله ! كذبة على الله !"7.
وتجمع المصادر على أن أول من عارض فكرة الجبر هو معبد بن خالد الجهني الذي نشأ بالبصرة في حدود النصف الثاني من القرن الأول الهجري، والذي وصف بأنه "تابعي صدوق"8، إلا أن بعض المصادر تحاول نسبة أفكاره إلى تأثره برجل نصراني يقال له "سوسن" كان قد أسلم ثم تنصر9!
ونتيجة لهاته الأفكار الجريئة لم يسلم آباء المعتزلة من سيف القهر و الإضطهاد الأموي، حيث انتهت دعواتهم وثوراتهم في غالب الأحيان إلى الفشل، وعوقب رموزهم بطرق وحشية، بعد أن اتهموا بالكفر وبالزندقة والخروج على تعاليم الإسلام بالرغم من أنهم كانوا يستقون حججهم من نصوص الكتاب والسنة.
فبالشام، يحكى أن عمر المقصوص كان أول من قال بالقدر (سمي آباء المعتزلة في بداياتهم بالقدرية على عكس مقصود دعوتهم) وقد استطاع أن يؤثر بفكرته على معاوية الثاني. يقول المقدسي عن معاوية هذا: "وكان قدريا لأنه أشخص عمرا المقصوص فعلمه ذلك فدان به وتحققه، فلما بايعه الناس قال المقصوص: ما ترى؟ قال: إما أن تعتدل وإما أن تعتزل"، فاعتزل معاوية، ولكن الأمويين ألقوا تبعة ذلك على المقصوص فقتلوه قتلة بشعة بأن دفنوه حيا!10.
أما غيلان الدمشقي وقد تتلمذ على يد الحسن بن محمد بن الحنفية11، وكان ممن ينكرون نسبة معاصي العباد إلى الله، حيث وافقه في ذلك مجموعة من العلماء من أبرزهم الحسن البصري، وأبو الأسود الدؤلي، ومطرف بن عبد الله، ووهب بن منبه، وقتادة وعمرو بن دينار، ومكحول الشامي..فقد اتصل بالخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز، فكتب إليه يشرح له بطلان فكرة الجبر وتصادمها مع روح الإسلام، وتنافيها مع عدل الله، وأن الإمام يجب أن يكون داعية لأمته إلى صحيح الأفكار.."وربما نجت الأمة بالإمام وربما هلكت بالإمام، فانظر أي الإمامين أنت!!" وهنا نجد عمر يهتف بغيلان: "أعني على ما فيه !" فيقول غيلان: "ولني بيع الخزائن ورد المظالم"12 فكان غيلان يبيعها ويقول: "تعالوا إلى متاع الخونة، تعالوا إلى متاع الظلمة" وكانت تلك العبارات الجارحة سببا في مأساته، إذ لم ينسها له هشام بن عبد الملك الذي أقسم ليقتلنه لو آلت إليه الخلافة.
فلما ظفر به بعد أن تولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز عذبه، فقطع يديه ورجليه، ثم قال تشفيا ومكرا: كيف ترى ما صنع بك ربك؟! مشيرا إلى مذهب الجبر الذي كان غيلان يناهضه، فيجيبه غيلان وهو في تلك الحال: لعن الله من صنع بي هذا، ثم يلتفت إلى الناس ويقول وهو يقصد الأمويين: قاتلهم الله ! كم من حق أماتوه، وكم من باطل قد أحيوه، وكم من ذليل في دين الله أعزوه، وكم من عزيز في دين الله أذلوه!! فيقول الناس لهشام: قطعت يدا غيلان ورجليه وأطلقت لسانه! إنه قد أبكى الناس ونبههم على ماكانوا عنه غافلين! فيقطع هشام لسانه، وتنتهي حياة غيلان.
أما الجعد بن درهم فقد ذبحه والي الأمويين خالد القسري في عهد هشام بن عبد الملك بجامع واسط بالعراق يوم عيد الأضحى وقد كانت له صلة سياسية بيزيد بن المهلب، لكنه اتهم بالقول بخلق القرآن. وقد أخذ عنه الجهم بن صفوان ولو أن شيوخ المعتزلة لا يعدونه منهم، لأنه كان جبريا كالأمويين.
أصل التوحيد عند المعتزلة:
إحتل التوحيد عند المعتزلة مكانة سامية حتى تميزوا به عن كل الفرق الإسلامية الأخرى. وهم يقصدون به إثبات وحدانية الله ونفي المثل والشبيه عنه، وقالوا إن صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته وليس بصفات زائدة عن الذات، وأنه لا جسم، ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا دم ولا لحم ودم ولا شخص ولا جوهر ولا عرض... إلخ13
وقد اتّفقوا على نفي رؤية الله بالأبصار في الجنة، ونفي التشبيه عنه من كلّ وجه، وأوجبوا تأويل الآيات المتشابهة فيها، مؤسسين كلامهم هذا على قوله تعالى: "لا تدركه الأبصار"، ومؤولين الآية الكريمة: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" أي أن النظر جاء هنا بمعنى الانتظار، فالمؤمنون ينتظرون الوعد الذي وعدهم الله به في الآخرة، وليس بمعنى النظر البصري كما ذهب خصومهم.
