تطرق المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في اجتماعه الأسبوعي الأخير إلى موضوع تشكيل الأغلبية الحكومية التي يقودها رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، حيث جدد حزب التقدم والاشتراكية دعوته ، لجميع مكونات الحقل السياسي الوطني، من أجل السعي نحو بلورة ما اسماه الحلول البناءة والكفيلة بتجاوز الحالة الراهنة، من خلال تكوين أغلبية حكومية قوية ومنسجمة، بما يحترم الدستور والإرادة الشعبية، وتكون مؤهلة لرفع التحديات وكسب الرهانات الوطنية الداخلية والخارجية، مع ما يقتضيه ذلك من ضرورة تغليب المقاربات الرصينة والتي لن تستقيم إلا في نطاق أجواء إيجابية وهادئة تتجاوز كل الرؤى الضيقة أو المتشنجة.
وكان عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، التقى بداية الأسبوع بعزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، من أجل الشروع في مفاوضات جديدة قصد تشكيل الأغلبية الحكومية، وشكل اللقاء انفراجا فيما يسمى البلوكاج الحكومي، الناتج عن تعنت زعيم العدالة والتنمية، الذي ضيع وقتا كبيرا في التشبث بحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، وفي رفض دخول مكونات أخرى في إطار الأغلبية الموسعة.
كما التقى بنكيران امحند العنصر، الامين العام للحركة الشعبية، في اليوم ذاته وإن كان الزعيم الأمازيغي نفى أن يكون للقاء علاقة بتشكيل الحكومة.
وتعليقا على ما ورد في بيان المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية قال رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية، "ان الديمقراطية وفق مفهومها المتجدد لا تعني فقط حكم الأغلبية للأقلية بل مدى احترامها للحقوق و الحريات وقدرتها للسماح للأقليات في التعبير عن آرائها و التطلع لتصبح أغلبية؛ و الواقع العملي يصور للبعض أن حصولهم على الرتبة الأولى يتيح لهم الهيمنة وسلب الحقوق دون فهم مغزى التعاقد الدستوري الذي دستر حقوق المعارضة و في غايته حماية حقوق الأقليات؛ و تشدق البعض بالدستور والحال فانه يريد الالتزام بجزء من العقد والإخلال بجزء آخر؛ ظنا منه أن بهذه الممارسة يكرس الديمقراطية و الحال ان ممارسته في الواقع العملي تؤشر على العكس"
وأضاف "أن واقع الحال يظهر أن كلمة الإرادة الشعبية باعتبارها من مشتقات الديمقراطية هي فقط تسمية وليست حمولة فكل من يريد أن يروّج لأفكاره ومعتقداته، وهي وصفة جديدة لكل من يريد تسعى للسلطة، فما عليهم سوى وضع بعد اسم كلامهم اسم الديمقراطية و الإرادة الشعبة،حتى يظهرون أكثر تطورا وتقدما وأكثر قبولا، بل وأكثر قدرة على اعطاء الحجة والمبررات لأعمالك غايتهم في البقاء في السلطة او اقصاء الخصوم في واقع الحال هي ابعد عن الديمقراطية ما يكون عن جوهر الديمقراطية. وللأسف، فإن هذا يتم تمريره على فئة كبيرة من الناس اما لجهلهم واما لتجاهلهم وفي الحالتين فالنتيجة واحدة، وهي استخدام الديمقراطية لمحاربة الديمقراطية ، ومحاربة الديمقراطية بأدواتها".
وأوضح "أن الدستور باعتباره التعاقد الأسمى هو تعاقد اجتماعي يصاغ بالتوافق لا بالأكثرية، هذا التوافق يوفر المناخ المناسب لممارسة العملي للديمقراطية. إن أسوأ فهم للديمقراطية هو فهمها في سياق صندوق وأكثرية فقط. إن الانتخابات ليست سوى الشكل الاجرائي للديمقراطية، أما روحها فهي التعددية واحترام الأقلية والحفاظ على الحريات، فالديمقراطية التي تقوم على أوراق وصناديق هي ديمقراطية مفرغة من محتواها، خالية من مضمونها، وبالتالي فاقدة لمعناها وشرعية من يحكم بها".
صاحب المقال : Annahar almaghribiya