قدم الملك محمد السادس، يوم الأحد، 26 فبراير الجاري، درسا للعالم أجمع، في احترام المؤسسات الدولية، وتحديدا منظمة الأمم المتحدة، ليؤكد، جلالته، مرة أخرى، طينة المغرب والمغاربة، في الالتزام وضبط النفس والجنوح إلى السلم.
لقد كانت الأوضاع على الحدود منذ أسابيع، وبالضبط في منطقة الكركارات بالصحراء المغربية، في غاية التوتر، وكانت حالة الاحتقان تنذر بتطورات خطيرة، خاصة مع الاستفزازات المتكررة للانفصاليين على الحدود، وتعديهم على المواطنين المغاربة الذين يعبرون الحدود، وكان الوضع مرشحا للتصعيد، لولا أن جلالة الملك، اختار جانب الحكمة، وضبط النفس، وتفادي معاملة المرتزقة بالمثل.
وقد كانت أول مبادرة يتخذها الملك محمد السادس، وفق ما ورد في بلاغ رسمي للديوان الملكي، هو اتصال هاتفي أجراه جلالته مع انطونيو غيتريس، الأمين العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة، حيث أثار جلالة الملك انتباه غيتريس إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، بسبب التوغلات المتكررة للعناصر المسلحة ل"البوليساريو" وأعمالهم الاستفزازية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يختار فيها المغرب أسلوبا حضاريا للتعبير عن استيائه من ممارسات البوليساريو على الحدود المغربية، إذ سبق لصاحب الجلالة أن أصدر تعليمات سامية إلى وزارتي الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية من أجل إشعار هيئة المينورسو والأمم المتحدة بهذه الأعمال.
وحرصا من جلالة الملك محمد السادس على تفادي أي خرق لقرار وقف إطلاق النار، حفاظا على الاستقرار الإقليمي وتجنيبه أي مخاطر وتداعيات أمنية في حال نشوب أي حرب في مواجهة المرتزقة لا قدر الله، فقد أصدر جلالته تعليماته السامية، بناء على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة، من أجل انسحاب أحادي الجانب من المنطقة.
وبهذا القرار الصائب والرشيد الصادر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يأتي بهدف احترام وتطبيق طلب الأمين العام بشكل فوري، تكون حكمة الملك، قد هزمت تهور ونزق الانفصاليين ومرتزقة الكيان الوهمي، ويكون جلالته قد أحكم الخناق عليهم أكثر، بوضعهم بين المطرقة والسندان.
كذلك، فإن جلالة الملك يلقي بالكرة الآن في ملعب الأمم المتحدة، بحيث صار لزاما على السيد غيريتس، الذي خلف "بان كيمون" على رأس الأمم المتحدة، التدخل من أجل ضمان العودة إلى الوضعية السابقة للمنطقة المعنية، والحفاظ على وضعها، وضمان مرونة حركة النقل الطرقي الاعتيادية، وكذا الحفاظ على وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وهذا هو كل مبتغى المملكة المغربية.
ولا أدل على أهمية وصواب الاختيار الملكي الصائب في إدارة هذا الملف الحساس، هو ما صدر عن فرنسا التي يبدو أنها كانت تتابع تطورات الوضع باهتمام كبير، بحيث صرح رومان نادال، الناطق الرسمي باسم الجمهورية الثامنة، بأن فرنسا ترحب بالقرار المغربي، وتصفه بالمبادرة الهامة في اتجاه التهدئة، والتي "تأخذ بنظر الاعتبار استقرار ومصالح المنطقة"، وفق تصريح الناطق الرسمي باسم فرنسا.
كما صدر ترحيب أيضا من المملكة الإسبانية.
السؤال المطروح، هو كيف ستتعامل جبهة البوليساريو الآن، من جانبها، مع هذا الملف؟ الجميع في انتظار الجواب.