جسّ سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المعيّن، نبض زعامات الأحزاب السياسية التي التقى بها أمس الثلاثاء بمقر حزب العدالة والتنمية بالرباط، في أولى جلسات المشاورات لتشكيل حكومته، واستمع إليهم بهدوء مع حفظ المسافات بينه وبينهم من خلال طريقة جلوسه وحديثه المختصر جدا معهم.
وكان العثماني في ذلك اليوم مختلفا تماما عن ذي قبل، خاصة قبيل ساعات من تعيينه من قبل الملك كرئيس حكومة مكلف، وتحولت ابتسامته التي كان يطلقها عنانا، إلى جمود في تعابير الوجه حتى وهو يقف بجانب زعماء الأحزاب السياسية الذين عبروا عن مواقفهم أمام الصحافة، بينما الغموض والجمود كان واضحين في وجه العثماني.
ولا شك أن المسؤولية الجديدة ألقت بثقلها على "الفقيه السوسي"، وكان لها ذلك الدور الكبير في التغير الجدري في سلوك رئيس الحكومة الجديد الذي بدأ يسلك طريقا سريعا ومختلفا ومنهجية تفاوض مغايرة لتلك التي اتبعها سلفه عبد الإله ابن كيران والتي غرقت في "الشعبوية".
ولم يخرج العثماني ضمن استراتيجيته الجديدة أمس، عن بروتوكول اللقاءات الرسمية مع القيادات الحزبية بمقر البيجيدي، فقد كان الرجل قليل الكلام،ومتزنا في مواقفه وتعبيراته المحدودة، حتى أنه لم يقدّم لهم طلبا للمشاركة في الحكومة،وهذا ما استغربته القيادات بعد لقائه بهم، واكتفى بحديث مقتضب معهم حول الوضع عامة في المغرب مع التهاني والمجاملات المتبعة في مثل هذه المناسبات.
ومن هنا بدأ العثماني رئيس الحكومة الجديد،والطبيب النفسي المعالج في رسم خطة "علاجية"، لتشكيل حكومة قوية ومنسجمة، بعيدا عن التجاذبات والبلاغات والبلاغات المضادة كما حدث مع ابن كيران، لكسب أكبر وقت ممكن لإقناع الفرقاء السياسيين بالدخول إلى الحكومة دون أن يتعثر في تشكيلها ويفشل بدوره في المهمة.
فالعثماني محاصر الآن بأجندة معينة والتزامات سياسية لزعماء الأحزاب، ولقاؤه بأغلبية زعماء الأحزاب يدخل في إطار اللقاءات الأولية والتي خصصت لجس نبضهم ومعرفة مدى استعدادهم للانضمام للتحالف الحكومي المقبل.
فما هي الخطة "العلاجية" الثانية لرئيس الحكومة الجديدة، وهل سيفلح في امتصاص ضغوطهم واشتراطاتهم،في الجولة الثانية، خاصة أن لقاء مرتقبا قد يجمعه بزعماء الأحزاب الجمعة المقبل في إطار جولات المشاورات لتشكيل الحكومة؟