بعد الإشادة العالمية الصادرة من دول ومنظمات مختلفة، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، والأمم المتحدة، وفرنسا وإسبانيا وغيرها من دول عظمى، تأكد بما لا يدع مجالا للشك، أن القرار الملكي بالانسحاب أحادي الجانب من الكركارات، تفاديا لأي تطورات قد تنتج عن رد فعل المغرب تجاه استفزازات البوليساريو، كان أذكى مما يمكن تصوره، وأكثر فاعلية وتأثيرا من أي قرار آخر كان بإمكان جلالته اتخاذه، للرد على مرتزقة البوليساريو.
إن مجرد الإشادة بالقرار الملكي من طرف القوى العظمى والتنظيمات الدولية المؤثرة في العالم، هو بمثابة اعتراف صريح بمصداقية الموقف المغربي، وعدالة قضيته، و"ذبحة" لعصابة إجرامية انفصالية، ظلت تتعيش من مآسي الآخرين.
بل الأكثر من ذلك، لم يجد الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، من طريقة للتعامل مع القرار الملكي، غير توجيه تحذيرات شديدة اللهجة إلى عصابة الانفصاليين، بدعوتهم إلى التوقف حالا عن استفزازاتهم تجاه المغرب، والالتزام باحترام القرارات الأممية، وهو ما يمكن إدراجه في خانة التأنيب والتوبيخ.
عصابة البوليساريو، وأمام هذا الوضع، يظهر أنها خسرت أولى معاركها في عهد المسؤول الأممي الجديد، فيما ربح الملك محمد السادس، احترام وتقدير العالم، باستجابته الفورية إلى طلب الأمين العام للأمم المتحدة.
وأمام هذه التطورات، لم يعد اليوم أمام الجزائر والبوليساريو سوى القبول بالأمر الواقع وفتح طاولة الحوار مع المغرب، بشأن مقترح الحكم الذاتي بالصحراء، تحت السيادة المغربية، وهذا الحل، كما ظل المغرب يكرر دائما، هو الخيار الوحيد الذي من شأنه ضمان رفاهية واستقرار وأمن المنطقة. أما غير ذلك، فلن يجلب على الانفصاليين سوى مزيدا من التدهور والمشاكل.
إن المملكة المغربية، لم تكف يوما عن التعبير عن حسن نواياها من أجل طي نهائي لهذا النزاع الذي عمر أزيد من أربعة عقود، دون أن يفيد الساكنة ولا المنطقة في شيء، بل ظل، طيلة هذه الحقبة الزمنية، مصدر استنزاف للثروات، والخيرات، ومشتلا للبؤس، وقد يتحول غدا، كما يرى جميع المحللين، إلى بيئة لتفريخ الإرهاب، ونشر التطرف، خاصة وأن أعضاء من البوليساريو أصبحوا قوة داعمة للجماعات الإرهابية وعصابات المخدرات العابرة للحدود، ما قد يهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها، في السنوات أو العقود المقبلة، في حال ما إذا استمر الانفصاليون ومن يقف وراءهم في التعنت، ورفض قبول الحل الواقعي والجدي، الذي تقدمه المملكة المغربية.
ويكفي للعقلاء أن ينظروا اليوم إلى الفرق بين الأوضاع الاجتماعية لساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة، وبين إخوانهم، المحتجزين في تندوف، علما أن المغرب لا يمتلك لا نفطا ولا غازا، فقط يتوفر على ملك كله طموح، ورؤى نافذة، واستراتيجيات هامة، جعلت من المغرب اليوم، بلدا على الطريق الصحيح نحو النمو، ومضاهاة البلدان المتقدمة، على مستويات عدة.
وفي الوقت الذي باتت فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة بمثابة جنة من جنان الأرض، تحظى بإعجاب سفراء العالم، مثلما حصل الأسبوع الماضي، نجد سكان تندوف يعيشون العذاب في ضنك من العيش، ووضع في المخيمات ينظر إليه جيل الشباب بعين ناقدة وموقف متمرد، وهو جيل الغد الذي لا يمكنه مستقبلا أن يتسامح مع جرائم تجويع وتفقير آبائهم وأجدادهم الذين ذاقوا كل صنوف القهر في مخيمات الذل والعار.