تعاني الجزائر من عواقب ظرفية اقتصادية ومالية صعبة، متأثرة بشدة بانخفاض عائدات النفط، التي ستواصل تأزيم المالية العامة للدولة خلال سنة 2017 حسب توقعات البنك الدولي، مع ارتفاع مهول في معدلات التضخم والبطالة وتراجع الدينار، الذي فقد حوالي 20 في المئة من قيمته.
وفي مواجهة هذا الوضع، شدد العديد من المراقبين الأمريكيين على ضرورة قيام النظام الجزائري، دون أي تأخير، بهيكلة قطاع الطاقة، مبرزين في الوقت نفسه غياب أية نتائج واضحة في مجالات الإصلاحات أو فعالية التشريعات الرامية إلى ضمان انفتاح السوق الجزائرية وتطوير القطاع الخاص.
ولاحظت الشركة الأمريكية ستراتفور، المتخصصة في التوقعات الجيوسياسية والاستعلامات الاقتصادية، في دراسة تحليلية نشرت أمس الأربعاء، أن "إعادة هيكلة قطاع الطاقة يهدد شبكة من المصالح نسجت حول شركة سوناطراك".
وفي الوقت الذي تحاول فيه الجزائر تحديث قطاع الطاقة، أبرزت ستراتفور أن الشركة، التي كان من المفترض أن تمهد الطريق، نسجت شبكة من المصالح، مكونة من كبار المسؤولين الجزائريين، الذين يحرصون على ألا تؤثر الإصلاحات الجاري تنفيذها على قدرتهم على الوصول إلى خزائن الدولة.
وأضافت الشركة الأمريكية أن هذه المحاولات لا تقوم إلا بتأخير القدر المحتوم، مشيرة إلى أنه مهما كانت هوية خليفة الرئيس الحالي، فإنه سيواجه واقعا عنيدا مفاده أن "البلد لا يمكن أن يبقى في وضع الجمود".
في هذا السياق، تتوقع الشركة الأمريكية أن "الانتخابات التشريعية المقبلة، السادسة منذ تبني التعددية بالبلد سنة 1989، لن تجعل السلطة التشريعية قادرة على القيام بمعارضة فعالة لقمة هرم السلطة ومحيطه".
وبالعودة إلى عدم قدرة النظام على تحسين مناخ الأعمال، انتقدت الدراسة التحليلية الطابع الفضفاض للإطار التشريعي "الذي لا يبعث على الثقة في قدرة الحكومة على المضي قدما في طريق الإصلاح"، لافتة إلى أنه "على كل حال، فالجزائر معروفة بالفوضى في تدبير واحد من أكبر المشاريع كلفة، أي الطريق السريع شرق – غرب".
وأشارت ستراتفور إلى أن "هذه الانتكاسة محرجة جدا (بالنسبة للنظام الجزائري)، حيث أن المغرب تميز بكونه بطل في الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال البنيات التحتية".
في هذا السياق، لاحظ العديد من المراقبين بواشنطن أن استراتيجية تنويع وتأهيل الاقتصاد الجزائري ما زالت تتجاهل سلسلة من المشاكل التي أعاقت تطور الجزائر طيلة العقود الماضية، لأنه فضلا عن المشاريع المشتركة وجذب الاستثمارات الخارجية، لا وجود لأي مخطط لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من "ميز متواصل من طرف طبقة أرباب المصالح الرأسماليين المقربين من السلطة".