تصاعدت نبرة التنديد والشجب داخل جماعة العدل والإحسان وتكاثفت أصوات المستنكرين من بين مريديها للتعبير عن إدانتهم لما اعتبروه "حملة للتضييق" على جماعتهم من لدن الدولة و"استهدافا لمنتسبيها" بإعفاء العديد منهم من مهامهم الوظيفية، ساعين إلى قلب الحقائق وتلبيس المفاهيم وتشويش الرؤى، مدعين كون الأمر تصفية لحسابات سياسوية ضيقة مع جماعتهم، ومجتهدين في تجييش العديد من الهيئات والمنظمات والأشخاص للضغط على الدولة للتراجع الفوري عن قرارات الإعفاء التي يعدونها إقصائية وغير مبررة ويتجاهدون لتثبيت وصفها بالتعسفية وغير المرتكزة على أي سند قانوني.
ها هي الجماعة مرة أخرى تعود لأساليبها المتكررة المألوفة القائمة على التباكي كلما استشعرت انفضاح أمرها والدفع بمظلوميتها لاستقطاب المتعاطفين كلما تهاوت مخططاتها المعدة في جنح الظلام. فبعد أن خارت نبوءات شيخهم المشتهية للقومة والحالمة بدولة الخلافة لتضحي هلوسات وافتراءات وحسرة رافقته حتى المثوى الأخير، وبعد أن انكسرت كل محاولاتهم للركوب على القضايا الاجتماعية واندحرت كل آمالهم في تأليب الشارع وإذكاء الاحتجاجات ذات عشرين من فبراير، ها هي الجماعة اليوم ومجددا تسفر عن حربائيتها الماكرة وتدفع بمخططاتها المضمرة إرضاءً لشهوة السلطة الصارخة الوضوح لدى قياداتها، فألمحت إلى مريديها بالتسلل والتغلغل في مفاصل الدولة بهدف النفاذ إلى عمقها بما يحقق قومتهم الموءودة، والاندساس بالمؤسسات إلى حين إشارة من "أمينهم العام" القابع داخل جلبابه، والانسلال إلى كل الأجهزة والقطاعات وتمكين التابعين بداخلها في أفق السيطرة على الدولة واتخاذها رهينة وجعلها امتدادا للجماعة تأتمر بأوامر شيخهم وتنتهي عن نواهيه.
غير أن كل أساليب المواربة والخداع وكل مناهج التقية والمناوأة هاته لم تلق للظفر مسلكا، بعد أن استشعرت الدولة الخطر القادم من دهاليز الجماعة وتجندت لمواجهته وتقويضه عبر مقاربة استباقية الهدف منها تأمين الوطن عبر تركيز الضمانات اللازمة لذلك وتعزيز قدرته على محاربة كل أشكال الفكر الاستئصالي والإقصائي وتحصين مؤسسات الدولة ضد اختراق الجهات ذات الأهداف والمخططات الخسيسة.
لعل مريدي الجماعة قد نسوا أن الدولة التي يحلمون بإلحاق الضرر بها هي التي يرفلون في خيراتها ويرغدون في ظل استقرارها، ولعل قيادييها لم يعوا بعد أنه لا يستقيم عقلا أن تواصل الدولة احتضان وتمويل مخططات هدامة منبثقة من داخلها، ولعلهم لن يعترفوا بأنه وعلى الرغم من مكائدهم التخريبية وأساليبهم التدليسية ومراميهم الاستحواذية فإن للوطن رب يحميه ورجال يحملون أمانة ومسؤولية صونه وتأمين استقراره وسير عمل مؤسساته، رجال تألفت قلوبهم على ما يجمع ويوحد الإرادة الوطنية المعبرة عن حماية المصالح العليا للوطن وتأكيد وحدة شعبه وترابه.