فاطمة يعقوبي
ينقسم الأثرياء المغاربة بحسب اختلاف تكوينهم و اهتماماتهم الاستثمارية و تنوع مجالاتها، و في مصادر ثروتهم و طرق أوجه تنميتها..
يصنف هؤلاء الأثرياء من حيث السن فهناك فئة المعمرين أو القدامى الذين تجاوزوا عتبة سن التقاعد أمثال عبد الكريم العمراني، عثمان بن جلون و إبراهيم زنيبر … و هناك المليارديرات الشبان أمثال عزيز اخنوش، مريم و محمد حسن بن صالح، كريم التازي… أما من حيث الثروة فتتفاوت بين الإرث مثال عزيز اخنوش و الأخوين بنصالح، و الاجتهاد الشخصي، كما في حالة ميلود الشعبي و ابنه فوزي الشعبي، و بين الإرث و السلطة و الاجتهاد مثلما هو في حالة بنصالح و انس الصفريوي…
من مميزات نخبة الأثرياء المغاربة، إنهم قادمون من مجالات متعددة، و قطعوا أشواطا متباينة، لذلك تتعدد مصادر ثروتهم بين الوراثة و النسب العائلي و الأصول الاجتماعية، أو ينمونها عبر ما يمنحه اقتصاد الريع، جلهم مسالم إلا في الدفاع عن مصالحه، كلما احتكوا بمجالات السلطة ابقوا على مسافة مع الخطوط الحمراء المرسومة سلفا، وحين يلمسون الخطوط الكهربائية العالية الضغط لمجال نفوذ السلطة. يبدون استسلاما و تراجعا لصالح نفوذ السلطة، فلذلك يتميز الرأسمال المغربي، من خلال مقاربة مجالات استثمار كبار الأثرياء، بالأكثر جبنا من غيره، و البرجوازية في المغرب لا تقبل بالمجازفة و توقع الخسائر في مجال الاستثمار. من هنا غياب روح المغامرة الاقتصادية، لا يقول الثري المغربي كما في عالم التجارة الدولية، ” يا ربحة يا دبحة” بل على العكس شعاره هو ” يا ربحة يا ربحة”، فلذلك لا ينخرط معظمهم إلا في المشاريع المضمونة المردودية سلفا و بأقل تكلفة أحيانا، و كل مشاريعهم الاستثمارية محاطة بكل الضمانات، رغم أن مجريات العقد الأخير، مع الانفتاح الاقتصادي للمغرب و اتفاقيات التبادل الحر، بدأت تقلب الكثير من المسلمات لدى الرأسماليين المغاربة.
المال و السلطة ثم الكفاءة
أقرت دراسة أجريت تحت إشراف الأمم المتحدة، أن 20 في المائة من المغاربة يستهلكون نصف ثروة البلد، فيما 80 في المائة الباقية تعيش على النصف الثاني المتبقي .. إن الثروة متمركزة في يد أقلية، ليس هذا فقط، بل إن تنمية المجتمع و توسيع مجالات الاستثمار لم تنعكس إيجابا لا على مستوى إعادة توزيع الثورة و لا على مستوى تقريب المسافة بين البنيات الاجتماعية، بين ممن يملكون و من لا يملكون، و على مستوى توسيع مجال الثراء، إذ ازداد الأغنياء ثراء و ازداد الفقراء فقرا.. و السبب هو لا ديمقراطية الرأسمال المغربي، و النتيجة هي ضيق نسبة الطبقة الوسطى “ضامنة الاستقرار و رافعة التنمية و التحديث” في المجتمع.
للثروة علاقة كبرى بالسلطة في المغرب… إن المال و السلطة في المغرب يتحدان، خاصة قبل عقدين من الزمن و يعتبر مجمع “اونا” الاقتصادي حالة استثنائية في المغرب، انه نقطة التقاء السلطة و الثروة، الحكم و الاقتصاد، المال و السياسة… حيث يظل مجهول هذا الهولدينغ أكثر من معلومه، و لا احد يمكنه أن ينكر القوة الاقتصادية التي منحها للمغرب. لقد كان المخزن دائما يعتمد على العائلات التجارية الكبرى منذ القرن 17، من آل الكوهن و آل التازي و آل بن جلون و آل بركاش و آل حصار و آل الكلاوي… و حتى بعد الاستقلال ظلت العائلات الثرية ذات حظوة لدى السلطة المركزية التي تضمن مصالحها، مقابل دعمها و إسنادها و تقديم خدماتها و خبرتها لدواليب الحكم…
مع مجيء الحسن الثاني، و في سياق تحديث دواليب الدولة و اختيار المغرب الاتجاه الليبرالي، فرضت شروط جديدة، لقد استمر اقتصاد الريع و لازال، لكن وجود العائلة الملكية في اكبر مؤسسة اقتصادية “اونا” جعل الملك الراحل يفكر في أقطاب اقتصادية كبرى منافسة، في حدود السماح به، لخلق تنافسية و ليدفع عنه شبهة الجمع بين الثروة و السلطة بشكل احتكاري، و هو الذي مال إلى الليبرالية.. فكانت إمبراطورية كريم العمراني، و عثمان بنجلون و ميلود الشعبي ..
