تقول الجزائر والبوليساريو إن المغرب يحتل الصحراء لذلك وجب الرد عليهم ، فبنفس العنوان صدر موضوع عن سكوت العالم عن ( احتلال ) المغرب للصحراء الغربية المغربية بموقع الجزائر تايمز في شهر شتنبر 2012 ، ومع مرور الأيام ظهرت حقائق أخرى تؤكد حكمة العالم ورصانته أمام القضايا التي يحاول شياطين العالم وجُهَّالُ القوانين الدولية أن يقلبوا حقائقها ويلبسوا الحق بالباطل كما يفعل حكام الجزائر في قضية الصحراء المغربية التي لا بد للعاقل أن يسأل لماذا يسكت العالم عن ( احتلال ) المغرب للصحراء الغربية ولم يسكت عن احتلال العراق للكويت ؟
سؤال يعرف جوابه العقلاء الذين عايشوا المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء المغربية من الاستعمار الاسباني عام 1975 والذين عايشوا في نفس الوقت احتلال العراق للكويت في غشت 1990 وتحريره بعد ستة أشهر فقط أي في يوم 27 فبراير 1991 ، هؤلاء العقلاء الضالعون في القوانين الدولية يعرفون الجواب الذي يفقأ عيون حكام الجزائر وشردمة البوليساريو لأنهم يعرفون بالمقارنة أن الفرق بين الحالتين كبير جدا جدا … لم يقف الأمر عند هذا بل تجاوزه إلى سلسلة من الصفعات يتلقاها حكام الجزائر وشردمة البوليساريو باستمرار ، سلسلة قطع العلاقة مع الكيان الوهمي المسمى جمهورية السراب كان آخرها وليس أخيرها قطع زامبيا للعلاقة مع البوليساريو وهي إشارة قوية بأن المغرب قد وصل إلى العمق الإفريقي وأصبح يدق على باب جنوب إفريقيا بعد أن أخرج نيجيريا من ثلاثي الشر ، فكم بقي من المغفلين غير المعوقين ( مع احترامنا لذوي الاحتياجات الخاصة ) فكم بقي من المغفلين من المعوقين مثل بوتفليقة وروبرت موغابي تعتمد عليهم البوليساريو ؟ وأخيرا زادهم رئيس جمهورية جنوب السودان سالفا كير ميرياديت، قائلا إن "قضية الصحراء مختلفة في تركيبتها وطبيعتها القانونية والسياسية عن قضية جنوب السودان "....كما أن الفلسطينيين كانوا وما يزالون يستنكفون ويتقززون بل ويتبرأون من المقارنات المشبوهة بين قضيتهم والنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية كان آخرها ما صرح به وزير خارجية دولة فلسطين رياض المالكي، حيث أكد رفض فلسطين المطلق لكل المقارنات المغلوطة والمشبوهة بين قضية الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية..
بوتفليقة يدفع البوليساريو إلى الردة عن الإسلام واعتناق المسيحية :
ولم يبق للبوليساريو والجزائر سوى تيمور الشرقية التي يستمر بوتفليقة وقيادة البوليساريو في عمليات تنصير الصحراويين المحتجزين في تندوف عن طريق إرسال أطفالهم المسلمين إلى كنائس الولايات المتحدة الأمريكية وأروبا في بعثات ومخيمات صيفية لكي يتم مسخ هويتهم وعقيدتهم الدينية إلى المسيحية ، دون أن ننسى حبيبة البوليساريو وصديقتهم الحميمة رئيسة كنيسة صخرة المسيح جانيت لاينز التي تتحول كل سنة إلى ناشطة حقوقية باللجنة الرابعة للأمم المتحدة للدفاع عن أطروحتهم الانفصالية تحت يافطة منظمة (نوت فور كونت انترناشيونال ) وصديقتهم الأخرى المسيحية المتطرفة كيري كينيدي رئيسة مؤسسة روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان وعدد من الكنائس الأخرى المنتشرة بالولايات المتحدة وربيباتها بإسبانيا والدول الاسكندينافية التي ترتمي قيادة البوليساريو في أحضانها وتسلمهم أطفال المخيمات من أجل الدفاع المستميت عن أطروحتهم الانفصالية ، وتنفيذ مخطط بوتفليقة الذي سيقابل ربه وهو متلبس بدعوة البوليساريو إلى الردة عن دين الإسلام الحنيف ضدا في المغرب ... إذن في حالة تحول البوليساريو كلهم إلى مسيحيين واعتناق المسيحية قولا وعملا يمكن إذاك أن يدافع عنهم سالفا كير ميرياديت و الجنرال تور ماتان رواك رئيس تيمورالشرقية بأنهم أقلية مسيحية مضطهدة داخل المغرب ويطالبون بالانفصال مثل تيمور الشرقية وجنوب السودان وسيتبعهم بعد ذلك إلى هذه الحيلة القبايل في الجزائر وغرداية في جنوب الجزائر ...
