أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن تفاعلها الإيجابي مع بلاغ الديوان الملكي، وضمنت هذا التفاعل مجموعة من السموم من قبيل أنها قبلت الأمور الإيجابية فيه للإيحاء بوجود السلبيات، في الوقت الذي جاء منسجما مع بنود الدستور قبل روحه، القاضي بتعيين شخصية أخرى من الحزب الإسلامي وتكليفها بتشكيل الحكومة، ولم تكتف بالتفاعل الإيجابي كما قالت ولكن قررت عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني اليوم السبت للبت في الموضوع.
الملك احترم الدستور بحذافيره. وأصر على تعيين رئيس الحكومة في وقت سريع في إشارة إلى ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة. الذين يزعمون أن هناك جهات عرقلت عمل بنكيران ينسون أن هذه الجهات هي التي ساعدته على تكوين أغلبية، فعندما تم انتخاب حميد شباط، أمينا عاما لحزب الاستقلال قرر الخروج من الحكومة، فأصبح بنكيران دون أغلبية، فجاء التجمع للتحالف معه.
لم يكن طبيعيا أن يتحالف التجمع مع البيجيدي لولا تدخلات معينة، خصوصا وأنهم اتهموا رئيس الحزب آنذاك صلاح الدين مزوار بأخذ الأموال تحت الطاولة، لكن رغم ذلك تحالف معه، وحينها لم يعترض الطبالجية والصيرفية على هذا التحالف غير الطبيعي، لكنهم اليوم عندما يرون تحالفا بين أخنوش ولشكر يستنكرون ذلك ويعتبرونه بلوكاجا.
وقبل الانتخابات بسنة تقريبا عاد التوتر بين العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، وحتى مع أحزاب أخرى. تغيير الشخصية ليس أمرا ثانويا. صحيح أن العدالة والتنمية حزب له مؤسسات هي التي تقرر، لكن طبيعة الشخصية تختلف ولكل واحد أسلوبه وسلوكه وطريقته في التعامل، قد يكون بنكيران ناجحا في أشياء لكنه فشل في تدبير الحكومة قبل أن يفشل في تشكيل الحكومة في الولاية الحالية.
إذن من حق سلطة التعيين أن تلغي قرارها الأول لفائدة اختيار شخص ثانٍ، وهذا القرار يخضع للدستور لا لغيره. فرغم تصرفات وسلوكات بنكيران أثناء قيادته للحكومة الأولى، فقد اختار جلالة الملك أن يعينه رئيسا للحكومة ما دام أعضاء الحزب مددوا له في الأمانة العامة، لكن لا يمكن الانتظار أبد الدهر حتى يكون مزاجه رائقا حتى يشكل الحكومة.
إذن التعيين الأول كان دستوريا والتعيين الثاني دستوريا وبقي متشبثا بالفصل 47 من الدستور. إذن ماذا سيضيف المجلس الوطني للعدالة والتنمية؟ هل من حقه رفض القرار الملكي؟ هل من حقه أن يقرر الخروج للمعارضة؟
ليس من حق المجلس الوطني للعدالة والتنمية الاعتراض على القرار الملكي، ليس لأنه صادر عن الملك، ولكن لأنه مخالف للدستور. لا يمكن أن تصبح برلمانات الأحزاب السياسية حاكمة على الدستور وبنوده ولن يبقى الدستور دائما هو الحاكم عليها باعتباره أسمى وثيقة قانونية تنظم علاقة المؤسسات ببعضها البعض.
لنفترض أن الملك قرر المرور إلى اختيارات دستورية أخرى غير هذا، فهل من حق الأحزاب السياسية أن تعترض؟ طبعا لا، ولكن بإمكانها سلوك المساطير القانونية لتعديل الدستور، أما غير ذلك فإن أي قرار يخرج عن المجلس الوطني للبيجيدي لا قيمة له وغير قانوني مادام يتعارض مع الدستور.
صاحب المقال : Annahar almaghribiya