من حق الشعب الجزائري أن يخرج للشارع من أجل تحسين وضعه الاجتماعي عامة .. من حقه أن يتظاهر من أجل إصلاح الوضع السياسي والاجتماعي عامة في الجزائر ، ومن حقه أن يربط بين وضعه السياسي والاجتماعي وبين سوء الاختيارات الكبرى لحكامه من أهل الكهف طيلة 54 سنة ، لكن الشعب الجزائري إذا لم يربط فورا بين الحالة العامة التي تعيشها الجزائر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبين احتضان سرطان البوليساريو فإن أوضاعه ستتفاقم إلى ما لا نهاية .... ( بركات )...بركات من المراوغة والدوران حول الحل دون الذهاب مباشرة لاجتثات السرطان من جذوره ، بركات من محاولة البحث عن علاج أعراض مرض التخلف العام في الجزائر والتغاضي عن الذهاب مباشرة إلى المرض مباشرة وهو احتضان فيروس البوليسايو ... بركات ...يجب طرد هذا السرطان من الجزائر والبحث مع المغرب بهدوء عن حل لتفكيك عصابة تستوحش كلما حلت بها الهزائم المتتالية ، وسيكون الشعب الجزائري هو المتضرر الأول من تغول البوليساريو في الأرض الجزائرية كما سيكون المستفيد الأول والأخير من طرده من أرض الجزائر ... لماذا نقول هذا الكلام ؟ لأننا نكذب على أنفسنا إذا بررنا تخلف الجزائر وضياع أموالها في شيء آخر غير افتعال قضية الصحراء مع المغرب التي أتت على الأخضر واليابس في الجزائر ، بينما كان استفزاز الجزائر للمغرب حافزا له ليبدع حلولا سياسية واقتصادية ضرب بها عصفورين بحجر واحد : الأول التلاحم حول عقيدة واحدة الشعب المغربي كله على استعداد للموت من أجلها ، الثاني ابتكار حلول اقتصادية وتجارية جعلت المغرب من بين دول الصف الأول من حيث التنمية على الصعيد الإفريقي .
فهل الشعب الجزائري على استعداد ليموت من أجل قضية البوليساريو ؟
وما هي حالة الجزائر النفطية والغازية بعد 42 سنة من معاكسة المغرب في حقوقه ؟
أولا : لم يعد المغرب هو مغرب 1984 ولم تبقى الجزائر كما كانت :
تتغافل صحافة الاستحمار الجزائرية أن المغرب وحلفاءه في الاتحاد الإفريقي لن يتعاملوا مع الكيان السرطاني للبوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي كما تعاملوا معه في عصر أدم كودجو وهذا هو جوهر المشكل الذي يؤرق أهل الكهف الحاكمين في الجزائر . فهم يعرفون أن الذين كانوا سببا بالأمس في إقحام البوليساريو في المنظمة الإفريقية ليسوا هم الذين دافعوا اليوم من أجل إعادة المغرب إلى مقعده الطبيعي في القارة ، ثم إن المغرب ليس هو نفسه عام 1984 الذي كان في ذلك الوقت يكافح من أجل تثبيت وجوده في الصحراء المغربية ، المغرب اليوم حسم أمر وجوده عسكريا في الصحراء ثم إنه أصبح قوة اقتصادية إفريقية تحتل المرتبة الثانية في الاستثمارات داخل إفريقيا وربما أصبح هو الأول لأن جنوب إفريقيا انتهى أمرها وبدأ العد العكسي للسقوط نحو الهاوية بعد هزيمة دلاميني زوما التي كانت تتخذ من قضة البوليساريو عكازا تتكيء عليه لتصعد إلى كرسي الرئاسة في بلادها .