ارتباط المال بالسياسة في المغرب، تجلى أكثر مع الأثرياء المخضرمين، فبعضهم كان مقربا من القصر مثل عثمان بن جلون الذي عمل كمستشار مالي للحسن الثاني و كذلك ابراهيم زنيبر و كريم التازي قبل أن يقدم استقالته من حزب علي يعتة، أو عزيز اخنوش الذي جمع بين الحسنيين باعتباره مقربا من سدة الحكم و منخرطا في اللعبة السياسية.. أما الباقي فقد اختار الابتعاد عن السياسة، بل منهم مثل حفيظ العلمي، الذين يسبون السياسة و السياسيين أجمعين، و ليست لهم أي ثقة في كفاءتهم، و من الأثرياء من حاول الحفاظ على استقلاليته عن دواليب السلطة، فوجد نفسه على الهامش مثل عبد الرحيم الحجوجي الذي كفن ووضع في ثابوت اختاره بنفسه، اسمه حزب المواطنة.
الجيل الجديد من الأثرياء
على خلاف الأثرياء القدامى، الذين وجدوا أنفسهم في صلب العراك السياسي إما إلى جانب القصر مباشرة، أو في قلب الحركة الوطنية ومشتقاتها بعد الاستقلال، ظهر في المغرب جيل جديد من الأثرياء، يبلغون الآن من العمر ما بين الأربعينيات والخمسينيات، بعضهم ورث ثروة قائمة عن الأب، لكنه عمل بذكاء على تطويرها وتنمية رصيدها بكفاءته العلمية والعملية، أمثال:
مريم بنصالح : مسار امرأة استثنائية
حاصلة على دبلوم المدرسة العليا للتجارة بباريس وعلى ماجستير في إدارة الأعمال و التدبير والمالية الدولية – من جامعة دالاس، بتكساس (الولايات المتحدة) في سنة 1986.
ابتدأت مسارها المهني في الشركة المغربية للإيداع والقرض (SMDC)، ضمن مصلحة السندات والمساهمات. وفي سنة 1989، التحقت بمجموعة “هولمركوم”، وتشغل منصب مدير عام للشركة الفرعية “مياه أولماس المعدنية”. وهي أيضا عضو مجلس بنك المغرب (البنك المركزي المغربي) ورئيسة لجنة تدقيق الحسابات به. بالإضافة إلى ذلك، تحتل السيدة بنصالح – شقرون منصب عضو في مؤسسة محمد الخامس، ورئيسة المجلس الأورو متوسطي للوساطة والتحكيم، وعضو مجلس المجلس العربي للأعمال، واللجنة المديرية للمجلس المغربي-البريطاني للأعمال، ومنظمة الرؤساء الشباب ، ومجلس وكالة التنمية الاجتماعية.
وهي منذ 2012، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الهيئة المغربة لأرباب العمل، وهي المرأة الوحيدة التي انتخبت في هذا المنصب بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
و منحت الحكومة الاسبانية، مريم بنصالح شقرون، اكبر وسام للاستحقاق المدني تكريما لجهودها في تطوير العلاقات التجارية بين اسبانيا و المغرب.
عزيز أخنوش: سالينا من جميع الفلوس… آراك للسياسة!
احتل الوزير أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، في أول حكومة يقودها الإسلاميون في تاريخ المملكة، الأب لثلاثة أولاد، الرتبة الثالثة، في ترتيب أثرياء المغرب، والرتبة 20 في القارة الإفريقية، وتقدر مجلة فوربس، ثروة الوزير المغربي بحوالي 1.4 مليار دولار، ويرأس شركة “أكوا” القابضة، التي تضم 50 شركة، تنشط في مجالات كثيرة، في الاقتصاد المغربي.
وفي الاتحاد الأوروبي، يحظى الوزير أخنوش بثقة بروكسل لأنه ساهم في التوصل لاتفاق تاريخي، لتجديد اتفاقية الصيد البحري، ما مكن السفن الأوروبية من العودة، وعلى رأسها السفن الإسبانية للنشاط في المياه الإقليمية المغربية بعد توقف جراء تعثر المفاوضات الثنائية بين الرباط وبروكسل.
وهو ما دفع بمجلس الوزراء الإسباني إلى منح الوزير أخنوش ما يعرف بـ”وسام الصليب الأكبر للاستحقاق”، في اعتراف منه بمساهمة المسؤول الحكومي في إيقاف “بطالة” البحارة الإسبان كما كتبت الصحافة الورقية الإسبانية.