ولسوف ترتبط مسألة خلق القرآن في إطار نفي صفة الكلام انسجاما مع تنزيه الله عندهم عملا بأصل التوحيد، كما سيأتي شرحه في الجزء الثاني من هذا المقال، حيث سيقع سوء تفاهم كبير أدى إلى أزمة خطيرة في عصر المأمون سوف تأتي تداعياتها على المعتزلة أنفسهم فيما بعد.
المنزلة بين المنزلتين:
لم تتميز المعتزلة كفرقة كلامية إلا بأصل المنزلة بين المنزلتين مع واصل بن عطاء الذي يحكى أنه كان من تلامذة الحسن البصري. وقد دخل رجل ليسأل الحسن عن حكم "مرتكب الكبيرة" –وقد كانت الخوارج تكفره وقالت جماعة بأنه مؤمن- فقال له الحسن أنه ليس بكافر. فقام واصل ولم ترق له إجابة أستاذه ليصرح أمام الملأ: "إنما هو في "منزلة بين منزلتين" أي لا مؤمن ولا كافر فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مصرًا على فسقه كان من المخلّدين في عذاب جهنم. ثم اعتزل حلقة الحسن البصري وكون حلقته الخاصة وأصبح له أتباع ومقتنعون باجتهاداته. و يروى في ذلك أن الحسن البصري قال لأصحابه: "لقد اعتزلنا واصل" فسمي بعد ذلك أصحاب واصل بن عطاء بالمعتزلة.
وقد استتبع في القول بالمنزلة بين المنزلتين –كما يقول الدكتور أحمد أمين- آراء سياسية خطيرة، "فقد اضطر المعتزلة أن يطبقوا نظريتهم على الأعمال التي عملت منذ نشوب الخلاف بين المسلمين. أي الفريقين كان مخطئا: عثمان أم قاتلوه؟ وهل كان علي محقا في واقعة الجمل أو عائشة؟ وكيف نحكم على من كان في يدهم إدارة الحرب في صفين؟ من مرتكب الكبائر منهم؟ ومن الذي يعد بحق فاسقا؟"14
أصل العدل وما يرتبط به:
لقد تحرى المعتزلة الإلتزام بالعدل الذي ارتبطت به كل أصولهم عدا التوحيد، ولذلك سموا أيضا بأهل العدل والتوحيد، كما ارتبطت كل هذه الأصول أيضا بالسياسة.
فمن ذلك أصل الوعد والوعيد، وقد استغله المعتزلة في معاركهم السياسية ضد عسف الحاكمين، فالحاكم الطاغي في نظر المعتزلة يخال أن الله سوف يتجاوز عن آثامه وجرائمه فيزداد طغيانا. ولكن الله كما وعد الطائعين بالجزاء فقد توعد الطغاة والمجرمين بالعقاب، ولن يخلف الله وعده.
وانسجاما مع هذا الأصل عند المعتزلة يقول القاضي عبد الجبار: "لا خلاف بين الأمة في أن شفاعة النبي (ص) ثابتة للأمة، وإنما الخلاف في أنها ثبتت لمن؟ فعندنا أن الشفاعة للتائبين من المومنين، وعند المرجئة أنها للفساق من أهل الصلاة"15 وبذلك يغلق المعتزلة باب الشفاعة أمام عصاة المسلمين وفساقهم، بل إنهم يجعلون عقوبة الله لهؤلاء لطفا بهم لأنها تزجرهم عن المعاصي حين يتأكدون أن وعيد الله لا يتخلف.
ومن ذلك أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أصل يغلب عليه الطابع العملي، حيث وضعت له المعتزلة شروطا وفرقوا بين شقيه النظري والعملي، فرأوا "أن في المعروف يكفي مجرد الأمر به، ولا يلزمنا حمل من ضيعه عليه..وليس كذلك النهي عن المنكر، فإنه لا يكفي فيه مجرد النهي عند استكمال الشرائط حتى نمنعه منعا"16 يوجبون بمقتضاه الخروج على الأئمة والخلفاء وولاة الأمر إذا ارتكبوا الكبائر و أساؤوا في حكمهم إلى الشعب، وإن كانوا مؤمنين، وهذا الأصل عندهم من فروض الكفاية.