ثانيا : للمرة المليار حل قضية الصحراء بيد الشعب الجزائري ... بركات :
يجب على الشعب الجزائري أن يقلب منهجية صراعه من أجل حل مشاكله السياسية والاقتصادية والاجتماعية التنموية مع حكامه ، فبدل أن تصبج قضية الصحراء " تكتيكا " في صراعه مع السلطة في الجزائر ، أي تبقى قضية الصحراء عامل شد وجذب مع سكان قصر المرادية ، فبعد الدرس الإفريقي يجب عليه أن يضع التخلص من البوليساريو كاستراتيجية بعيدة المدى ليتحرر من عبء غير واقعي قياسا لمشاكل العالم عامة ومشاكل القارة الإفريقية بالخصوص ، إن عقلية بوتفليقة ولعمامرة ولمساهل التي لم تتخلص من عُقَدِ الستينات من القرن الماضي هي التي ستبقى عامل شد للوراء بل عاملا ( عائقا ) كما يعبر عنه بوتفليقة شكلا ومضمونا ، فقياسا للمشاكل التي يعيشها العالم اليوم ماذا تمثل قضية البوليساريو للعالم ؟ لا شيء ... إنها قضية منسية دوليا بل افتضح أمر الحركي الحاكم في الجزائر اليوم بأنها كانت قضية جزائرية جزائرية داخلية فقط لاغير ، بها يقيس النظام الجزائري مقدار الولاء للسلطة في الجزائر ... فأي ديمقراطية هذه ؟ شعب الجزائر تحكمه عصابة تسكن في الرابوني يقاس بها مدى ولائه للحركي الحاكم في الجزائر والشعب الجزائري يناضل – عبثا - في شوارع الجزائر العاصمة من أجل لقمة عيش كريمة ، في حين أن الذي يمسك بمصيره هناك في تندوف !!!
ثالثا : رغم قوة صدمة الجدار الصخري الإفريقي لم يستيقظ بعد حكام الجزائر
مرض حكام الجزائر بتضخم الأنا والجهل وعمى البصيرة والتعالي واحتقار الآخرين وتبخيس أعمالهم جعلهم طيلة 54 سنة ينظرون للأمور بشكل مختلف ، حيث عاشوا يضللون الشعب الجزائري ويخدعونه بتسليط وسائل الإعلام الجهنمية عليه ، تلك الوسائل التي تقلب الحقائق وتحكم على الأشياء بطريقة خاطئة ، وسائل ينفقون عليها مئات آلاف الملايير من دولارات خيرات الشعب الجزائري ومع ذلك يتمسكون بالأباطيل ويدفعون غيرهم من الأفارقة للتمسك بها ، والغريب أنه ورغم هزائمهم النكراء المتتالية ( اكتساح المغرب لدول إفريقيا اقتصاديا - فضيحة منتدى الاستثمار الجزائري الإفريقي – عودة سلال من الخليج بخفي حنين – عودة المغرب للاتحاد الإفريقي عودة الفاتحين – استمرار مفاجئات المغرب التي لا تنتهي آخرها توقيع مشاريع استثماراتية مع جنوب السودان الخ الخ الخ ..والقادم يعلمه الله ) ... كل ذلك ولا تزال وسائل البروباغاندا الجزائرية وربيبتها للبوليساريو تلوك مصطلحات عفا عليها الزمن من مثل ( المخزن – المخدرات – المغاربة عبيد المخزن الخ الخ الخ ) ... رغم كل ذلك ونسمع وزير الشؤون المغاربية والإتحاد الافريقي و جامعة الدول العربية والمسؤول عن تقرير مصائر شعوب العالم المدعو عبد القادر مساهل الجزائري يقول : " إن انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي يعد انتصارا كبيرا للقضية الصحراوية " ... كما أن سفير البوليساريو في الجزائر المدعو بشرايا يصرح : " لقد انتصرنا.. المغرب لم يطلب إخراجنا وقَبِلَ الإنضمام دون شروط”......
لكن بعض وسائل الإعلام المحسوبة على البوليساريو تكتب عناوين تُعَبِّر عن الهلع الصيني الذي أصاب البوليساريو وصنيتعهم الجزائر مثلا نجد في صحافتهم العناوين التالية :
* حجم تغلغل العدو في القارة الافريقية، يكذب تصريحات القيادة الصحراوية.