غباوة بومدين وعساكره أقنعت العالم أن المغرب ليس غازيا للصحراء المغربية :
في نهاية عام 1975 سألنا ولا نزال نسأل : بأي صفة تنزل قوات بحرية جزائرية في منطقة لكويرة في نهاية عام 1975 تحت جنج الظلام في أقصى جنوب محافظة وادي الذهب على شاطئ المحيط الأطلسي وتقوم بإنزال غادر لأكثر من 400 عسكري لوضع موطئ قدم جزائري في محافظة وادي الذهب التي كانت إذاك من نصيب موريتانيا في أقصى جنوب الصحراء المغربية بهدف الصعود عبر الكركرات إلى مدينة الداخلة عاصمة هذه المحافظة ، مستغلة بذلك الضعف المهول للجيش الموريتاني ؟ ... بعد أن تأكد عسكر الجزائر الحاكم أن المغرب استرجع الصحراء بأقل الخسائر ، استرجعها بمسيرة شعبية أذهلت العالم ، هنا ظهرت حقيقة معدن بومدين التي يغلب عليها الغدر والمكر والنصب والتذاكي ( وهي الصفات التي تذهب اليوم - ونحن في 2017 - بالشعب الجزائري إلى الهاوية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ) فركب بومدين رأسه بجهالة جهلاء وارتكب حماقته المعروفة بمعركة الكركرات التي جاءها عن طريق الإنزال في لكويرة في نهاية عام 1975 ...
بومدين يرتكب خطأ سياسيا وعسكريا استراتيجيا :
بأي صفة تقطع باخرة جزائرية محملة بالسلاح والعساكر ، تقطع أكثر من 4000 كيلومتر من البحر الأبيض المتوسط إلى عرض المحيط الأطلسي لتقوم بإنزال مفاجئ في مدينة لكويرة على شاطئ المحيط الأطلسي وبالقرب من مدينة نواديبو الموريتانية في نهاية عام 1975 ؟ طبعا كان هذا خطأ سياسيا وعسكريا استراتيجيا سقط فيه عسكر الجزائر الحاكم ، عرف العالم بعد هذا التهور البومدياني الخاطئ أن المستعمرة الاسبانية السابقة لم تكن موضع نزاع بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا فقط ، فالنزاع بين المغرب وموريتانيا تم حله بالتوافق واقتسما الصحراء بينهما حسب اتفاقية مدريد الموقعة بين البلدين وإسبانيا يوم 14 نوفبمبر 1975 ....لكن بالإنزال الجزائري البحري في لكويرة ظهر إذن عنصر ثالث يطالب بنصيبه وبذلك أعطت الجزائر الدليل القاطع أنها تطمع في نصيبها من المستعمرة الاسبانية السابقة بهذا الإنزال الغادر في منطقة لكويرة في أقصى جنوب محافظة وادي الذهب وبتلك السرعة أي في نهاية عام 1975 ، هذا الإنزال الغادر لم تستطع القوات الموريتانية الضعيفة رده ، بل الذي تحمل مسؤولية الردع الحاسم لهذا الغزو الجزائري الغادرهو الجيش المغربي حسب الاتفاقية العسكرية التي كانت بين المرحومين الحسن الثاني والمختار ولد دادا ، هذا الأخير الذي تلقى تهديدا قبيل توقيع اتفاقية مدريد يوم 14 نوفمبر 1975 ( حسب ما ذكرنا في مقال سابق ) تلقى تهديدا مباشرا من بومدين في مدينة بشار حين قال له بومدين : " إذا وقَّعْتَ مع إسبانيا والمغرب اتفاقية مدريد فستدخل الجيوش الجزائرية إلى الأراضي الموريتانية " .