محمد بوداري
يواصل نظام العسكر في الجزائر عملياته المكشوفة الرامية إلى خلق قلاقل وتوترات بالمنطقة العازلة، التي انسحب منها المغرب بموجب اتفاق إطلاق النار سنة 1991، تمهيدا لتسوية النزاع المفتعل بالصحراء المغربية..
فبموازاة دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى ضبط النفس لتجنب تصعيد التوتر بالمنطقة العازلة قرب "الكركرات"، والتي حولتها شرذمة من البوليساريو مدعومة من الجزائر، إلى نقطة لاستفزاز سائقي الشاحنات المغربية، يعقد الجنرال قايد صلاح، قائد الجيش الجزائري، اليوم السبت، بمعية ما يسمى بـ"الجيش الصحراوي" منتدى مشتركا، بهدف "تبادل الخبرات بين الجيشين" !!.
وتندرج هذه االخطوة في إطار المخطط الجزائري المعادي للمغرب، والذي يهدف إلى التصعيد وخلق بؤر توتر على طول الشريط الحدودي بين المغرب وموريتانيا، الذي يستغله مرتزقة البوليساريو بإيعاز من الجزائر للقيام بعمليات بهلوانية استفزازية باستخدام الآليات العسكرية التي يجود بها العسكر الجزائري على الانفصاليين، وذلك في تحد خطير لقرارات الامم المتحدة وفي خرق سافر لاتفاقية إطلاق النار التي انسحب المغرب على إثرها من هذا الشريط الذي اعتبر منطقة منزوعة السلاح..
إلا أن الجنرال قايد صلاح، قائد الجيش الجزائري، وفي إطار الصراع المحتدم حول السلطة بالجزائر وفي محاولة مه لاستعراض القوة لفرض نفسه كخليفة محتمل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يقوم هذه الأيام بتسخينات تهدف إلى تصعيد التوتر بالمنطقة في محاولة فاشلة لإقناع الجزائريين بضرورة الالتفاف حوله وحول الطغمة العسكرية "القادرة وحدها على إنقاذ البلاد" مما يعتبرونه خطرا خارجيا يتمثل في المغرب..
أهداف القايد صالح ومن يقف وراءه، واضحة ومكشوفة، إذ كيف يلجأ جيش بحجم الجيش الجزائري، إلى شرذمة من المرتزقة قصد "تبادل الخبرات معها" كما يدعي منظمو المنتدى المزمع تنظيمه اليوم بمنطقة بئر لحلو التي تقع هي الأخرى ضمن المنطقة العازلة..
لجوء نظام العسكر إلى منطقة بئر لحلو لتنظيم هذا المنتدى "الغريب" اليوم السبت، قصد الاستفادة من خبرات ما يسمى بـ"الجيش الصحراوي" !، وإقدام الجزائر قبل ذلك بإمداد مرتزقة البوليساريو بدفعة من الأسلحة الجديدة بنفس المنطقة التي تقع كذلك ضمن المنطقة العازلة، يوضع بما لا يدع مجالا للشك بان نظام العسكر هو الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وأنه المستفيد الوحيد من وضعية التصعيد بالمنطقة خاصة بعد ان بلغت الأزمة بالجزائر مستويات تنذر بالخطر والانفجار في أي لحظة، وهو بسلوكاته الاستفزازية والتصعيدية التي يقوم بها عن طريق ميليشيات البوليساريو، إنما يحاول تصدير أزمته الداخلية وإلهاء الشعب الجزائري عن الأسباب الحقيقة لهذه الأزمة واستدامة أطول للوضع وللمحافظة على مصالح الطغمة العسكرية ووالمتنفذين وكل من يدور حولهم من المستفيدين من ريع النفط الذي بدأ ينضب مع انهيار أسعار المحروقات على المستوى العالمي..
إن الجزائر، من خلال هذه الممارسات، تعلن تحديها لتوصيات الأمم المتحدة وتهدد بذلك اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عليه سنة ، وهو ما يفرض تدخل الأمم المتحدة، والمنتظم الدولي لوضع حد لهذه الاستفزازات الخطيرة لمرتزقة البوليساريو وأسيادهم بالجزائر التي تعتبر طرفا أساسيا في الصراع الذي يستهدف مصالح المغرب ووحدته الترابية..
وكان جلالة الملك محمد السادس، قد أثار انتباه أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، في اتصال هاتفي، إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، بسبب التوغلات المتكررة للعناصر المسلحة لمرتزقة "البوليساريو" وأعمالهم الاستفزازية، حيث أشار جلالته إلى أن ما يجري "يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر ".
كما عبر أنطونيو غوتيريس، عن قلقه إزاء تزايد التوترات بهذه المنطقة العازلة جنوب الصحراء المغربية، ودعا كلا من المملكة المغربية وجبهة البوليساريو الانفصالية، إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتجنب تصعيد التوتر في المنطقة ".
ورغم أن المغرب بادر إلى التجاوب الإيجابي مع الأمين العام للأمم المتحدة وتصريحاته الأخيرة، وقام بانسحاب أحادي الجانب من منطقة الكركرات، وهو ما أشادت به الأمم المتحدة والعديد من الدول وضمنها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وفرنسا واسبانيا.. إلا ان مرتزقة البوليساريو، وبإيعاز من الجزائر، لم يستجيبوا لدعوة غيتيريس وتمادوا في غطرستهم من خلال تفتيش ومراقبة الشاحنات بالمنطقة باستعمال أساليب قطاع الطرق، وذلك في تحد سافر للأمم المتحدة وللمنتظم الدولي..