يجوز لشرطة نيويورك، وباريس، ومدريد، أن تفرق الاعتصامات والمظاهرات، وأن تمارس كل مهامها في حفظ الأمن العام، وأن تضرب وتعتقل... لكن ليس من حق شرطة الرباط، أو البيضاء، أو المضيق أن تخرج من مخافرها، أو أن تتحرك لفك اعتصام، أو تفريق مظاهرة تعرقل حركة السير، أو تُفسد على المحلات التجارية بيع بضاعتها...
وحين تقوم الشرطة بالمغرب بمثل ما تقوم به شرطة نيويورك، وباريس، ومدريد، فإن عقيرة، الذين يدعون حماية الحريات، ترتفع حتى ولو كان هذا الاعتصام أو تلك المظاهرة لم تحصل على ترخيص قانوني مسبق.
و الظاهر أن البعض يصر على إجهاض مفهوم الأمن من محتواه، فقط عندما يتعلق الأمر بالحركات الاحتجاجية، ويطالب بتطبيق القانون، ويتهم الشرطة، والسلطة بالتقصير فيما عدا ذلك.
وعندما يتابع المرء بعض مقاطع الفيديو "المخدومة" التي تبث على مواقع مشهورة بعدائها للبلاد والعباد، كموقع "دومان ali" يكتشف بسهولة، أن تلك الصور لم يتم التقاطها، بعفوية، بغية التوثيق لحدث، وإنما بإخراج محبوك بهدف تحقيق غرض محدد، خدمة لأهداف مبيتة، لذلك تجد طريقها بسهولة فائقة إلى هذه المواقع، لأن الإنجاز تم تحت الطلب، ولا غرابة أن ترى الكاميرا تركز على قطرة دم، يُجهل ما إذا كان تسبب فيها اعتداء أم هي مجرد طلاء، أو أن تُشاهد شابا كان يمشي على رجله، وفجأة، أصبح محمولا على الأكتاف مغمض الجفنين، وأن ترى عشرة وجوه تتكرر في نفس المشاهد.
ومن الطبيعي جدا أن يستغل البعض التطور التكنولوجي الهائل، من أجل اقتناص مثل هذه الصور، وأن يصطاد بعض العملاء، براءة أغلب المحتجين من أجل الاتجار في الصور، وأن يستثمر كل ذلك أمثال علي المرابط، من أجل خدمة أجندتهم المدفوعة الأجر، لكن كل هذه "البهلوانيات" لم تعد تنطلي على الشعب.