* كيف ستسوق القيادة الصحراوية الخيبة الإفريقية ؟؟
* حزب مانديلا يعتبر دخول المغرب للاتحاد الافريقي انتكاسة كبيرة لنضال الشعب الصحراوي.
* ما هي نية المغرب من وراء إنضمامه إلى الإتحاد الأفريقي ؟
لقد استيقظ الأفارقة - إلا الشعب الجزائري - وقرروا مصيرهم بتبني السياسة الواقعية التي قطعت مع تخاريف نهاية الستينات من القرن الماضي التي استغلها حكام الجزائر وباعوا أثناء تلك الفترة كل شيء من أجل نشرالأباطيل بما فيها مبادئ الثورة الجزائرية ، باعوها في سوق النخاسة الإفريقية لحكام أفارقة خرجوا للتو من أدغال إفريقيا ، في 2017 استيقظ الأفارقة وصفعوا حكام الجزائر صفعة جاءت بعد صفعة الاتحاد الأوروبي وقبلها القنبلة النووية التي نزلت على حكام الجزائر من الرياض والتي اعترف فيها مجلس التعاون الخليجي بمغربية الصحراء ، واليوم فهذه 39 دولة إفريقية من أصل 54 دولة تقول علانية :" بركات من تخاريف حكام الجزائر وانتهى عصر النخاسة الجزائري الذي استغل فيه الحركي الحاكم في الجزائر شرف المجاهدين الجزائريين وباعوه رخيصا لعديمي الذمة من بعض القادة الأفارقة " .. ومع ذلك نجد من يكذب على نفسه من حكام الجزائر والبوليساريو ويقول : " إن المغرب قد اعترف بالبوليساريو حينما عاد للاتحاد الإفريقي ، السؤال : ألا نستشعر الفرح في كلام أن سفير البوليساريو في الجزائر المدعو بشرايا وهو يصرح : " لقد انتصرنا.. المغرب لم يطلب إخراجنا وقَبِلَ الإنضمام دون شروط...”. لقد كان المسكين مرعوبا هو وحكام الجزائر من ضربة إجماع إفريقية على ربط عودة المغرب بطرد البوليساريو ، وقد كان ذلك ممكنا جدا بالنظر لإصرار حكماء إفريقيا على تمريغ أنوف حكام الجزائر وجنوب إفريقيا ، ألم يتساءل موقع للبوليساريو قائلا : " ما هي نية المغرب من وراء إنضمامه إلى الإتحاد الأفريقي ؟... لا يزال الرعب يتملك الجزائر والبوليساريو من هدف عودة المغرب للاتحاد الإفريقي .
رابعا : لن يعود البوليساريو بعد اليوم دويلة داخل الاتحاد الإفريقي أبدا:
بعد عودة المغرب لمكانه الطبيعي في الاتحاد الإفريقي سيصبح البوليساريو مجرد حركة تبحث لنفسها عن هوية ومكان لأن الدول الإفريقية أدركت - بعد انقراض جيل روبرت موغابي وبوتفليقة - أن عشرات الآلاف من مثل هذه الحركات تنبت في إفريقيا كالفطر إذا فُـتِحَ لها باب الالتحاق بالاتحاد الإفريقي سيكون عددها أكثر من الدول الإفريقية الأصلية ( ويكفي أن ينظر حكام الجزائر إلى جوانبهم داخليا ليروا من أمثالها العدد الكثير ) ... لن يصدق أحد أن المغرب قد اعترف بالبوليساريو بعد عودته للاتحاد الإفريقي خاصة وأن البوليساريو اليوم سيعود لحجمه الطبيعي أي بعد صفعة 39 دولة إفريقية التي ركلته ....( الحقيقة أنه إجماع إفريقي على نبذ هذا الكيان )... لن يعود البوليساريو بعد اليوم دويلة داخل الاتحاد الإفريقي أبدا ، بل سيبقى مجرد مجموعة بشرية متمردة على الحكم المركزي المغربي وتريد حلا ، إن وضع البوليساريو اليوم سيكون لا هو دويلة ولا هو حركة انفصالية ، بل سيكون حجمه الحقيقي هو كيان طفيلي ستدخله سكرات الموت ويحتضر ليموت ببطء ..
