احتفت جبهة البوليساريو بما فاه به عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين في كلمة له خلال اجتماع للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إذ قال "مامكنش ان الملك يمشي عند شعوب افريقيا ليفرج عنها كربها والشعب المغربي يهان"، وتم تداوله بشكل ممنهج عبر الجرائد والصفحات الرقمية والمجموعات الفيسبوكية وباقي مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبروه من باب "شهد شاهد من أهلها" منتقدين تحركات المغرب في إفريقيا.
ليس العيب في البوليساريو باعتبارها مجموعة مرتزقة خصصت كل حياتها لمناهضة المغرب، وبالتالي ما قامت به هو دورها الارتزاقي الانتفاعي، لكن العيب في رجل لم يفهم بعد أنه رئيس حكومة معين، وعليه أن ينضبط لواجب التحفظ ناهيك عن توزيع الكلام دون لوازم منطقية. وما قام به هو بمثابة من أعطى فرصة للخصم ليحقق تقدما إعلاميا، ولا ننسى الدور الخبيث للميديولوجيا، حسب بيار بورديو، في الحروب.
ما قاله بنكيران هو أخطر مما قاله شباط بخصوص الجارة موريتانيا، لأن الأمر يتعلق في حالة شباط بدولة واحدة تم التحكم في الأمر من قبل جلالة الملك، لكن اليوم هناك تصريحات لرئيس الحكومة المعين تستهين بإفريقيا وتحتقر شعوبها وحكوماتها. إذا كان جلالة الملك أرسل بنكيران لنواكشوط لترطيب خاطرهم فهل سنرسل عشرات الوفود لإفريقيا؟.
الطريقة التي تكلم بها بنكيران لا تنم عن تحول زعيم البيجيدي من رجل حزب ودعوة إلى رجل دولة، لأن رجل الدولة يزن كلامه أما ما قاله الزعيم الإسلامي فلا يقوله إلا المجانين، وإن كان صاحبه يتميز بقواه العقلية فهو مغرض يريد سوءا لهذا البلد. لم نصدق بداية أن يكون هذا الكلام صادرا عن رئيس الحكومة لمدة خمس سنوات، ولولا التسجيلات والفيديوهات لكذبنا ما تم الترويج له.
لقد قدم بنكيران هدية ثمينة لجبهة البوليساريو واسيادها بالجزائر، مما يستدعي أن نطرح الأسئلة المحرجة، التي لا يمكن أن تبقى طي الكتمان، فهل بنكيران يستحق أن يكون رئيسا للحكومة وما تأثير ذلك على التوجهات الديبلوماسية والجيوستراتيجية للمغرب؟.
لقد أصيب الزعيم الإسلامي بمرض خبيث اسمه تضخم الأنا الحزبية، حيث يظن أن الرتبة الأولى تمنحه التحدي لكل المؤسسات، مدعيا أن الشعب المغربي هو الذي زكاه، مع العلم أنه فات بالكاد مليون ونصف مليون صوت من بين 34 مليون مواطن من هذا الشعب.
فعن أي شعب يتكلم؟ هل هو الشعب المغربي الذي يعرف جيدا المؤسسات التي تضمن استقراره وترعى مصالحه أم شعب الخلافة البائدة؟، ويكفي أن النانة لبات الرشيد، مساعدة خديجة حمدي زوجة المقبور عبد العزيز كتبت تدوينة تحتفل بما قاله رئيس الحكومة للدلالة على الهدية التي قدمها لجبهة المرتزقة.