وصلة هذا الأصل بالسياسة واضحة ففي الوقت الذي اكتفت فيه معظم الفرق بالتدخل القولي أو الإنكار القلبي نرى أن المعتزلة قد لجأت إلى الفعل فشاركوا أو قاد بعضهم ثورات ضد طغاة بني أمية وبني العباس، وكانوا كلما رأوا منكرا في المجتمع الإسلامي قاموا إلى تغييره باللسان واليد والسيف.
وقد اشترك معبد في ثورة عبد الرحمان بن الأشعث ضد جبار بني أمية؛ الحجاج بن يوسف الثقفي. وقد جذبت هذه الثورة إليها عدد كبير من القراء والزهاد، وكان بين جنودها جبلة الجعفي، وسعيد بن جبير، وعامرا الشعبي، وعبد الرحمان بن أبي ليلى وغيرهم.. لكنها انتهت بالفشل سنة 81ه، وبقتل ابن الأشعث وعدد كبير من رجاله من بينهم معبد الجهني. وقد خرجوا أيضا مع زيد بن علي في ثورته على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك ومن المعروف أن زيدا كانت له صلة بواصل بن عطاء صاحب أصل المنزلة بين المنزلتين17.
وقد بايع المعتزلة يزيد بن الوليد وكان يسمى بالناقص –لأنه نقص من أعطيات الناس في عهد من سبقه- وكان يدين بمذهبهم. فقاموا معه ونصروه ضد خصومه إلى أن تولى. لكن خلافته لم تطل (حوالي 6 أشهر) ولم تكن هذه المدة القصيرة تكفي المعتزلة لترسيخ جذور مذهبهم، كما شاركوا في ثورة إبراهيم ضد المنصور العباسي بالرغم من كون أحد شيوخهم وهو عمرو بن عبيد قد كان صديقا مقربا للمنصور.
وهكذا تكتمل أركان فكر الإعتزال باكتمال أصولهم الخمسة؛ التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والتي انبرى لشرحها بتفصيل دقيق أحد كبار متكلميهم، وهو القاضي عبد الجبار في كتابه "شرح الأصول الخمسة" الذي كان من أبرز مصادر الإعتزال القليلة التي أغفلتها رقابة التعصب والتطرف لتتجاوز أزمنة الإنحطاط وتصل إلينا بأمان..يتبع
هوامش:
1- سوف يقول المعتزلة بخلق القرآن ضدا على قول بعض المسلمين الذين تأثروا بهاته العقيدة المسيحية فقالوا بقدم القرآن.
2- مما كتب عن المعتزلة من القدماء "الملل والنحل" للشهرستاني، وكتاب "الفرْق بين الفرق" لعبد القاهر البغدادي، وكتاب "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين" لأبي الحسن الأشعري، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان من السنة، ومن الشيعة "فرق الشيعة" لابن النوبختي، و"منهاج الكرامة" لابن مطهر الحلي.
3- انظر كتاب "المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية" لمحمد عمارة، و"المعتزلة" لزهدي جار الله..
4-نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، م س، ج1 ص 231-232.
5- الإمامة والسياسة لابن قتيبة، ج1 ص167.
6- هناك من يعد الجهم بن صفوان من آباء المعتزلة كيوسف زيدان في كتابه اللاهوت العربي إلا أن متكلميهم قد تبرؤوا منه لأنه كان جبريا.
7 -الملل والنحل للشهرستاني، ج1، ص195.
8- ميزان الإعتدال للحافظ الذهبي، ج3، ص183.
9- شرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، ص201.
10- البدء والتاريخ للمقدسي، ج1، ص16-17.
11- أنظر "فضل الإعتزال وطبقات المعتزلة" للقاضي عبد الجبار.
12-وردت هذه الرواية في بعض المصادر الإعتزالية، لكن بعض المصادر السنية تكذبها وتذهب إلى أن عمر قد أقام الحجة على غيلان وبأن هذا الأخير قد أعلن توبته أمامه، وكف عن القول بالقدر في حياة عمر.. أنظر التنبيه والرد على أهل الأهواء للمطي ص159. وهي كما يبدو قصة ركيكة لا تستقيم و البناء الكلامي الذي اعتمده غيلان وأصحابه في الإقناع من جهة وصلته بالخليفة عمر بن عبد العزيز من جهة أخرى.
13- انظر مقالات الإسلاميين للأشعري، ج1، ص216-217.
14- فجر الإسلام لأحمد أمين، ص 293-294.
15- شرح الأصول الخمسة، ص688.
16- شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار، ص 744.
17- راجع الفصل الخاص ب"الاتجاه الشيعي في فكر المعتزلة" في كتاب التاريخ السياسي للمعتزلة للدكتور عبد الرحمان سالم.
*باحث في اختلاف المذاهب الإسلامية