( ولعل بومدين قد أرسل باخرته المذكورة فور تأكده من كلام ولد دادا أنه سيوقع اتفاقية مدريد مع المغرب وإسبانيا لتنفيذ إنزاله في لكويرة ربحا للوقت وكسب عنصر المفاجأة ) وفعلا غدر بومدين بالمغرب وبموريتانيا ومَرّغَ شرف كلمة الرجل الجزائري الحر في الوحل ، تلك الكلمة التي لاتزال مسجلة في أرشيف الجامعة العربية في أكتوبر 1974 في مؤتمر القمة العربي بالرباط أمام الرؤساء العرب أو من يمثلهم حيث اعترف أن مشكلة الصحراء لا تهم سوى المغرب وموريتانيا ، وأن الجزائر مع الدولتين وتؤيد تحرير كل شبر من الأرض لا فقط في الصحراء الغربية ، بل أيضا في سبتة ومليلية وكل الجزر التي لا تزال تحت الاحتلال الإسباني...( كذب في كذب على كذب والدليل يوم 11 يوليو 2002 حينما نزل بعض الجندرمة المغاربة على جزيرة ليلى المغربية تطبيقا لمخطط محاربة الهجرة السرية إلى إسبانيا وحاصرهم الجيش الاسباني واعتبرت إسبانبا أن المغرب قد اعتدى على أراضيها ، نددت الجامعة العربية بالتدخل الإسباني إلا الجزائر وسوريا اللتان استنكرتا العدوان المغربي على الأراضي الإسبانية !!!! إنها فضيحة الفضائح ، كيف تَلَقَّى الرجل الجزائري الحر هذا الغدر الرسمي من بلده العربي ضد جاره العربي ووقوف حكامه مع المستعمر الاسباني ؟ وكيف ستدعم الجزائر دولة المغرب إذا أراد تحرير سبتة ومليلية ؟ ) أليس في الجزائر منبر حر يرد حكام الجزائر عن غيهم ؟ رحم الله الفقيد السيناتور جمال الدين حبيبي فهو وحده الذي كان يصرخ بأعلى صوته في منبر الأحرار موقع الجزائر تايمز حين قال :" إن قولة بومدين " المغاربة حكرونا ما هي إلا أكذوبة " تسببت في حرب الرمال عام 1963 لينقض بومدين على السلطة ويجعل النظام في الجزائر نظاما بوليسيا قمعيا ديكتاتوريا ...
من معركة الكركرات في نهاية 1975 إلى معركة امغالا الأولى في يناير 1976 :
الذي لايعرفه الكثيرون هو أن حكام الجزائر كانت لديهم الوقاحة الزائدة عن التهور بأنهم نزلوا إلى الكركرات عبر لكويرة قبل 41 سنة في نهاية 1975 أي أن قصتهم مع الكركرات لم تبدأ في غشت 2016 بل بدأت فور توقيع المغرب وموريتانيا مع إسبانيا اتفاقية مدريد في 14 نوفبمبر 1975 انتقاما من مورتانيا التي لم يقبل رئيسها المختار ولد دادا تهديد بومدين ، لكن الرد المغربي أجهض المخطط التوسعي الجزائري وفضحهم أمام العالم :
(1) طبعا كان الرد المغربي عنيفا ضد القوات الجزائرية التي ظهرت فجأة في أقصى جنوب وادي الذهب في نهاية 1975 في منطقة الكركرات ، رغم محاولات الجيش الموريتاني الضعيف أصلا والذي لم يكن ينتظر غدر حكام الجزائر... وقد دامت المعارك أكثر من أسبوع لتطهير منطقة الكركرات من عسكر الجزائر بعد وصول وحدات عسكرية مغربية مدعمة بالطيران المغربي الذي فوجيء بالتوغل الجزائري في أقصى جنوب الصحراء ، ودك الجيش الجزائري دكا دكا وأحرق معظمه بالنابالم وأسر المئات من ضباط وجنود جزائريين مع بعض الصحراويين المختلطين ببعض المرتزقة الموريتانيين ، وفقد المغرب طائرة من نوع ف 5 .
