انتشر مؤخرا بشكل واسع فيديو يوثق لاستنجاد خادمة مغربية تشتغل عند ممثلة الدبلوماسية المغربية في قنصلية أورلي بالجيران، حيث طلبت منهم استدعاء الشرطة وشخص يتحدث بالعربية.
وحسب رواية الخادمة المغربية، فقد اشتكت من سوء المعاملة التي تعرضت لها من قبل القنصلة العامة بأورلي، ووجهت نداء استغاثة للملك محمد السادس عبر شريط فيديو تم تداوله في شبكات التواصل الاجتماعي.
السؤال هو كيف يمكن تجاوز هذه المظاهر التي تسيء لصورة المغرب في الخارج وتجنب أن تؤدي الدبلوماسية المغربية ثمن تصرفات فردية، غير محسوبة ؟
التعاطف المتسرع الذي أبداه رواد التواصل الاجتماعي مع الخادمة، رغم عدم استماعهم لرأي الطرف الآخر، يكشف عن روح تمغرابيت التي ترفض العنف والظلم مهما كان المصدر.
لكن حتى لو سلمنا بهذه الأخطاء الفردية، وافترضنا جدلا وقوعها، فإن ذلك لا يعطي الحق لأي كان أن يتربص، أو ينتقص من العمل الدبلوماسي برمته. المجهودات التي يقوم بها جلالة الملك في علاقات المغرب الخارجية تعطي ثمارها على كافة المستويات، ولا يمكن بتاتا، نتيجة تجاوزات هنا وهناك، أن نلغي دور المغرب الريادي في صون حقوق مواطنيه في الداخل وفي الخارج، على حد سواء.
إن المواطن المغربي لا يجب عليه أن يقتات على الإشاعة وأراجيف المتربصين بإشعاع المغرب وصورته في العالم.
هذا المواطن يجب أن يكون حريصا على هذه الصورة المشرقة وعلى هذا الاستثناء الحضاري الذي يقدمه المغرب في كل المجالات.
وبالعودة لقضية الخادمة المغربية، فإن جلالة الملك قام بإعفاء المسؤولة المغربية، لحرصه الشديد على ترسيخ مفهوم دولة المؤسسات وليس الأشخاص.
ولذلك ليس هناك من مبرر للعب دور الضحية والركوب على هذه الحادثة من قبل جهات يزعجها نجاح المغرب المستمر، أو اللجوء لأساليب رخيصة قصد تبخيس عمل الدبلوماسية المغربية في مجموعها.
في هذا السياق، ندعو في حالة وجود تجاوزات من هذا القبيل أن يتم اللجوء للبيت الداخلي لمعالجة المشاكل التي تواجهنا وعدم نشر الغسيل، في وقت نحن في أمس الحاجة للتكتل والانتظام من أجل الدفاع عن القضايا الوطنية وفي مقدمتها الصحراء المغربية.
إن ما نحتاجه اليوم، قبل أي وقت مضى، هو رص الصف ودعم الطاقات الشابة في المهجر وفتح المجال أمام المواهب والكفاءات كي تقدم خدماتها في كافة المجالات، بتعاون مستمر مع المسؤولين الدبلوماسيين من خلال نهج استراتيجية القرب والإنصات لهموم مغاربة العالم.
على أن العمل الحقيقي لفعاليات المجتمع المدني في الخارج يجب أن ينصب على فتح أوراش لاستئناف التفكير في قضايا الهجرة وترسيخ قيم التسامح والوسطية وتفعيل دور الثقافة المغربية في إعطاء النموذج الحي الذي يسعى المغرب لتقديمه قاريا ودوليا، وذلك من خلال الندوات والدورات التكوينية واللقاءات التثقيفية والفنية.
وبالتالي فإن من يسعى للركوب على هكذا أحداث من أجل الزج بالدبلوماسية المغربية في متاهات التنقيص والتشويه، سيصطدم بروح الوطنية والتلاحم بين مكونات أفراد الجالية المغربية، التي من المفروض أنها تعي اللحظة التاريخية التي يمر منها المغرب، وتستشرف التحديات المستقبلية التي نقرأ معالمها في الخطابات الملكية السامية.
عبد السلام وجيه
رئيس جمعية أطفال الغد - باريس
abs.wajih@hotmail.fr