قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين والأمين العام للعدالة والتنمية، إنه لم يتصل به أحد بخصوص المفاوضات حول تشكيل الأغلبية الحكومية واستدرك قائلا إنه لا ينتظر اتصالا من أحد. إذن ما ذا ينتظر رئيس الحكومة المعين؟ فتشكيل الأغلبية لن يكون إلا خلاصة مشاورات ومفاوضات بين الفرقاء السياسيين ولن يكون إلا نتيجة تنازلات من كافة الأطراف قصد التوافق على أرضية مشتركة ومنهجية واضحة لتشكيل الحكومة واختيار وزرائها.
بنكيران جالس في بيته بحي الليمون يشرب الشاي ويأكل الحلوى وينتظر من يدق بابه يرغبه تشكيل الحكومة. هذا استهتار بأصوات الناخبين التي يتباكى على ذبحها الزعيم الإسلامي. المفروض في رئيس الحكومة المعين أن يبحث عن أغلبيته بالفتيلة والقنديل كما يقال في الكلام الدارج على لسان المغاربة.
قال بنكيران إنه لم يتصل به أحد. من يريد أن يتصل به؟ المعنيون بملف تشكيل الحكومة كانوا منهمكين في ملف أصعب. كانوا يصلون الليل بالنهار من أجل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي كموضوع حاسم في تاريخ المغرب يستدعي كثيرا من التضحية من قبل الأحزاب السياسية. لكن حزب بنكيران لا يعرف معنى التضحية من أجل الوطن.
ما ذا قدم الحزب الإسلامي من أجل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؟ الحزب كان بصيغة أو أخرى يعرقل الإجراءات المصاحبة للعودة فقط لأن بعض خصومه السياسيين يعتبرون جزءا من هذه العملية لأنهم يشرفون على قطاعات مهمة.
كان بنكيران ينتظر أن تضع الدولة والمؤسسات والمسؤولون كل هذا الملف وتؤجله إلى وقت آخر "لا زربة على إصلاح" وتتصل ببنكيران تترجاه كي يشكل الحكومة.
العودة إلى الاتحاد الإفريقي موضوع استراتيجي لا يقبل التأجيل دقيقة واحدة، كما لا يقبل التشويش عليه بالمساومات السياسية والمشاكسات الحزبية، ولا يقبل أن يركب موجته من لا يضع مصلحة الوطن أولى أولوياته مثلما فعل عبد الرحمن اليوسفي أطال الله عمره، الزعيم الاتحادي ومثلما فعل علي يعتة، الزعيم الشيوعي الراحل، وعبد الرحيم بوعبيد، الذين كانوا يضعون خلافاتهم مع النظام ويجوبون العالم مدافعين عن قضية الصحراء.
اليوم لدينا رئيس حكومة معين يجلس في بيته في وقت يعيش العالم فورة بمناسبة عودة المغرب إلى المنظمة القارية الاتحاد الإفريقي. وهي عودة تعتبر تتويجا لمجهود جبار من الديبلوماسية الصبورة. رئيس الحكومة المعين يمكن أن يقدم الحساب عما فعله في هذا الاتجاه؟ هل اتصل بنظرائه الإسلاميين الأفارقة خصوصا وأن منتدى الوسطية لإفريقيا يتخذ من المغرب مقرا؟
كان مفروضا في بنكيران ألا ينتظر ولكن أن يبادر. وأن يضع نصب عينيه التوجه الإفريقي للمغرب ويبحث عن الأحزاب التي تتوفر على كفاءات قادرة على الانخراط في هذا التوجه. استراتيجية المغرب في إفريقيا تتطلب بروفايلات دقيقة لمسايرة المرحلة وليس وزراء يعدلون كفة الحزب حتى لو كانوا لا يعرفون شيئا.
ما دام بنكيران لا يعرف مصلحة الوطن أو يعرفها ويضع مصلحة حزبه هي الأولى فلن ينتظر هو كثيرا ولكن المغاربة هم من سينتظر.
صاحب المقال : Annahar almaghribiya