(2) طبعا أشعلت نابالم الكركرات النار في صدر بومدين وأعد هجوما على الأراضي الصحراوية المتاخمة للحدود الجزائرية والقريبة من تندوف وهي المحبس وبئر لحلو وتيفاريتي وذلك في أواخر يناير 1976 أي شهر تقريبا على فضيحة الكركرات ، لكن جيوش بومدين وجدت الجيش المغربي كان قد نصب لها كمينا وقع فيه أكثر من 2200 جندي جزائري بضباطهم الذين اختارهم بومدين بنفسه لإشفاء غليل الهزيمة بل الفضيحة العالمية التي لقيها في الكركرات بالإضافة إلى أكثر من 100 آلية عسكرية ذات قمية ، هذا الكمين الذي سقطت فيه جيوش بومدين سيصبح فضيحة عالمية سيذكرها الرئيس حسني مبارك بصفته نائبا للرئيس أنور السادات رحمه الله لفك الحصار على 2200 عسكري من بينهم خيرة الضباط الجزائريين ، سيذكر حسني مبارك كل ذلك في الفيديو المنشور والمشهور..
(3) فكما يحكي حسني مبارك في وساطته بين الحسن الثاتي وبومدين لفك الأسرى الجزائريين فقد كان شرط بومدين هو أن يخرج الجيش الجزائري من الحصار دون أن يستغل ذلك الحسن الثاني إعلاميا وحتى لا يتمرغ أنف بومدين في الوحل أكثر من ذلك إذا عرض الملك الحسن تلك الجيوش الجزائرية الأسيرة على شاشات العالم ، وحسب حسني مبارك فقد كانت تلك هي عقدة بومدين أي أن يخرج الجيش الجزائري من الحصار بأشد ما يكون الكتمان ، حسب ما ذكر حسني مبارك ( الشريط موجدود في يوتوب ) استمرت المفاوضات لفك الأسرى الجزائريين 18 يوما ، وأخيرا وافق الحسن الثاني على فتح ثغرة يخرج منها الجيش الجزائري المحاصر وكان ذلك في 26 فبراير 1976 ... إنها المذلة والهوان التي دفع إليهما بومدين جيوشه وضباطه ، والتي كانت سببا في إقصائهم وإبعادهم عن الجيش الجزائري بدون تقاعد أو تعويضات، ولازال نضالهم مستمرا الى الان.
امغالا الثانية وغدر بومدين بعد يومين من إطلاق سراح الضباط والجنود الجزائريين
في 28 فبراير 1976 أي بعد يومين من إطلاق سراح الضباط والجنود الجزائريين نتيجة الوساطة المصرية شنت قوات خاصة جزائرية هجوما غادرا على فيلق مغربي يتجاوز عدد عناصره 350 فردا ، حيث انقضّت الفرقة الخاصة للكومندو الجزائري على ذلك الفيلق الذي كان يغطّ في نوم عميق ، وجرى تدميره كاملا ولم ينجو منه أحد حيث تمّ أسر ما يقارب250 فردا من مختلف الرتب ، أما البقية فقد لقوا حتفهم أثناء الهجوم....إنه الغل والحقد اللابشري لهواري بومدين ليس على من هزم بومدين ولكنه الحقد على الموقف المذل والإحساس بالتصاغر أمام الذات والعالم كله شاهد على وقاحته ، إنه الغل على الذي وضع بومدين بين أمرين : إما إعلان الحرب مباشرة أو لباس الجبن والمذلة إلى الأبد ...وكذلك كان ، فقد لبس بومدين لباس الجبن والمذلة وبقي يحمل طعنة المذلة حتى أنه لا أحد يعرف بأي نوع من السموم مات بومدين ، و أن كثيرا ممن رأوا حالته قبيل موته ندموا على أنهم رأوا وجهه وقد أصبح جلدا أسود على جمجمة خالية من اللحم تتكسر عظامها بسهولة كما تتكسر كل عظام جسمه وكأنها صنعت من أعواد الثقاب المحترقة ...
