تشكل الزيارة التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس، لزامبيا، تجسيدا لتقارب رؤى قائدي البلدين من أجل تعزيز علاقات الصداقة الثنائية وكذا من أجل الاندماج الإقليمي والتجديد بالقارة الإفريقية.
وتعبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لجلالة الملك لهذا البلد الواقع بشرق إفريقيا، والتي تأتي غداة عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، عن إرادة المملكة تنويع شراكاتها بإفريقيا وتوسيع نموذج التعاون جنوب-جنوب الذي ما فتئ جلالته يدعو إلى تكريسه منذ اعتلائه العرش.
كما تعكس إرادة قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس، والرئيس إدغار لونغو، لإرساء دعائم تنمية بلديهما ووضعهما على درب الحداثة كما أكد ذلك جلالة الملك في خطابه السامي أمام القمة ال28 للاتحاد الإفريقي بأديس ابابا.
وكان جلالة الملك أكد في هذا الخطاب أن إفريقيا اليوم، يحكمها جيل جديد من القادة المتحررين من العقد، يعملون من أجل استقرار شعوب بلدانهم، وضمان انفتاحها السياسي، وتنميتها الاقتصادية، وتقدمها الاجتماعي.
وتشكل الزيارة الملكية لجمهورية زامبيا، والتي يصفها العديد من المراقبين بالتاريخية، لأنها أعطت دفعة قوية للعلاقات السياسية بين الرباط ولوساكا التي بدأت سنة 1972، كما ستمكن من النهوض بالتعاون الاقتصادي الثنائي الواعد والمتنوع والمفيد للطرفين.
وهكذا، ستساهم زيارة جلالة الملك من دون شك في إحداث إطار قانوني كفيل بهيكلة تنسيق مثمر سواء بين حكومتي البلدين أو بين الفاعلين الخواص. هؤلاء الفاعلون مدعوون اليوم وأكثر من أي وقت مضى، إلى تعزيز الجهود من أجل إرساء شراكة مربحة للطرفين ومتينة وممتدة في الزمن، باعتبارها رافعة للتنمية السوسيو-اقتصادية ومدرة للثروة المشتركة.
كما ستمكن هذه الزيارة البلدين من توحيد جهودهما لتقديم أجوبة ملائمة وجريئة للتحديات المتعددة التي تواجهها القارة.
ومن ضمن القضايا ذات الاهتمام المشترك وذات الطابع الحساس وذي الأولوية، هناك إشكالية التغير المناخي التي دعا بشأنها الرئيس الزامبي، بمناسبة الدورة ال22 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 22)، التي انعقدت في نونبر المنصرم بمراكش، إلى تكريس العدالة في تمويل التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من حدة هذه الظاهرة.
كما أبرز الرئيس إدغار لونغو، أن البلدان السائرة في طريق النمو “لا تتلقى الدعم الكافي”، وتجد صعوبة في استقطاب مساعدات القطاع الخاص.
لذلك، وفي هذا الإطار بالضبط، تندرج المبادرة من أجل تكيف الفلاحة الإفريقية مع التغير المناخي، التي أطلقها المغرب خلال (كوب 22)، والتي تمثل استجابة مبتكرة وملموسة للتحديات المشتركة التي تطرحها التغيرات المناخية، وتروم توفير تمويل مهم لفائدة تكيف الفلاحة الإفريقية الصغرى، وكذا مواكبة هيكلة وتسريع المشاريع الفلاحية.
وإجمالا، يمكن القول إن البلدين يتقاسمان الرؤية الطموحة نفسها من أجل إفريقيا جديدة متحكمة في مصيرها وتأخذ بزمام تنميتها بيدها، وتنخرط على درب الاستقرار وتسمع صوتها للعالم.