خامسا : هل سيترك الشعب الجزائري حكامه ليعيدوا افتعال الأزمات مع المغرب ؟ :
هل يقبل الشعب الجزائري لنفسه أن يترك حكامه يعيدون مرة أخرى كل المراحل التي مرت منها الجزائر مع المغرب منذ 1975 والتي أوصلت الجزائر – طيلة 42 سنة - لهذه الكارثة الاقتصادية والاجتماعية ؟ أي هل يقبل الشعب الجزائري لنفسه أن يترك حكامه يدخلون مرة أخرى مع المغرب ومن جديد في لعبة الشد والجذب ويعيدوا افتعال الأزمات مع المغرب من البداية ؟ مع العلم أن جزائر 2017 لم تعد هي الجزائر التي كان وزيرها في الخارجية الشاب الوسيم بوتفليقة يتنقل عبر الطائرات حاملا معه حقائب الدولار الدبلوماسية يوزعها على أعداء الشعوب الإفريقية والعربية حتى نجح في جعل قضية الصحراء قضية وطنية جزائرية على حساب القضية الفلسطينية ؟ ألم يستوعب الشعب الجزائري درس الشعوب الإفريقية التي تخلت عن الجزائر ؟
عود على بدء :
إذا اختار الشعب الجزائري الذي تصل نسبة الشباب فيه إلى أكثر من 45 % أن يبقى ألعوبة بيد جنرالات الجزائر والشياتة والمتسيسين من خريجي تربية المواخير في الجزائر الذين يحشرون أنوفهم في كل قذارة العفونة الفكرية التي تنتمي لعصر الحرب الباردة ، والتي تتجلى في التمسك باستراتيجية العداء لليد الخارجية الوحيدة وهي المغرب بــ :
* الاستمرار في افتعال الأزمات الصبيانية التافهة مع المغرب .
* تبخيس الدرس الإفريقي ، بل تبخيس الصفعة الإفريقية التي جاءت بإجماع الدول الإفريقية على أن الجزائر كانت على خاطإ طيلة 42 سنة
* تبخيس الدرس الإفريقي الذي أكد حجم تغلغل المغرب اقتصاديا في القارة الإفريقية ، وهذا بشهادة البوليساريو عندما انبهروا للمفاجأة التي أسقطت القناع عن ترهل وفشل المخابرات الجزائرية بقيادة طرطاق ولعمامرة وبنت لعمامرة .
إذا قبل الشعب الجزائري واختار لنفسه أن يبقى ألعوبة بيد الشياتة والجنرالات الجهلة فإن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه ولكن في غير صالح الشعب الجزائري لأن الجزائر قد سقطت وانتهى أمرها وعاد المغرب إلى صف حكماء إفريقيا بعد أن قدموا ثمنا غاليا من أجل تثبيت دعائم الديمقراطية في بلدانهم ...
لن أستغرب أن يطلق أساتذة جامعة بومرداس اسم " روبرت موغابي " على جامعتهم بعد موته ، وستكون حقا اسما على مسمى ...
ليكون أساتذة جامعة بومرداس شجعانا ولو مرة واحدة في تاريخ وجودهم وينتحروا انتحارا جماعيا قد يدخلهم تاريخ الطوائف البدائية التي تظل منحطة التفكير إلى الأبد ... على الأقل سيكون لها ما يميزها عن غيرها ... أليس للجهلاء رموزا ، وإلا لماذا تركوا الجزائر تسير إلى الهاوية الاقتصادية ونزلزا مع البوليساريو يجمعون معهم نفايات شواطئ مدينة بومرداس ملوحين بشارات النصر !!!!
سمير كرم