خصصت مجلة "جون أفريك" جانبا مهما من عددها الأخير لكواليس عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، بما في ذلك افتتاحية العدد التي كتبها فرانسوا سودان.
وقد تطرق سودان للمناورة التي حبكتها دلاميني زوما، الرئيسة السابقة لمفوضية الاتحاد الإفريقي، لعرقلة عودة المغرب بعرضها على الرؤساء الأفارقة رأيا "قانونيا" تكلفت بقراءته مساعدتها الأنغولية بحماس، وهو رأي ينطوي على تحامل حسب الفقرات التي نقلتها افتتاحية سودان ويصب كله في اتجاه العرقلة الكاملة وليس التأخير فقط، وهو ما انتبه إليه الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي ورئيس غينيا ألفا كوندي الذي طلب من المستشارة القانونية أن تغادر وأن لا تعود إلى قاعة الاجتماعات.
وأورد سودان أن 29 رئيس دولة ومن يمثلونهم طلبوا الكلمة، من بينهم العشرة المناوئين للمغرب و19 من المساندين المتحمسين لاستعادة المغرب لمكانه في المنظمة القارية، وتقدم المتكلمين العجوز روبرت موغابي، رئيس موزامبيق مدى الحياة، ثم الرئيس الجنوب-إفريقي جاكوب زوما ودولتين أخريين من جنوب القارة فالوزير الأول الجزائري..
ومما أورده سودان أن سلال، المعروف بخرجاته المضحكة، لم يكتف بترديد الأسطوانة المشروخة التي بدأها صاحبه موغابي، بل أعطى لنفسه الحق في إملاء ما يريده في الدستور المغربي، حيث اشترط أن يراجع المغرب الفصل 42 من دستوره وإلغاء التنصيص فيه على أن الملك هو الساهر على وحدة التراب الوطني في حدود المغرب الحقيقية، ومضى إلى حدود طرح إحداث لجنة لمناقشة المغرب في هذا الأمر، وبطبيعة الحال فقد تبعه رئيس الانفصاليين المؤتمر بأمر الجزائر وطرح هو أيضا مراجعة الدستور المغربي (البلاهة هنا بينة).
في المقابل تدخل أصدقاء المغرب لوضع حد لمناورة استعملت القانون ذريعة للوصول إلى هدف سياسي واضح، حيث أشار فرانسوا سودان إلى ما ورد في تدخلاتهم التي عرت تهافت منطق المعادين لعودة المغرب، ونوه بتدخلات الرئيس الرواندي والرئيس السنيغالي والرئيس الكونغولي والرئيس الغابوني، وممثل الرئيس الغيني والوزير الأول الإثيوبي والرئيس القمري. هذا الأخير مضى إلى حد اتهام المعادين للمغرب بالتصرف بازدراء تجاه قرار سبق اتخاذه بالإجماع قبل سنة، بعد جولة النقاش هذه، والتي كانت الجزائر وجنوب إفريقيا، يرغبان إنهاءها بإيصال الأمور إلى الباب المسدود. تصرف الرئيس ألفا كوندي حسب فرانسوا سودان في اتجاه الحسم، فوضع سؤال ما العمل؟ فكان جواب الوزير الأول الجزائري هو الاستنجاد بعجوز إفريقيا، وقيام رئيس جنوب إفريقيا باستفزاز كوندي الذي تصدى له في الحين وألزمه بالاعتذار، حسب سودان، وربما لعب زوما في لحظة انفعال ضد ما كان يهدف إليه بوضع نفسه في موقع دفاعي.
وما سجله سودان هو أنه بعد تسجيل كوندي لوضعية القاعة، وللمتدخلين ومن امتنعوا عن التدخل، ويتعلق الأمر بموريتانيا والنيجر ومالي وتشاد جيران الجزائر(الذين يعرفون أن النظام الجزائري قادر على إلحاق الأذى ببلدانهم)، انتقل رئيس القمة إلى اتخاذ القرار الذي كان يصب في مصلحة عودة المغرب، ولتجنيب الأقلية الحرج أمام أغلبية واضحة اعترف بها زوما في تدخله، طرح ألفا كوندي تجنب التصويت واعتماد التوافق، فكان التصفيق وانتهى الأمر، لأن الأغلبية الساحقة كانت قد عبرت بطريقة مسطرية عن مساندتها لعودة المغرب، بينما هذه العودة لم تكن تتطلب إلا أغلبية بسيطة.
وأنهى سودان افتتاحيته بهذه الفقرة "في اليوم الموالي، اليوم الأخير من يناير، استقبلت العائلة في حضنها في جو مفعم بالتأثر ملكا كان عمره 21 سنة حين قرر أبوه مغادرتها."
وقد خصص العدد الجديد من مجلة "جون أفريك" تغطية شاملة لهذه العودة ولأشغال القمة التي جعلتها عودة المغرب تحظى بمتابعة غير مسبوقة من طرف وسائل الإعلام الدولية، لأن هذه العودة كانت الحدث الأبرز بالنظر إلى كون المعادين للمغرب كانوا يوحون بأنهم قادرين على عرقلتها وعلى تعريض المغرب للإهانة ففشلوا فشلا ذريعا، لأن العمل الكبير الذي قام به الملك محمد السادس مند سنوات، ووصل إلى السرعة القصوى في السنة الماضية كان قد أعطى أكله، لأنه عمل مبني على المنطق والعقلانية وهدفه الدفاع عن حق وعن وطن في إطار منظور مفتوح على المستقبل الإفريقي.