المرحوم الحسن الثاني يراسل بومدين بأن يعلن الحرب أو يجنح إلى السلام :
الحرب كريهة ، ومع ذلك فللحروب نبلاؤها وكرماؤها وحلماؤها ، كما أن للحروب أنذالها وجبناؤها ورعاديدها ، فبعد الغدر بالفيلق المغربي ليلة 28 فبراير 1976 الذي ركن إلى الراحة معتمدا على نتائج الوساطة المصرية ، واستبشر النبلاء خيرا ، في حين كان الغدار بومدين ينتظر على أحر من الجمر أن يطلق سراح جنوده لأنه كان قد دبر انتقامه على فضيحة امغالا الأولى ، كان ينتظر إطلاق سراح أسراه ، وبمجرد أن تم إطلاق سراحهم ، أطلق بومدين إشارة تنفيذ الأمر بالهجوم الغادر على الفيلق المغربي وكانت الإشارة هي إعلان سفره إلى ليبيا ، وفي نفس يوم سفره إلى طرابلس ليلة 28 فبراير 1976 نفذ الكومندو الجزائري جريمته التي ستكتب في تاريخ الجيش الجزائري بدماء المغدورين إلى الأبد .هنا بلغ الصبر حدوده بالملك الحسن الثاني رحمه الله وقال في رسالته المشهورة التي بعثها للغادر بومدين ، قال له قولته الشهيرة : " أناشدكم أن تجنبوا المغرب والجزائر مأساة أخرى ... فإما أن تعملوا بحرب مكشوفة ومعلنة جهارا ، وإما بسلام مضمون دوليا " ... أحيانا ييلغ الدهاء بصاحبه حد البلادة والغباء بل والتفاهة ... بعض الصحف الجزائرية نفت أن يكون أمر هذه الغارة على الفيلق المغربي من صنع الجيش الجزائري لأن هجوما بهذه الدقة والمهارة لن يكون في غياب بومدين الذي كان وقتها في ليبيا ونسبوا هذا الهجوم إلى البوليساريو وليس الجزائر ، لكن صحفا أخرى وما أكثرها لم تستطع إخفاء فرحتها بالانتقام الجزائري لما حل بضباطهم وجنودهم وفضيحتهم في امغالا الأولى التي فضحهم فيها حسني مبارك وأقروا فرحين بأن من نَكَّلَ بالفيلق المغربي هم ضباط جزائريون انتقاما لامغالا الأولى ... انظروا كيف تُسَاسُ الجزائر برجال يجعلون من الغدر دهاء سياسيا ومن والكذب مناورة ، فالمُتَمَعِّنُ في حديث حسني مبارك ويقارنه بما قال حكام الجزائر فيما بعد سيعرف الشعب الجزائري من يحكمهم ... قال حسني مبارك : " كنت أطلب من بومدين مكان احتجاز العسكر الجزائري فكان يتهرب من الجواب وكنت أطلب منه الخريطة فيرفض أن يمدني بها حتى طلبتها من الحسن الثاني فأرسلها لي...كان بومدين يدعي أن المغرب هو الذي هجم على أرض جزائرية وحاصر أولئك الجنود الجزائريين فتبين لحسني مبارك من خلال الخريطة أن الجيش الجزائري هو الذي دخل إلى الأراضي الصحراوية المغربية بأكثر من 300 كلم أي قرب تيفاريتي...هؤلاء هم حكام الجزائر الكذابون.
العالم يسكت عن ( احتلال ) المغرب للصحراء الغربية ولم يسكت عن احتلال الكويت :
الحقيقة التي تفقأ عيون حكام الجزائر والانفصاليين والمغفلين من الدول التي تناصر حكام الجزائر هي أن الكويت دولة معترف بها في الأمم المتحدة وبعد اجتياحها من طرف الجيش العراقي صدرت بسرعة عن مجلس الأمن عدة قرارات تدعو الجيش العراقي للخروج من الكويت ، حتى كان لها ذلك بعد ستة أشهر فقط أي تحررت يوم 27 فبراير 1991 ...في حين كانت الصحراء الغربية المغربية - التي استعادها الجيش المغربي عام 1975 - جزءا من المملكة المغربية قبل أن تحتلها إسبانيا عام 1883 ولم تكن قط دولة ولن تكون كذلك أبدا خاصة وأن الأمم المتحدة لا تعترف بكيان اسمه جمهورية الصحراء الغربية إلى اليوم ولن تعترف بها أبدا لأن الدول العظمى في الأمم المتحدة وخاصة فرنسا وإسبانيا تعرف جيدا خبايا هذا الملف ولديها خرائط الدول والأمم قبل فترة الاجتياحات الاستعمارية في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 ... ولن تصدر عن مجلس الأمن قرارات تدعو لخروج المغرب من صحرائه أبدا ...
