نشرت الاستخبارات الأمريكية من بين الملفات، التي أفرجت عنها مؤخرا تقريرا عن بعض الكواليس المرتبطة بالمسيرة الخضراء، وعلاقة الجزائر في خلق حرب دبلوماسية مع المغرب.
التقرير الذي نشرت"جون أفريك" بعضا منه مؤخرا عكس كذلك موقف الإدارة الأمريكية من المسيرة الخضراء، و كذا المراسلات الدبلوماسية بخصوص موقف الدولة الاسبانية والجزائر من إقدام الراحل الحسن الثاني على استرجاع الصحراء، وردود جميع الأطراف الإقليمية من هذه الخطوة.
و أكد التقرير أن الريبة والشك، كانا العنوان الأبرز لموقف الجزائر وإسبانيا من المسيرة الخضراء، إذ ذكر أن مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، وليام كولبي، أرسل يوم 3 أكتوبر من سنة 1975، تقريرا إلى الخارجية
الأمريكية قال فيه " لقد أعلن الحسن الثاني مرة أخرى رغبته في ضم "الصحراء الاسبانية" مع نهاية سنة 1975، حتى لو تطلب اللجوء إلى القوة المفرطة، وأضاف أن "الحسن الثاني سيورط جيشه في حرب مباشرة ضد 5 الاف جندي إسباني موجودين بالصحراء "الغربية"، و مدعومين من قبل سلاح الجو الإسباني المتمركز في القواعد الجوية بجزر الكناري مع إمكانية تعزيز هذه القوات بمسلحين من الجيش الجزائري.
وذكر التقرير الذي هو جزء من أرشيف تقارير الاستخبارات الأمريكية حول كواليس النظام الجزائري مابين 1962 و1988، أن الأطراف المغاربية قد أعلنت هذه الخطوة بعد أن تأكدوا من عدم تدخل الجيش الجزائري.
وأشار التقرير ذاته، إلى أن الرئيس بومدين قدم جملة من التطمينات للعاهل المغربي، الحسن الثاني، ولعل أبرز شاهد على هذه الوقائع، تصريحات عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يشغل منصب وزير الشؤون الخارجية في ذلك الوقت، حيث أفاد بأنه في حال انسحبت إسبانيا من الصحراء، فلن يدخلها أي جندي جزائري، وأضاف بوتفليقة "لا يريد الجزائريون إعادة إيقاظ شبح حرب الرمال (1963) من جديد مع الجارة المغربية".
كما أكد التقرير أنه تم الاستخفاف بقدرات القوات المغربية حينها، لكن المغرب وضع خطة استراتيجية لمواجهة كافة الاحتمالات، حيث قام بتجنيد فيلق من الجنود قدموا من مصر وسوريا والسعودية بالإضافة إلى مقاتلين فلسطينيين تم ضمهم إلى قواته الرسمية قبل القيام بأية خطوة، كما سجلت المملكة هذا الفيلق ليكون على أهبة الاستعداد كدروع لمواجهة أي تدخل عسكري جزائري محتمل.
وعلى الرغم من ذلك، استخفت وكالة المخابرات المركزية بقوة الجيش المغربي الذي كان يضم ما بين 12 و 15 ألف جندي، واستبعدت إمكانية قيامه بهجوم مزدوج ضد كل من القوات الاسبانية والجزائرية، ولكن دهاء الحسن الثاني قاد إلى مسيرة سلمية دون استعمال السلاح، لاستعادة الأقاليم الجنوبية.
الاستخبارات الأمريكية قالت إن كولبي أكد انه في حال إعلان المغرب للحرب، فقد استهان بجدية الاستجابة الممكنة لغزو، المناطق الصحراوية، مشيرا إلى أن إسبانيا ليس لها نية البقاء بالصحراء أو القيام بحرب استعمارية لكنها ستقاوم أي إجلاء أو طرد لقواتها.
التقرير الأمريكي أبان أن كل المؤشرات كانت تؤكد دعم الجزائر للبوليساريو، حتى توزيع قواتها البرية على الحدود مع المغرب، للضغط على الحسن الثاني، وتجديد دعمها للجبهة، حيث قادت الجزائر جهود دبلوماسية مكثفة للتنديد بدخول الجيوش المغربية للعيون في 11 دجنبر 1975 و اعتبرته احتلالا للمنطقة !.