كريم التازي: الملياردير “الشيوعي”
واحد من الأخوين اللذين يديران «ريشبوند»، وهو مجمع صناعي وعقاري يبلغ رقم معاملاته السنوي 170 مليون دولار، ولا يتورع عن انتقاد الفساد في أعلى دوائر السلطة، وشجب انتهاكات حقوق الإنسان، ودعم المحتجين المؤيدين للديمقراطية، وباختصار فإنه نوع من الحراك الذي عادة ما يتحاشاه رجال الأعمال في جميع أنحاء العالم مخافة أن تجعلهم الأنظمة يدفعون ثمنا باهظا عن جرأتهم
هو الرئيس المدير العام لشركة ريشبوند، والرئيس السابق للجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة (AMITH) ومؤسس البنك الغذائي، سليل أسرة فاسية ثرية لها بصماتها في الحركة الوطنية، أبوه انتمى إلى الحزب الشيوعي المغربي، وأمه أول ممرضة مغربية مجازة تخرجت في 1958، وهي المشرفة على عصبة حماية الطفولة، كانت لها ميولات اشتراكية وقد زارت الاتحاد السوفياتي…
عثمان بن جلون: برلسكوني المغرب
مصرفي و ملياردير و رجل أعمال ، و هو رئيس المجموعة الاقتصادية فينانس كوم التي تراقب نحو 25% من سوق التأمين بالمغرب عبر الشركة الوطنية للتأمين والشركة الملكية للتأمين، اللتين اندمجتا تحت اسم الملكية الوطنية للتأمين، ومدير البنك المغربي للتجارة الخارجية، الذي يمثل نحو 16% من النشاط المصرفي بالمغرب، كما يرأس بنجلون منذ عام 1995 “المجموعة المهنية لبنوك المغرب”
بدأ بنجلون حياته العملية في التجارة رفقة أخيه عمر، الوكيل الحصري لشركة” فولفو” السويدية بالمغرب، وتوسعت أعمال الأخوان بنجلون لتشكل مجموعة صناعية عملاقة ومتنوعة الأنشطة.
أغنى أغنياء المغرب، يتربع على عرش ثروة جمعتها العائلة منذ سنوات الأربعينيات، هو رجل الأعمال المغربي المعروف عثمان بن جلون، والذي تقدر ثروته حسب آخر تقرير صادر عن مجلة “فوربس” المتخصصة بـ2.3 مليار دولار، رقم وضعه في المرتبة الأولى ضمن قائمة الأغنياء المغاربة، والمرتبة 810 دولياً من بين أثرياء العالم.
أنس الصفريوي: رجل محظوظ لا يؤمن بالحظ
رجل أعمال مغربي و المدير العام لمجوعة الضحى، لم يواصل تعليمه لمساعدة والده في العمل ، في سنة 1987 انطلق في مجال البناء و العقار ، و لكن الانطلاقة الحقيقية كانت بعد تكليفه في إطار إنجاز 200000 سكن اقتصادي مدعومة من الحكومة في زمن الحسن الثاني.
وضعت “بلومبيرغ ماركيتس” المغربي أنس الصفريوي ضمن المرتبة الثالثة في اللائحة “السرية” التي أعدّتها لأثرياء رجال المال والأعمال بالعالم، وقد قدّرت ثروة رجل “الضحى” بقرابة الـ2,7 من مليارات الدولارات..
فوزي الشعبي
يشغل منصب متصرف بمجموعة ” الشعبي”، و هو حاصل على دبلوم مدرسة الأطر و التجارة و الشؤون الاقتصادية بباريس، و تقلد في مساره المهني مجموعة من مناصب المسؤولية.
اقتحم رجل الأعمال المغربي، فوزي الشعبي، مجال المال والأعمال لأول مرة بعيداً عن حدود المغرب، حين اختار أن يشرف على مشروع فوق تراب تونس سنة 1984، وكان عمره حينها، لم يتجاوز بعد 24 ربيعاً.
ويعتبر فوزي الشعبي، أحد وجوه رجال الأعمال المغاربة الذين استطاعوا المزاوجة بين العمل السياسي وتسيير ثروة عائلة ابتدأت من الصفر مع الأب ميلود الشعبي.
وساهم فوزي الشعبي منذ صغره في تسيير وتوسيع استثمارات مجموعة عائلته الاقتصادية، وذلك في مجالات عدة، أبرزها: قطاع العقار، التسويق، الصناعة الكيماوية، الصيد في أعالي البحار، مجال التغذية، والمياه المعدنية… وتعد عائلة الشعبي في المغرب اليوم، من ضمن قائمة أغنى ثلاث أسر في المغرب وضمن أثرى عشر عائلات في أفريقيا.