هل يتراجع المغرب عن مقترح الحكم الذاتي في الصحراء ؟
ما هي المؤشرات التي تدل على أن المغرب قد يتراجع عن مقترح قدمه عام 2007 يعطي لساكنة الصحراء حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية ؟
(1) ليس مغرب 2017 هو مغرب 2007 الذي تكالبت عليه قوى الشر في ذلك الوقت حتى في المعاقل التي كانت محسوبة عليه مثل فرنسا وإسبانيا وأمريكا وخاصة مع مجيء أمين عام يجهل ملف الصحراء جهلا تاما وهو بان كي مون ، المغرب اليوم ونحن في 2017 أصبج قوة قارية وليس إقليمية فقط ، فإذا استثنينا جنوب إفريقيا واستعرضنا بقية الدول الإفريقية نجدها كلها وبدون استثناء دول منخورة وعلى رأسها الجزائر التي يبدو أن طشاش داعش قد وصل إلى مدينة قسنطينة ... أما نيجريا فلولا مشروعها مع المغرب حول أنبوب الغاز الذي سيستفيد منه أكثر من 15 دولة في غرب إفريقيا وسينعش اقتصادها مع الخبرات التي اكتسبها المغرب في الفلاحة والصيد البحري والطاقات المتجددة ومشاريع التنمية البشرية للطبقات الفقيرة والهشة ( أريد من شيات جزائري أن ينكر بالدليل والحجة صحة هذه الخبرات التي اكتسبها المغرب الذي انغلق على ذاته ووثق بقدرات شبابه وأبدع وفجأة انبجس كالنبع الصافي النقي يغزوا إفريقيا شرقا وغربا وليس كما فعلت الجزائر التي تحتقر شبابها وتعيش نوستالجيا الماضي المهترئ الذي تآكل بالأكاذيب والتخاريف حتى أصبحت الجزائر أضحوكة العالم ) أريد شياتا من أساتذة جامعة بومرداس الذين يحتضنون كل سنة ما يسمى بالأطر الصحراوية لنشر الكراهية بينهم وبين إخوانهم من الشعب المغربي .
(2) البوليساريو يعيش أخريات أيامه ، فمن " خط الشهيد " إلى " شباب التغيير " إلى الاحتقان الناتج عن شح المساعدات الدولية بعد أن افتضح أمر لصوص جنرالات الجزائر الذين ينهبون ما تقدمه الدول المانحة للبوليساريو إلى ما أصبح يسببه البوليساريو للشعب الجزائري من ضيق بلغ حد العبء على الشعب الجزائري.
(3) السؤال المضحك هو : كيف لدولة موجودة تطالب بتقرير المصير ؟ فإذا كانت جمهورية الصحراء موجودة فلماذا تطالب بتقرير المصير ؟ طبعا العالم كله يعرف أن الجمهورية العربية الصحراوية موجودة في تندوف مما يعني أن الجزائر قد تخلت عن تلك الأرض للدولة الجديدة .
(4) تعالوا نفكر مليا في هذا الطرح : إذا كانت مجموعة بشرية تطالب بالانفصال فإن ذلك يعني منطقيا أنها مرتبطة عضويا بكيان آخر تطالب بالانفصال عنه ، مثلا إقليم كاطالونيا يطالب بالانفصال عن إسبانيا إذن فهو عمليا إلى حد الساعة جزء من إسبانيا ، كذلك الأمر بالنسبة لاسكوتلاندا مع ابريطانيا ، كذلك كورسيكا مع فرنسا الخ الخ الخ ، فكل هذه الأقاليم تطالب اليوم بالانفصال عن دول موجودة ومعترف بها في الأمم المتحدة ويوجد بها فئات تطالب بالانفصال ، ألا ينطبق الشيء ذاته عن البوليساريو ؟ طبعا لا وألف لا ... فلو سارت الأمور عادية وضم المغرب صحراءه بسلاسة ثم بعد ذلك ظهرت الحركة الانفصالية للبوليساريو لكان الأمر عاديا كما يحدث في بقاع العالم .. أما في حالة الجزائر مع البوليساريو فالأمر غريب ومختلف تماما ويعتبر حالة خاصة مثلما قال سيلفاكير " قضية الصحراء مختلفة في تركيبتها وطبيعتها القانونية والسياسية عن قضية جنوب السودان " ...لقد أوقعت الجزائر بعض الصحراويين ذوي النزعة الانفصالية في حالة شاذة قانونيا ، فقد أعلنت البوليساريو أولا حركة تحريرية ولما فشلت في ذلك ، حاولت الاستلاء على أرض تضعه فيها ، ولما فشلت في ذلك تركته هناك في الرابوني وأعلنته دولة بدون أرض بعد أن اشترت من عدد كثير من الأفارقة بأموال الشعب الجزائري صورة شعب وهمي في وطن خيالي وأدخلته لمنظمة الوحدة الإفريقية ثم دعم القذافي وجود هذا الوهم في الاتحاد الإفريقي ورحل عن الدنيا وترك الشعب الليبي بنفسه في مشاكل لا تعد و لاتحصى ..
(5) من هم البوليساريو ؟ كم عددهم ؟ مماذا يتكونون ؟ وأين يوجدون ؟ كلها أسئلة يرفض حكام الجزائر الإجابة عنها ، هذه هي الأسئلة التي سيركز عليها المغرب بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي ، هذه هي الأسئلة التي ستحرج حكام الجزائر وما بقي من حلفائهم في إفريقيا ، بهذه الأسئلة سيتم فرز الصحراوي المنتمي للساقية الحمراء ووادي الذهب عن الجزائريين الذين يسترزقون من قضية الصحراء وغيرهم من أفارقة جنوب الصحراء ...
من أجل كل ذلك يبدو أن المغرب يستعد للتراجع عن مقترح الحكم الذاتي لأنه أصبح قوة تملي قراراتها ولا تجد من يعارضها سوى أبواقٍ بُحَّ صوتُها من الجزائر والبوليساريو ، أصبحت هذه الأبواق الجزائرية تجتر هي وأبواق البوليساريو كلاما لا يفهمه أحد .
عود على بدء :
استفاق العالم ذات يوم على تصريح متهور لبان كيمون الأمين العام السابق للأمم المتحدة قال فيه " المغرب يحتل الصحراء الغربية " ... لم يكن لذلك التصريح أي أثر على زعزعة المملكة المغربية عن موقفها من قضيتها المقدسة بل تمالك المغرب نفسه وأدرك أن العالم لن يأبه لذلك لأن بان كيمون جاهل أمي يساق كما تساق البهائم ويردد ما يقال له دون أن يدرك معناه ، رفض المغرب استقبال مبعوثه كريستوفر روس ولايزال يرفضه حتى الساعة ولم تسقط السماء على رؤوس المغاربة بل بفضل الهجوم الملكي على دول شرق إفريقيا وغربها زادت قيمة المملكة المغربية رفعة ودرجة نحو العلا لأن المغرب بلد منتج للأفكار التي لا ثمن لها كالدم والهواء والماء ، ويوما عن يوم يتأكد للعالم أن الفقير الحقيقي في هذه الدنيا هو الذي لا يملك سوى المال والمال وحده ...خرج المغرب من زوبعة تصريح الجاهل بان كيمون أقوى لأن العالم فتح عيونه على حقيقتين اثنتين :
الأولى : أن الجزائر كانت تلعب على التزوير وقلب الحقائق وتفسير بنود القوانين الدولية حسب هواها ومن لم يقتنع بتفسيرها تشتري دماغه بالمال لأن حكام الجزائر لا يملكون سوى المال ، وهذا ما جعلهم يحصدون الفشل تلو الآخر على جميع الأصعدة ، وبقيت العائلات الصحراوية المشردة في مخيمات الذل والعار بتندوف مادة للمتاجرة بآلامهم ومعاناتهم خاصة وأن الفقر يزداد بين الجزائريين يوما بعد يوم مما جعل الصحراويين المحتجزين في تندوف رهائن لهم قيمة مالية لن يفرط فيها حكام الجزائر إلا بدفع الفدية عن كل صحراوي فردا فردا ...إنها غنيمة بشرية جاءت في الوقت المناسب خاصة وأن عجائز الجزائر قد خانهم ثمن النفط والصحة وصروف الدهر وضعف البصر وانعدام البصيرة .
الثانية : استمرار وجود المغرب في الصحراء المغربية واستمرار سكوت العالم على وجوده فيها هو اعتراف ضمني بسيادته عليها وليس كما حصل مع العراق حينما غزا الكويت ، فالمغرب في صحرائه لأنها من حقه والكل يطلب منه أن يستمع فقط ليستمع للانفصاليين لكنه لا يعيرهم أي اهتمام لأن الحق بجانبه وقد أغلق الأبواب والمنافذ عليه وانبرى لتنيمة المغرب من طنجة إلى لكويرة برباطة جأش وصبر وأناة واستغلال أفكار شبابه حتى انبجس كالنبع الصافي يسقي معه شرفاء إفريقيا بكل نبل وكرم وشهامة ومروءة وهي صفات لا يملكها إلا الشجعان وليس الجبناء والرعاديد .
سمير كرم